المجرمون يستخدمون شفرات ورموزاً لإخفاء الجريمة عن أعين الأدلة الجنائية

الخبير الوطني في أمن المعلومات د. خالد القايفي لـ”الثورة”: يجب التعجيل بإصدار قانون مكافحة جرائم المعلومات

 

 

لقاء/
محمد العزيزي
في الوقت الذي تتقدم فيه ثورة المعلومات والتقنية الحديثة، يقابل ذلك الإنجاز تقدم آخر موازٍ في هذا المجال صيغت باسمه وسمّيت بالجريمة الإلكترونية أو المعلوماتية .. وبالتالي تزايد خط الجريمة الإلكتروني مع تزايد مستخدمي الشبكة العنكبوتية “الإنترنت” التي بدأت وسيلة مبهرة للمعرفة وتبادل المعلومات وسرعان ما تحولت بمرور الوقت إلى وسيلة لارتكاب الجرائم وتعددت صورها وأشكالها ولم تقتصر على اقتحام الشبكات وتخريبها أو سرقة معلومات منها فقط بل ظهرت الجرائم الأخلاقية التي في مقدمتها القرصنة والاختطاف والابتزاز والتزوير في التوقيع الإلكتروني, والاستغلال للأطفال عبر الإنترنت والتجارة غير المشروعة ونشر الأفكار المتطرفة وتجنيد الإرهابيين فضلاً عن سرقة المعلومات الحساسة بشتى أنواعها العسكرية والمالية والاقتصادية والسياسية وغيرها من الجرائم على الشبكة العنكبوتية .
وفي ظل التطورات الهائلة لتكنولوجيا المعلومات ونظراً للعدد الهائل من الأفراد والمؤسسات الذين يرتادون هذه الشبكة فقد أصبح من السهل ارتكاب أبشع الجرائم بحق مرتاديها سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات أو دولاً ومجتمعات بأكملها مثلما حدث مؤخرا من اختراق لشبكات بعض المؤسسات الهامة مثل بعض شركات الاتصالات والبنوك وما حدث في اليمن من سرقة الأموال الخاصة لبعض الشركات وتحويلها إلى بنوك خارج اليمن عبر الانترنت
.. هذه القضية الهامة بكل تساؤلاتها ومخاطرها والجرائم التي قد تترتب عليها وطرق مكافحتها ناقشناها مع استشاري تقنية المعلومات والخبير الوطني في أمن المعلومات المهندس الدكتور خالد القايفي وكانت الحصيلة في محتوى هذا اللقاء:
* هل هناك تعريف محدد لماهية الجرائم الإلكترونية؟
– بداية الجرائم الإلكترونية هي كل فعل أو الامتناع عن فعل نتيجته المباشرة أو غير المباشرة الاعتداء على أمور غير المادية أو المعنوية بالاستعانة بتقنية المعلومات بأشكالها المختلفة وملحقاتها.
وتشمل أي ممارسات غير مشروعة أو نشاط إجرامي يتضمن حاسوباً أو شبكة إلكترونية أو أي نوع من أجهزة الاتصال، وتشمل هذه الجرائم القرصنة الإلكترونية واختراق أجهزة وشبكات الحاسوب والهواتف الذكية بغرض تدمير أو سرقة أو تعديل والتزوير للبيانات والمعلومات المهمة، واستغلال الأطفال، ونشر الفيروسات، الشائعات، الاحتيال باستخدام البطاقات الائتمانية والتجسس والنشاطات التجارية غير القانونية عبر الانترنت وغيرها.
* ماهي خطورة الجرائم الإلكترونية ؟
– تُشكل الجرائم الإلكترونية تحدياً خطيراً لجميع شرائح المجتمع لما لها من مخاطر على الفرد والمجتمع وقد تتسبب بكوارث اجتماعية أو أمنية أو اقتصادية ويزداد خطر هذا النوع من الجرائم بتميزه بعمله بالخفاء وتعدد أشكاله.
وخطورة هذه الظاهرة الإجرامية المستحدثة أن الجريمة يسهل ارتكابها على هذه الأجهزة أو بواسطتها، وأن تنفيذها لا يستغرق غالبا إلا دقائق معدودة، وأحيانا تتم في بضع ثوان، وأن محو آثار الجريمة وإتلاف أدلتها غالباً ما يلجأ إليه الجاني عقب ارتكابه للجريمة، فضلا عن أن مرتكبي هذه الجرائم، وبالذات في مجال الجريمة المنظمة يلجأون إلى تخزين البيانات المتعلقة بأنشطتهم الإجرامية في أنظمة الكترونية مع استخدام شفرات أو رموز سرية لإخفائها عن أعين أجهزة العدالة، مما يثير مشكلات كبيرة في جميع الأدلة الجنائية وإثبات هذه الجرائم قبلهم.
* هل ترتبط الجريمة الإلكترونية بإساءة استخدام الإنترنت أم أن لها أشكالا أخرى؟
– تشير الجرائم الإلكترونية عمومًا إلى أي ممارسات غير مشروعة أو نشاط إجرامي يتضمن حاسوبا أو شبكة إلكترونية أو أي نوع من أجهزة الاتصال بحيث يكون الحاسوب أو شبكة الاتصال وغيرها، المصدر أو الهدف أو مكان الجريمة. ويمكن تعريف الجريمة الإلكترونية على نطاق واسع كأي مخالفة ترتكب ضد أفراد أو جماعات بدافع إجرامي كجنحة تتعلق بالبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، بما في ذلك الوصول غير المشروع أو غير المصرح به للبيانات أو المعلومات، الاعتراض غير القانوني للبيانات عن طريق نقلها من وإلى أي جهاز حاسوب، إدخال بيانات خاطئة أو تغيير البيانات الموجودة والعبث بها كحذفها أو إتلافها، إساءة استخدام الأجهزة والتزوير كسرقة الهوية، وأخيرا الاحتيال الإلكتروني.
* هل هناك تغطية قانونية كافية في التشريع اليمني للجرائم الإلكترونية؟
– لازالت هناك مشكلة في التشريع اليمني وعدم تغطيته كاملة للأفعال والجريمة الالكترونية، وتقف عائقًا أمام تطبيق المبدأ القانوني (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص).
ولازلنا ننتظر إصدار قانون مكافحة جرائم المعلومات وقد سبق ذلك إصدار القانون رقم (40) لسنة (2006م) بشأن انظمة الدفع والعمليات المالية والمصرفية الإلكترونية.
وكذلك موافقة اليمن في11 مايو 2018م على الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات والتي تعتبر ملزمة لجميع الدول العربية وسوف تفصل جميع بنود الاتفاقية في القانون الذي ننتظر صدوره والخاص بمكافحة جرائم المعلومات حيث تم تشكيل لجنة لإعداد قانون مكافحة جرائم المعلومات اليمني وانجزت اللجنة أعمالها وتم تسليم مشروع القانون لمجلس النواب لمناقشته وإقراره وفي حالة إصدار القانون فسوف تزول تلك العوائق القانونية، لأنه كلما كانت العقوبات رادعة قلّت الجريمة ولكن العقوبات الخاصة بالجرائم الإلكترونية في اليمن شبه منعدمة، لأنه لا يوجد قانون يعاقب على ارتكابها, فالفاكس لم يكن معترفاً به كدليل إثبات إلا عندما تم النص على ذلك في القانون, وحتى الآن لم يعترف بالإيميل كوسيلة للإثبات، رغم أن فعل الجريمة كبير ويؤدي إلى عواقب وخيمة تضر الأسرة والمجتمع كله, وللأسف إن القانون الجنائي لا يجوز القياس عليه الأمر الذي يحتم ايضاً التعجيل بإصدار القوانين التي تنافح الجريمة الإلكترونية والتي تنظم اعمال التجارة الإلكترونية وحجية التوقيع الإلكتروني وذلك حتى تواكب التشريعات اليمنية التطور في جرائم العصر، حيث تم تجريم معظم السلوكيات الإلكترونية الحديثة ذات الطابع الإجرامي كالاختراق وإحداث التلف والتغيير وحجب البيانات والتنصت والاستيلاء على الأموال بطرق احتيالية إلكترونية وتجريم المحتويات الإلكترونية الإباحية وغيرها، بالإضافة إلى التأكيد على تجريم من قام بارتكاب أي سلوك في قانون آخر بواسطة نظام أو وسيلة تقنية معلومات.
* هل تعتبر الشائعات جريمة إلكترونية؟ وما هي عقوبة مروجيها؟
– الشائعات المنتشرة إلكترونيا مجرمة في قوانين محافحة الجرائم الإلكترونية في جميع الدول ولاشك ان المشرع اليمني سوف يجرم ذلك لما لها من أضرار وإخلال بالسكينة في المجتمع والضرر على الأفراد والمؤسسات.
* هل حرية التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي مطلقة؟
– يكفل الدستور اليمني بشكل عام الحرية في التعبير ، والعديد من الحريات الأخرى ولكن لكي تكون ممارسة هذه الحرية بمعناها الصحيح، يجب ألا تتجاوز الحدود لتصل لحرية الغير، وقس على ذلك حرية التعبير في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بالإمكان التعبير عن الرأي في أي مسألة ولكن بحدود القانون، ولا يجب أن يبالغ الشخص في حرية الرأي المكفولة ويحولها لجرائم لفظية معاقب عليها في القانون كالتحريض على الكراهية المذهبية والمناطقية والعنصرية ، أو إهانة الهيئات النظامية والقانونية أو حتى السب والقذف للغير أو نشر الشائعات والأخبار الكاذبة.
*كيف نحمي الأطفال من مخاطر الإنترنت؟
– من المهم مراعاة الأطفال للعادات والتقاليد والتقيد بتعاليم الدين الإسلامي وعدم قبول إضافات من مجهولي الهوية، بالإضافة إلى عدم استخدام وفتح الكاميرات أثناء الحديث مع أي شخص دون معرفة صاحب الحساب، كذلك الإشراف العائلي والرقابة على الأطفال من هم دون 18 سنة وذلك لعدم وعيهم الكامل بالعواقب التي قد يتسببون بها لأنفسهم عند إتيانهم لتلك الأعمال، ويفضل تحديد أوقات معينة يقوم فيها الأبناء باستخدام شبكة الانترنت، وأخيرا الحرص على استخدام برامج مكافحة الفيروسات وبرامج الحماية الشخصية حتى لا تتم سرقة أي بيانات خاصة.

قد يعجبك ايضا