لأنه (أبو جهاد) بالذات -والآن تحديداً
د. أنيس الأصبحي
إن زيارة وفد سياحي من الكيان الإسرائيلي لتونس وتحت حماية الحكومة التونسية هي جزء من التطبيع مع الكيان ومن ضمن زيارته ولها معنى وهدف ودلالة عندما خصص بذلك زيارته لمنزل الشهيد خليل الوزير أبو جهاد وفي الذكرى الـ 31 لاستشهاده.
ففي16 إبريل 1988م ترجل أمير الشهداء الراحل خليل الوزير أبو جهاد شهيداً في تونس على يد فرق الاغتيال والموت الإسرائيلي، “أبو جهاد” كان مهندس الانتفاضة الأولى- انتفاضة الحجر-، وهو الذي كرس حياته لقضية الشعب الفلسطيني والنضال في سبيل حريته، فأبو جهاد حتى لحظة اغتياله كان حريصاً على متابعة تطورات الانتفاضة الفلسطينية، وهو في منفاه القسري لم يكن بالمتابع للأحداث في الأراضي المحتلة فقط، بل لعب دور القائد والموجه والمحرك والمحرض، يتابع أدق تفاصيل العمل الانتفاضي في الأرض المحتلة، من حيث تشكيل وتوجيه القيادة الوطنية الموحدة واللجان الشعبية والقوات الضاربة، وهو أحد قادة معارك الصمود في بيروت إبان الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982م، حيث كان صموداً غير مسبوق من قبل المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية لمدة 88 يوما في وجه أعتى آلة حرب عسكرية في الشرق الأوسط، بدون حاضنة ودعم عربي، بل لا نبالغ إذا ما تحدثنا عن خذلان وتآمر عربي على الثورة الفلسطينية في حينه.
ابو جهاد، اسمه الحقيقي خليل الوزير (ولد سنة 1935م في بلدة الرملة الفلسطينية). قيادي سياسي وعسكري فلسطيني. ساهم سنة 1963م في تأسيس حركة «فتح» مع ياسر عرفات في الكويت. تولى المسؤولية العمليات في الأراضي المحتلة، وساهم في الدفاع عن بيروت إبان الغزو «الإسرائيلي» للبنان سنة 1982م. لعب دوراً مهما في الانتفاضة الفلسطينية الأولى. اغتاله «الإسرائيليون» في مقر إقامته في الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية عن طريق عملية كومندوز في أبريل 1988م.
ولد القائد خليل إبراهيم محمود الوزير المعروف بـ «أبو جهاد» في نهاية عام 1935م في بلدة الرملة بفلسطين، وغادر بلدته – الرملة – إلى غزة إثر حرب 1948م مع أفراد عائلته.
درس أبو جهاد في جامعة الإسكندرية ،انتقل ليعمل مدرسا في السعودية واقل من عام قامت المهلكة بطرده ومن السعودية توجه إلى الكويت، حيث ظل بها حتى عام 1963م. وهناك تعرف على ياسر عرفات وشارك معه في تأسيس حركة «فتح».
في عام 1963م غادر الكويت إلى الجزائر حيث سمحت السلطات الجزائرية بافتتاح أول مكتب لحركة «فتح» وتولى أبو جهاد مسؤولية ذلك المكتب. كما حصل خلال هذه المدة على إذن من السلطات بالسماح لكوادر الحركة بالاشتراك في دورات عسكرية وإقامة معسكر تدريب للفلسطينيين الموجودين على أرض الجزائر.
وفي عام 1965م غادر الجزائر إلى دمشق حيث أقام مقر القيادة العسكرية، وكلف بالعلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين، كما شارك في حرب 1967م وقام بتوجيه عمليات عسكرية ضد الجيش الصهيوني في منطقة الجليل الأعلى.
وقد تولى بعد ذلك المسؤولية عن القطاع الغربي في حركة «فتح»، وهو القطاع الذي كان يدير العمليات في الأراضي المحتلة. وخلال توليه قيادة هذا القطاع في الفترة من 76 – 1982م عكف على تطوير القدرات القتالية لقوات الثورة، كما كان له دور بارز في قيادة معركة الصمود في بيروت عام 1982م والتي استمرت 88 يومًا خلال الغزو الصهيوني للبنان.
تقلد أبو جهاد العديد من المناصب خلال حياته ، فقد كان أحد أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، وعضو المجلس العسكري الأعلى للثورة، وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ونائب القائد العام لقوات الثورة.
ويعتبر أبو جهاد – رحمه الله – أحد مهندسي الانتفاضة وواحدًا من أشد القادة المتحمسين لها، ومن أقواله:
“إن الانتفاضة قرار دائم وممارسة يومية تعكس أصالة شعب فلسطين وتواصله التاريخي المتجدد”.
ومنها : “لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة”.
وقوله : “إن مصير الاحتلال يتحدد على أرض فلسطين وحدها وليس على طاولة المفاوضات”.
كما كان يقول :” لماذا لا نفاوض ونحن نقاتل؟”
ويرى “إن كل مكسب ينتزع من الاحتلال هو مسمار جديد في نعشه”.
وقال” لنستمر في الهجوم حتى لا نسمح لأحد بالالتفاف على انتفاضتنا او تطويقها ولا يمكن أن نكرر تاريخ الندم المشؤوم الذي وجهه الحكام العرب لشعبنا في 1936م لإنهاء الانتفاضة والاضراب العام، ولنستمر في الهجوم حتى نعري عدونا ونسقط الورقة الأخيرة التي تستر عورته فيغدو عارا على أصدقائه وعبئاً ثقيلاً على حلفائه، ولنستمر في الهجوم حتى نجد الإدارة الأمريكية تكف عن المراوغة والتسويف والمماطلة والرضوخ لمطالبنا والاعتراف بحقوقنا عمليا وننقل المعركة إلى قلب عدونا ونفشل كل تحركاته ودور اللوبي اليهودي الصهيوني في امريكا وأوروبا”
اغتيال خليل الوزير
شعر الكيان الصهيوني بخطورة الرجل لما يحمله من أفكار ولما قام به من عمليات جريئة ضد الاحتلال؛ فقرر هذا الكيان التخلص من هذا الكابوس المتمثل في أبو جهاد، وفي 16/4/1988م ، حيث قامت عصابات الغدر الصهيونية بعملية اغتيال رخيصة كلفتهم ملايين الدولارات، وفي ليلة الاغتيال تم إنزال 20 عنصرًا مدربًا من عصابات الإجرام الصهيوني من أربع سفن وغواصتين وزوارق مطاطية وطائرتين عموديتين للمساندة على شاطئ الرواد قرب ميناء قرطاجة، وبعد مجيء خليل الوزير إلى بيته كانت اتصالات عملاء الموساد على الأرض تنقل الأخبار، فتوجهت هذه القوة الكبيرة إلى منزله فقتلت الحراس وتوجهت إلى غرفته، فلما شعر بالضجة في المنزل رفع مسدسه ووضع يده على الزناد لكن رصاصات الغدر الصهيونية كانت أسرع إلى جسده، فاستقرت به سبعون رصاصة ليلقى ربه في نفس اللحظة، فرحمه الله رحمة واسعة.