اتفاق القوى اليمنية تعثر مع شن العدوان حملته العسكرية على اليمن
العدو يهدف للعودة باليمن إلى تركيبة الوكلاء المحليين للخارج وهذا مستحيل
عبد الحميد الغرباني
شهد العدوان خلال أربع سنوات انكشافا مدويا سقطت معه الأهداف الدعائية التي قدمها على صعيد السياسة ومنها إنجاز تسوية فما الذي يبحث العدوان عن إنجازه في السياسة وهل يبدو ذلك منطقيا مع المتغيرات التي شهدتها الساحة اليمنية ؟ وما فرص نجاح ذلك من منظور الساسة ؟ وما فرص ذلك ؟
قبل أن نجيب عن ما سبق يجدر الإشارة إلى أن تقديم الآلة الإعلامية الخارجية للعدوان على اليمن أداة للتسوية السياسية واستئنافها مجرد دعاية لا يمكن أن تنطلي على أحد أو تنسي الشعب اليمني وغيره أن الأمم المتحدة عقب الأزمة التي صنعتها الاستقالة المفاجئة والمزدوجة للفار هادي وحكومة بحاح ، رعت ستين جلسة حوارية بين الفرقاء اليمنيين لبحث ملء الفراغ الحاصل في مؤسسات الدولة والتوافق على تسوية سياسية شاملة وأن اتفاق القوى اليمنية تعثر مع شن الحملة العسكرية على اليمن والتوصيف للأمم المتحدة وعلى لسان مبعوثها الأسبق إلى اليمن جمال بن عمر في إحاطته الأخيرة التي قدمها لمجلس الأمن في أبريل 2015..
عطل التوافق السياسي الوشيك في المخاض الأخير، على أمل أن ينجز العدوان ما عجزت عنه السياسة والتحايل على تنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية، يقول الكاتب والسياسي محمد المنصور “تحالف العدوان ومنذ لحظاته الأولى يبحث عن استسلام غير مشروط والتسليم بكل اطروحاته وأهدافه المشبوهة في اليمن.. واستعمارها وادخالها في نظام الأقلمة والتفكيك والسيطرة على الأرض ونهب الثروات”.
ويتابع المنصور “العدوان عندما شن كان بهدف الاخضاع والاتباع لا اقل ولا أكثر وبناء على ما تم إنجازه خلال حكم العمالة السابق على صعيد تفكيك الجيش.. واخضاع البنية الاقتصادية للارتهان للخارج وتحويل اليمن سوقا للاستهلاك والحيلولة دون جعل الثروة اليمنية رافدا للتنمية والاقتصاد وفي ظل ارتفاع متصاعد للبطالة والفقر”.
تتشعب أجندات المعتدين في السياسة تماما كما تتزاحم أطماعهم حول ميزات الجغرافيا والثروة، غير أن المتغيرات المراد فرضها في كل ذلك ترتبط بإفراغ تأثير تحولات ميزان القوى يمنيا من منظور أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء.. الدكتور سامي السياغي “أجندات العدوان تريد أن تعدل أمرا قد استقر منذ يوم 21 سبتمبر 2014 محملا بإطار شعبي واسع، لأن توازنات القوى في المجتمعات السياسية وضمن أي حراك سياسي هي من تقرر مسار أي عملية سياسية في المستقبل ومن هنا جرى تعليق تحقيق ذلك بالقوة الصلبة وإعادة التركيبة السياسية السابقة لثورة سبتمبر والعودة باليمن إلى تركيبة الوكلاء المحليين للخارج “.
في الواقع يبدو هذا الهدف صعب المنال ومهمة من المستحيل تنفيذها كما يؤكد ذلك الحراك الشعبي والراي العام الذي تعاظم فيه التحول الشعبي وبشكل كاسح لصالح القوى الوطنية المناهضة للوصاية والاستعمار وللنفوذ الخارجي بل لأبسط مظاهر ذلك وبالتالي فإن مراهنات توظيف القوة لصياغة تسوية على حساب اليمن غير حاسمة.. وغير مجدية.. فلماذا يصر تحالف العدوان على اعادة تدوير الزوايا في اليمن يرد الدكتور السياغي بالقول “هذه القوى العدوانية يهمها مصالحها من جهة.. ومن جهة اخرى يبدو أنها لم تستوعب موجبات التعامل مع التغير المرعب في ميزان القوى الحاصل في اليمن والاستثنائي في إطار حركات التحرر المواجهة لقوى الهيمنة التي شهدها العالم خلال مائة عام” ويضيف السياغي موضحا طبيعة التحول اليمني “تغير ميزان القوى لم يكن نتاجا لحراك سياسي.. بل شعبي اجتماعي قبلي ونخبوي ومشفوع بالتحام لا نظير له ما بين الشعب والقائد الثوري السيد عبد الملك الحوثي وبالتالي فإن بحث تعديل ميزان القوى مهمة مستحيلة”.
مجموعة الازمات الدولية كانت قد أكدت في تقرير سابق لها ضرورة استيعاب المتغيرات الحاصلة في اليمن ودعت الأمم المتحدة إلى “تجاوز قرار مجلس الأمن 2216 نظرا لعدم واقعيته وعقد مفاوضات تتركز حول الاتفاق على قيادة تنفيذية جديدة”.
بيد أن الأمم المتحدة بعد أن تحولت إلى غطاء كامل لاستمرار العدوان على اليمن ومحاولات قسره من جديد على التبعية للخارج، لم تلتفت إلى ذلك وظلت معها قوى العدوان تتمرس بالقرار الدولي وصولا الى العودة باليمن إلى ما يعرف بـ المبادرة الخليجية واهالة التراب على اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي رعته الأمم الدولية وباركه العالم.. وهو ما يعد من منظور المراقبين استهدافا لشراكة اليمنيين و الأسس التي يمكن أن تصل بالصراع الى نقطة الحل السياسي الأولى وفي حالة من انكار مكابر لتغير ميزان القوى وقبل ذلك لاستحقاقات جرى توافق الاطراف اليمنية المختلفة عليها.
على أن الأمر الخطير من منظور السياني هو أن “الإخلال بتركيبة المجتمع اليمني والإخلال بتوازنات القوى فيه لا يخدم مصلحة المملكة العربية السعودية ولا المنطقة”.
أما لماذا الإصرار على تفكيك تركيبة اليمن سياسيا فيأتي ذلك ضمن مشروع الاستعمار المتكامل والتوجه سياسيا لتعطيل التوجه الثوري الساعي لاستعادة الدور الريادي لليمن لحساب الأمة وضد مشاريع الصهيونية، يقول عضو الهيئة العليا لمكافحة الفساد ريدان المتوكل
“دخلنا العام الخامس بزخم شعبي وصمود لافت وانجاز حققه بواسل القوات الامنية في حجور وفي ظل هذه الاندفاعة اليمنية الثابتة والثقة بالله وبالقضية المحقة والعادلة نقول لو وصلنا العام العشرين لن يحقق العدوان مراده، طالما وهناك شعب يستوعب مخططات العدوان التي لا تقتصر على اختطاف اليمن بل منطقتنا العربية لمصلحة الكيان الصهيوني وهذا ما رفضه الشعب اليمني مبكرا”..
وفي سياق بحث مجمل اهداف العدوان سياسيا يتلاقى حديث الضيوف الثلاثة فالسياسي المنصور يؤكد بدوره أن “الإمساك بقرار اليمن وتوجهه السياسي هو المطلوب امريكيا وسعوديا وبهدف إخراجه عن حيز الدور الذي يمكنه أن يلعبه في مواجهة المشاريع المشبوهة في المنطقة وأن يستعيد دوره وعافيته الذي فقدته خلال أربعين سنة من حكم التبعية للسعودية”.
الفرص متاحة لتسوية شاملة
الحل في اليمن لا يمكن إلا أن يكون سياسيا.. كثيرا ما رددت هذه العبارة من قبل وزراء خارجية دول العدوان وقادتها المختلفين وقبلهم الأمم المتحدة لكن الجميع يعمى بل قل يتعامى عن الأرضية الصلبة للحل والتي سبق ورددها المبعوث الدولي الأسبق إلى اليمن هو الشراكة وأن يقرر اليمنيون مصيرهم “إن إعادة العملية السياسية إلى مسارها وتحقيق سلم وأمن مستدامين في اليمن يمر بالضرورة عبر حوار يمني يمني يكون فيه اليمنيون أسياد قرارهم بعيدا عن تدخلات واملاءات خارجية”..
ذاك بن عمر الدبلوماسي الحاذق قد كاشف العالم وفي الشهر الثاني من العدوان بالحل ونقطة انطلاقه الأساسية وسبب تعثره في آن واحد، الدكتور السياني ضمن حديثه يؤكد أن آفاق الحل التفاوضي مفتوحة ويربط إمكانية تسوية سياسية بالشراكة وتصفية التدخل الخارجي يقول “إنجاز الحل وتحقيق السلام في اليمن ليس بذلك التعقيد اليمنيون قادرون على إدارة حوارات يمنية صرفة وما يمنع ذلك هو التدخل السعودي و الإماراتي وتعطيل أي دور أممي قوي ومحايد”.
ويستدرك السياني “لكن ذلك كله بالطبع يرتبط بواشنطن، التعنت الأمريكي الباحث عن تنازلات تعيد اليمن إلى زمن الوصاية وتضمن مصالح له غير مشروعة ولا مقبولة هو ما يعطل السلام ويمنع أي تسوية شاملة وعادلة ومنطقية”..
وفي ظل ذلك ومع التحايل على تنفيذ اتفاق السويد ومحاولة الانقلاب عليه واعطائه تفسيرات تتناقض وروحه وجوهره فإن التسوية السياسية على خرائط قوى التحالف لا تبدو سهلة.. سيما في ظل تقلب حالة الطقس المشترك للغزاة وعدم انقطاع هطول الغارات أمام الحل السياسي هو أبرز سمة لمرحلة ما قبل التفرغ من الجبهات للطاولات، و في انتظار ذلك وانتظار ما سيسفر عنه صراع الإرادات يبقى الثابت أن لليمن نفس طويل يمكنه من كتابة النصر بقلم الميدان أو السياسية..