عبد العزيز البغدادي
يبدو أن الشعب السوداني بهدوئه المزمجر بات على أبواب الحرية ولهذا رأينا ركام المستبدين يتوزع مهام محاولة الإجهاز على شرارة الثورة خوفاً من انتشار العدوى إلى الملكيات والملكيات المجاورة !.
من الواضح أن هذا الشعب أذكى وأنضج تجربة مما يتوقع رموز أعداء الحرية رغم النشاط المحموم لقوى الاستبداد والفساد من العسكرتاريا المحلية والمجاورة يمولها الصندوق السعودي الإماراتي لدعم الفساد والاستبداد والإرهاب ، هذه القوى في سباق مع الزمن الأشبه بسباق الجريمة مع تطور وسائل كشفها وضبطها كما تقول نظريات علم الإجرام والعقاب !.
ولذلك فقد حاولوا اختطاف الثورة ابتداء من تشكيل مجلس من تلاميذ البشير وأقذر أدواته ، ليعلنوا انضمامهم إلى الثورة والتحفظ على رأسهم الذي أسموه رأس النظام في مكان آمن ولكن دون أن يطلق ثوار السودان الصرخة التي لا يزال صداها يدوي في الأسماع (حيا بُهم حيّا بُهم) !.
وأخذوا يطلقون التصريحات المؤيدة في الظاهر لما أسموه ثورة الشباب تماماً كما فعل من قبلهم من المنضمين إلى الثورات التي امتطاها من قبل أعتى عتاولة الفساد حين انضموا إلى ثورة شباب اليمن في فبراير 2011م بعد المشاركة في مجزرة جمعة الكرامة !، وغيرها من الكرامات السرية والمعلنة !، النسخة السودانية للانضمام المبارك لثورة الشباب في السودان ان منظمي العسكرتاريا السودانية يمثلهم مجلس وليس فردا وأغلب أعضائه من الشباب المدرب على اختطاف الثورات وليس جنرالاً عجوزاً فاخر السفير السعودي بتهريبه بالطريقة التي نشرها بفيديو جرى توزيعه بنشاط وهمة بهدف إظهار كرم وشهامة المملكة وسفيرها ! مع الجمهوريين الذين ارتعدت فرائصهم خوفا من مصير الجمهورية فلجأت إلى أعتى الملكيات لتدافع عن شرعيتها من تغول الميليشيات الانقلابية !!.
لكن السودانيين كما يبدو استفادوا من تجارب الحالمين بالثورة في كثير من الأقطار العربية ولهذا نراهم متيقظين في حوارهم مع المجلس العسكري الذي لا يرون فيه سوى نُسخ متعددة متحدة من البشير بمكره وفساده ومناوراته وغدره أو قل إن هذا المجلس أشبه بشظايا سامة للبشير الذي عانى السودانيون ثلاثين عاماً من حروبه وبطشه وسيناريوهات حكمه الإرهابي المستبد ولهذا وبعد أن بلغ السيل الزبى باءت كل مناوراته بالفشل منذ اندلاع الثورة ضده في إبريل الماضي 2019م ، الشعب السوداني بوعيه وتجربته أدرك أن المجلس العسكري إنما هو البشير على شكل مجلس عبر عنه الحقد الذي تجلى من خلال هذا الأسلوب الفض القذر في فض الاعتصام بارتكاب مجازر بشعة وصلت ضحاياها إلى لحظة كتابة هذا الموضوع أكثر من مائة شهيد ومئات الجرحى ، مجازر كرامة سبت الكرامة نفذها المجلس العسكري بكل صفاقة وأمام سمع العالم وبصره سبقها ادعاؤه الانضمام لخيار الشعب السوداني في الثورة والتغيير ، سلوك لا تجده الا في العالم المسمى بالعربي الذي تحكمه أجهزة مخابرات رضعت القذارات من ثدي ذات الأجهزة التي لاتزال تدير مموليها وستظل هكذا إلى أن تتغذى الثورات بالوعي إن كان ثمة ثورة واعية في هذا العالم !!!.
أن يركب المستبد الثورة ويعلن انضمامه إليها ضد الاستبداد ويموله الصندوق السعودي الإماراتي لتمويل الإرهاب والاستبداد في الوطن العربي والعالم، هذه كوارث نعيش تفاصيلها كل لحظة داخل أجهزتنا وفي مجتمعاتنا وداخل بيوتنا وفي كل تفاصيل حياتنا ، مال العرب يغتال العروبة ليل نهار يبدده أشباه الرجال والنساء ! في شراء الذمم وسياط الجلادين وصناعة مجالس للقتل والاستبداد للتعويض عن أي حاكم مُستبد معتوه يسقط ، المال العربي يمتطي الرؤوس الأحذية ويجند كل المواهب للوقوف في وجه أي بصيص أمل في الحرية وملاحقة كل دعوة للعدالة لقتلها في المهد ، هذه هي الوظيفة الأساسية للمال المسمى بالعربي أو الخليجي الذي يديره ويديرها سفهاء في مواقع الملوك والحكام ، يشترون به الجنرالات وأعلى الرتب العسكرية والرؤساء والأمراء وحملة الشهادات العلمية أعلاها وأدناها الملكيون والجمهوريون بل ولا تستغرب حين تجد ولي عهد مملكة أو سلطنة يتقدم الصفوف في الدعوة إلى انتخابات نزيهة وشفافة في دولة تدعي الجمهورية بإشرافه ودون تردد لأن ذلك الولي بعد كل هذه الدماء نمت في عقله القناعة الكاملة بأنه وهو الوارث للعرش يرى بأن البلد (س) الذي رعى الثورة المضادة فيه لا يمكن أن يحكم إلا عن طريق الصندوق ، نعم الصندوق وحده طالما كان لصندوق تمويله السيادة عليه والقادر على إنتاج أبشع الرؤساء وأقربهم إلى الملوك إن لم يفُقْهم استبداداً ، أما السودان الشقيق الذي شهد زيارات مكوكية لمندوبي وليي العهد واستدعاء البرهان للمثول أمامهم ثم أمام الأقدم السيسي لتقديم التمام كما يقال بلغة العسكر بتكليفهما ، هذا البلد العربي المهم يريد المال القذر تحويل البشير إلى مجلس مكلف بإخراج مسرحية جديدة بطلها صندوق الانتخابات الملوث لينتح رئيسا دمية جديدا ! يموله صندوق تمويل الاستبداد السعودي الإماراتي لكنني أعتقد أن الشعب السوداني العزيز قد فضح كل مؤامراتهم ومكرهم ودماؤه الزكية ستهزم كل سيوف بغيهم وقد كانت بدايات العصيان المدني آخر المؤشرات على مستوى وعي السودانيين وقدرتهم على تحقيق أهداف ثورتهم !
الأرض المسمدة بدماء الشهداء
تبزغ فيها شجرة الحرية قوية
أصلها ثابت وفرعها في السماء
أوراقها الأحرار وفروعها الثوار