لأكثر من ثلاث سنوات شغلت هذه العصابة- التي أطلق عليها عصابة الرعب شرطة أمانة العاصمة صنعاء وحيرتهم.. بل لقد شكلت قلقاٍ أمنياٍ ورعباٍ حقيقياٍ للطمأنينة والسكينة العامة على مستوى العاصمة وأحيائها بطولها وعرضها وكانت بمثابة الكابوس الرهيب لكثير من المواطنين في أكثر من شارع وحارة.. والقضية برمتها تعد من القضايا الكبيرة والجسيمة المزدوجة وتصنف على أنها مجموعة جرائم ارتكبتها العصابة المذكورة بتفاوت خلال تلك الأعوام الثلاثة أهونها كان إطلاق النار على مواطنين” مغدور بهم” ثم السرقة بالإكراه.. وهناك مابين الأحداث ما هو أغرب وأعنف وأكثر إثارة وغموضاٍ وكذا أكثر مغامرة وتجاوزاٍ للمألوف.. ومع الوقائع والتفاصيل من البداية..
أول بلاغ وصل إلى مركز شرطة علايه وهو أحد المراكز التابعة لمنطقة السبعين جنوب العاصمة كان من مواطن اسمه زين صاحب محل وذلك قبل ثلاث سنوات وهو أي البلاغ عن تعرض المواطن الآنف الذكر إلى اعتداء وتهجم على محله ثم إطلاق النار عليه عدة طلقات من قبل شخص يدعى/ معروف يسكن بنفس الحارة..
ثم تلا هذا البلاغ وصول بلاغ آخر بعد مرور ما يزيد عن شهر إلى المركزوهو من مواطن صاحب بقالة اسمه / يحيى بذات الحارة والبلاغ عن تعرضه للاعتداء عليه بالضرب وإشهار سلاح الجنبية عليه وطعنه بها في ظهره ورجمه في يده وكذا بالتهجم على محل بقالته وتكسير زجاجات المحل وإتلاف الكثير من البضائع بداخله إضافة إلى سرقة جهاز تليفون جوال عليه نوع” نوكيا” وذلك من قبل شخص يدعى/ معروف ومعه ثلاثة أشخاص برفقته أو شركاء له..
وبعد ذلك بحوالي خمسة أشهر وصل بلاغ ثالث إلى مركز شرطة علاية وكان من مواطن اسمه/ فيصل أفاد فيه: أنه تعرض لعملية تهجم واعتداء بالضرب بالصميل حتى أغمي عليه من قبل ثلاثة أشخاص أحدهم يدعى/ معروف ومكان الاعتداء بمنطقة فرزة بير عبيد حزيز وقد قام الجناة المشار إليهم بنهبه وسرقته بالإكراه وأخذ عليه جهاز تليفونه السيار نوع/ حديث وأيضاٍ سلاح مسدس كامل تابع له ومبلغ عشرون ألف ريال كان بحوزته.
فتحركوا من المركز على إثر هذا البلاغ الثالث للمتابعة اغتاظوا كثيراٍ بسببه وكانوا قد قاموا بإجراءاتهم وبدء المتابعة عقب كل من البلاغ الأول والبلاغ الثاني ولكن دون جدوى.. وفي هذا البلاغ الثالث تحمسوا للمتابعة وأصروا على الاستمرار فيها بجدية وكانوا كمن يخوضون معركة تحد عقدوا العزم على اقتحام غمارها والانتصار فيها بحيث ركزوا على المدعو/ معروف الذي ذكر اسمه مع أوصافه في البلاغات الثلاثة واجتهدوا في متابعته مع متابعة الأشخاص الذين معه” شركاؤه” وظلوا كذلك دون توقف حتى تمكنوا بعد مرور عشرة أيام من تاريخ البلاغ الأخير” الثالث” من القبض على المدعو/ معروف والذي كان يشكل الأخطر وزعيم المجموعة والمتهم المطلوب الأول وكان ضبطه وإيصاله للمركز بصعوبة ولقد قاموا في المركز بإجراء فتح المحاضر معه والتحقيقات ثم أحيل بعد استكمال المحاضر والأوليات إلى النيابة المختصة.. ولكن لم يمكث سوى بضعة أشهر ثم افرج عنه وأغلقت ملفات القضايا الثلاث ” السابقة” كأنها لم تكن.. ولم تمر بعدها غير أحد عشرة شهراٍ تقريباٍ حتى وصل إلى مركز الشرطة شابان أحدهما عمره 17عاماٍ والآخر 18 عاماٍ تقدما ببلاغ يفيدان فيه : أنهما يسكنان في دكان بالحارة التي يسكن فيها المدعو/ معروف وتعرضا من قبل هذا الأخير وبجانبه ثلاث أشخاص شركاء له العملية تحرش واعتداء عليهما تحت تهديد السلاح بالقوة وكذلك بإطلاق النار على أكبرهما..
فاهتموا في المركز بما ورد في البلاغ وساروا لمتابعة المتهم المدعو/ معروف وشركائه المتهمين معه ولكن كأنهم فص ملح وذاب فلقد اختفوا ولم يعثر عليهم نهائياٍ.. ومع ذلك استمرت المتابعة وراءهم ولم تتوقف حتى بعد تسعة أسابيع مضت من البلاغ الأخير .. حيث وصل بلاغ جديد للمركز وهو من مواطن قال: أنه يسكن بنطاق المنطقة الساكن بها المدعو معروف .
وأفاد في بلاغه: أن المتهم معروف قام بالتهجم على منزل أخته الكائن بالمنطقة وأنه صادف أن حضر أثناء ما كان المتهم يدق باب منزلها ويسبها و…. فحاول اعتراضه والتفاهم معه لإقصائه عن اعتدائه وتهجمه على أخته ولكن المدعو معروف رد عليه بأن أشهر سلاح مسدسه وأطلق عليه النار منه وأصابه خلال ذلك بطلقة في رجله اليسرى بينما طلقة أخرى أطلقها وقعت على الجدار وهرب عقبها المتهم في حين هو تم إسعافه من قبل بعض اقربائه إلى مستشفى الثورة العام وأجري له الإسعاف والعلاج اللازمين هناك وجاء للإبلاغ بعد تحسن حالته.
ثم بعد هذا بسبعة أشهر وصل بلاغ من مواطن آخر اسمه جهاد إلى المركز ومضمون البلاغ أنه أي المبلغ تعرض للاعتداء والضرب وإشهار الجنبية ثم لإطلاق النار عليه ثلاث طلقات من سلاح مسدس من قبل شخص يدعى معروف.
كما وصل بلاغ لاحق عقب ذلك بخمسة أيام فقط وهو عن قيام المتهم المدعو معروف وبسبب الواقعة الأخيرة بالاعتداء وإطلاق النار على شخصين آخرين هما أب وولده وقد أصيب الابن بضربة دامية فوق عينه اليسرى.
ثم لم يمر غير ثلاثة أسابيع بعد ذلك حتى وصل بلاغ حديث إلى مركز شرطة علاية وهو من مواطن اسمه فهمي صاحب محل ويتضمن البلاغ قيام المدعو معروف مع شخص شريك له بالتهجم على محل المواطن وإقدام المتهم الأول على طعنه (والطعنة جسيمة) في وجهه بالجهة اليسرى وطعنه مرة أخرى في مؤخرته وهذه الطعنة الثانية كانت من قبل شريك المدعو معروف كما قام الأول (المدعو/معروف) في الوقت نفسه بإطلاق النار عليه من مسدسه .. والسبب كان على خلاف بينهما وشخصين آخرين ليست له أية علاقة بهما ولم يكن طرفاٍ في خلافها مع المتهمين المعتدين.
وبعد ذلك بأسبوع مباشرة وصل بلاغان متتاليان إلى المركز .. الأول كان من مواطن صاحب سيارة تاكسي اسمه عمر وهو يفيد عن تعرضه من قبل أربعة أشخاص مجهولين أحدهم أوصافه نفس أوصاف المدعو معروف لعملية استدراج واعتداء وضرب في رأسه وجسمه ثم نهب سيارته بالقوة وذلك بعد أن أخذوه مشواراٍ من شارع تعز وأوصلوه إلى حي الخفجي وهناك قاموا بمفاجأته بالتهجم والاعتداء عليه والضرب ثم استولوا على سيارته ولاذوا بها فارين.
في حين كان البلاغ الثاني بنفس اليوم ومن مواطن صاحب سيارة أخرى أيضاٍ والذي أفاد فيه بأنه كان ماراٍ بسيارته في شارع تعز وكانت السيارة تتقطع من البترول وجاء إليه أربعة أشخاص أوصافهم نفس أوصاف الأشخاص المتهمين في البلاغ السابق وقال له هؤلاء الأشخاص أنهم سوف يساعدونه في دفع السيارة ثم قام ثلاثة منهم بدفعها من الخلف (دهفها) والشخص الرابع منهم ركب إلى جواره في السيارة وخلال ذلك قام هذا الشخص بأخذ تلفونه السيار فسارع هو إلى إمساك يده ولكن الشخص باشره بأن رفع عليه الجنبية وطعنه بها في كتفه في الوقت الذي حمل عليه الثلاثة الآخرون والتفوا لمشاركة رفيقهم وقام الأربعة بأخذ عليه مبلغ عشرين ألف ريال كان في جيبه كما قام أحدهم باطلاق النار من سلاح مسدس وذلك طلقة واحدة في الجو ثم سارعوا بالجري للهروب إلا أنه استطاع حينها التشبث بأحدهم وإمساكه وأثناء ذلك صادف وحضر طقم أو سيارة شرطة وعليها بعض الجنود وكان هذا من حسن حظه والذين قاموا بالالتفاف على الموقف وإيصالهما – أي هو والشخص الممسوك- إلى المركز كما تم إيصال بطاقة شخصية باسم المدعو معروف وقد عثر عليها رجال الشرطة على الأرض في المكان عند حضورهم وكانت قد سقطت على صاحبها بالمكان حين اشتباك المجنى عليه وإياهم قبل هروب الثلاثة منهم وحضور جنود الشرطة واتضح بعد إيصال الشخص «المتهم» الذي تم إمساكه وفتح محضر الاستنطاق معه بالمركز أسماء شركائه الثلاثة الفارين وأولهم المدعو/معروف صاحب البطاقة المعثور عليها والمضبوطة كما أتضح أن المدعو/معروف هو زعيمهم أو الرأس الأكبر فيهم وأنهم يشكلون عصابة هم وآخرون معهم.
ثم بعد هذه الواقعة خفت البلاغات أو توقفت لفترة في الوقت الذي استمرت المتابعة وراء المدعو/معروف وأفراد عصابته الهاربين معه من قبل شرطة المركز ولكن كمن كان هؤلاء يبحثون عن إبرة بين أكوام من القش .. وقد ظهرت استدلالات بما تشير إلى أن أفراد العصابة وزعيمها كانوا من النوع المحترف ويعرفون كيف يتعاملون مع الطرف المضاد والمتمثل في عناصر الشرطة والأمن حيث ثبت لهؤلاء بأن المعلومات كانت تصل إلى أفراد العصابة قبل أن يصلوا إليهم وأن المطلوبين كانوا يختفون من الأماكن التي يتوقعون مجيء رجال الشرطة للبحث عنهم فيها..
وظل الحال كذلك حتى بعد مضي ثمانية أشهر والتي كان وصل على إثرها ذات يوم مواطن إلى مركز علاية وهو يسكن بإحدى الحارات الواقعة بنطاق المركز وأبلغ عن تعرض منزله لإطلاق نار من قبل المدعو/معروف وأفاد بأن السبب هو خلاف بينه والمتهم على قطعة أرض.
ثم تلا بعد ذلك ثلاثة بلاغات متتابعة عن وقوع حوادث وقضايا المتهم فيها المدعو/معروف وعصابته.. وفي هذه الأثناء كان من حسن حظ مركز الشرطة «علاية» أن تعين له مديراٍ جديداٍ بدلاٍ عن السابق وهنا كانت بداية تغيير المعادلة وتغيير مسار اتجاه المركز في البحث والتحري وكذا في طريقة المتابعة للمطلوبين وضبطهم وفي مقدمتهم المتهم/معروف وأفراد عصابته والذين بدأ العد التنازلي لمطاردتهم ومحاصرتهم وكذلك لاختصار المسافة للوصول إليهم وضبطهم وبالأخص زعيم العصابة المدعو/معروف.. وأما مدير مركز علاية الذي تعين حينها حديثاٍ وأستلم زمام الأمور فيه ثم تغيرت المعادلة بعد وجوده فهو الأخ/توفيق الوجيه وهو من الضباط المحنكين والجريئين ومن النوع الذي لا يستهان به.. وبقية الوقائع والأحداث في الحلقة الثانية والأخيرة بعدد الأحد في الأسبوع القادم إن شاء الله تعالى وإلى اللقاء.