القمم العربية أداة سعودية!
محمد الوجيه
شهدت تونس أمس الأحد 31 مارس انعقاد القمة العربية في دورتها الثلاثين لكن مصيرها كسابقاتها مليئة بمشاهد النوم والتثاؤب والفشل والكلام المستهلك الذي لا يعبر عن آمال وطموحات الشعوب العربية وإنما أصبحت القمم العربية أداة سعودية مخرجاتها تنطق بلسان آمال وطموحات النظام السعودي وبالتالي نجدها تهلل وتبارك لجرائم هذا النظام في معظم الأقطار العربية والإسلامية.
ضياع القضية المركزية فلسطين مقابل البيانات والتصريحات شديدة اللهجة حول إيران وتحويل الصراع من عربي صهيوني إلى صراع عربي عربي أو عربي إيراني هو ما تقوله مخرجات القمم المتوالية منذ سنوات وبأوامر سعودية.
تأتي قمة تونس بعد تطورين مهمين جدا، هما اعتراف واشنطن بسيادة إسرائيل على الجولان، إضافة إلى قرارها السابق، بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس واعتبار القدس عاصمة لدولة اسرائيل ولا نجد أي تحرك عربي ضد أمريكا واسرائيل على عكس القوّة والسرعة في تشكيل تحالفات عربية لقصف وتدمير بلد عربي بل أصل العرب ومنبع الحضارات اليمن العزيز.
أكثر من سبعين عاما وفلسطين ترزح تحت وطأة الإحتلال والقمم العربية (الأداة السعودية) لا تحرك ساكنا وعندما شنت السعودية عدواناً همجياً ووحشياً بدون أي مبرر أو مسوغ قانوني وإنساني وجدنا القمم العربية تبارك لهذا العدوان بل وصل بها الوقاحة لأن تبارك المجازر بحق الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير البنية التحتية اليمنية والمراكز الحضارية العريقة وتدين اطلاق الصواريخ على العدو السعودي وتعتبر أن ذلك يهدد الأمن القومي العربي.
في ديسمبر من العام 2017 أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وقال «اتخذت قراراً أنه حان الوقت للاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل». ماذا قدمت القمم العربية حيال هذا الموقف؟ وماذا قدمت السعودية الذي يعتبر ملكها نفسه بأنه خادم الحرمين الشريفين؟ لماذا الجرأة بسفك دماء ابناء اليمن الذين ينظرون لفلسطين بأنها قضيتهم المركزية والأولى ونجدهم نعاجاً امام العدو الصهيوني والأمريكي الذي يستبيح الدماء العربية والاسلامية!
بالأمس القريب يعلن ترمب سيادة الكيان الصهيوني على الجولان السورية وكثيرا من المراقبين يبدون تشككا، في تحرك عربي فاعل، قد يترجم إلى أفعال على أرض الواقع، ويرون أن كل هذا الحديث لا يخرج عن نطاق الكلمات، التي تتردد خلال كل قمة عربية، ويستند المتشائمون إلى ردود الفعل العربية، التي تلت اعتراف ترامب بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية، فالطريقة التي أدانت بها الدول العربية اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السورية ، تفضح الحرج والعجز اللذين تعانيهما هذه الدول.
لقد فشلت القمم العربية عاما بعد عام في التصدي لتحديات الشرق الأوسط أو حتى حل الخلافات والنزاعات بين الدول العربية، بل انها فشلت في حل الخلاف الخليجي الخليجي طالما والسعودية تريد معاقبة قطر وفرض مزيد من الحصار عليها، وهذا ما يجعل من القمم العربية لأن تتحول إلى اجتماعات بروتوكولية لا أكثر مغلفة هذه الاجتماعات بتثاؤب الزعماء العرب والنوم العميق، وطالما واصحاب القضايا المحورية في القمم العربية يغطون بالنوم العميق سيكون من ابرز لافتات القمة المقبلة واحدة تقول “ممنوع النوم”، وتوزيع حبوب «منع النوم» على المشاركين في هذه القمم.
صحيح أن الكلمات التي تلقى على مسامع الحضور والمتابعين مملة جدا ومكررة وليس لها أي فاعلية على أرض الواقع وتبعث على التثاؤب ولكن ليس من الصعب ان يصمدوا ويقاوموا النعاس ساعات قليلة تفاديا للإحراج والإهانة، ومن خلال هذه الظاهرة التي اصبحت تتكرر كل عام في القمم العربية يرى البعض ان المصورين الذين يلتقطون مناظر زعماء العرب وهم يغطون في النوم والمخرجين الذي اشرفوا على نقل وقائع البث يستحقون جوائز الأوسكار، لأنهم ابدعوا في توثيق حقيقة الانهيار الذي تعيشه مؤسسة القمة العربية، والجامعة العربية، والعمل العربي المشترك عموما.
قمم عربية ترى أن حماية أمن السعودية هو حماية للأمن القومي العربي ولا تلقي بالاً لملايين الشهداء والجرحى والجوعى والمرضى في العديد من الدول العربية بسبب التدخلات السعودية المباشرة وغير المباشرة كما في اليمن وسوريا والبحرين وغيرها من الدول العربية الأخرى فإنها لا تستحق ان تُتابع ولا تستحق المشاهدة أو الحضور ولا نلوم الزعماء الذين يغيبون عن هذه المهزلة لأن حضورهم مضيعة للوقت والمال.