الجامعة العربية فشلت في صياغة نظرية أمن عربية جامعة ولعبت دروا في شرعنة العدوان
على اليمن الحــــرب عـــلى اليــمن عدوان على الأمن القومي العربي
عباس السيد
اليمن من أكبر دول شبه الجزيرة العربية مساحة وسكانا وأهمها جغرافيا حيث تطل على باب المندب أحد أهم الممرات المائية في العالم، إذ تمر فيه 7 % من الملاحة العالمية . ومضيق باب المندب على ارتباط بقناة السويس ومضيق هرمز. ويمتلك اليمن العديد من الجزر الاستراتيجية في البحر الأحمر والبحر العربي، أهمها جزيرة سقطرى التي تعد ” مفتاح سبعة بحور ” وجزيرة ميون الواقعة في مضيق باب المندب وهي بمثابة المفتاح للبوابة الجنوبية للبحر الأحمر، وكان لها دور هام خلال حرب 1973م، إذ استخدمتها القوات المصرية واليمنية لإغلاق المضيق أمام السفن الإسرائيلية . بالإضافة إلى جزر حنيش وزقر، والأخيرة تتميز بموقعها الذي يتوسط مياه البحر الأحمر وفيها قمة جبلية يصل ارتفاعها إلى نحو 600 متر عن سطح البحر، ويمكن من خلالها مراقبة مساحات واسعة من البحر، كما تشرف جزيرة زقر على الممرين البحريين حولها ـ الممر الشرقي الذي يمر بمحاذاة السواحل السعودية ويصل إلى خليج العقبة، والممر الغربي الذي يمر بمحاذاة السواحل الأفريقية ـ إريتريا، السودان ومصر ويمر نحو قناة السويس.
هذا الموقع الجيواستراتيجي الهام جعل اليمن عرضة للطامعين والغزاة على مر العصور منذ الإمبراطورية الرومانية ، وكانت هذه الأطماع تتجدد باستمرار ، وفي القرن التاسع عشر سعت بريطانيا لتأمين موطئ قدم لها في أقصى الزاوية الجنوبية الغربية للجزيرة العربية ، واحتلت الجنوب اليمني لأكثر من قرن وربع القرن ، وكذلك سعى الاتحاد السوفيتي ابان الحرب الباردة ليكون له موطئ قدم في جنوب اليمن.
ونظرا لأهمية المضيق تحتفظ فرنسا بأكبر قاعدة لها في جيبوتي ، ويوجد للكيان الصهيوني قاعدة بحرية ومطار عسكري في أحدى الجزرالإريترية بالقرب من باب المندب ، كما تمتلك كل الدول الكبرى قطاعات بحرية متفاوتة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.
كل هذه المعطيات تجعل من اليمن دولة مهمة في منظومة الأمن القومي العربي وبالتالي يصبح إخضاعها ضرورة للقوى الاستعمارية والصهيونية ،فهي بمثابة البوابة الجنوبية للوطن العربي ، والسيطرة عليها يسهل التوغل في بقية الأقطار العربية. فاليمن المفكك الى دويلات طائفية وقبلية متناحرة حاجة الاستعمار والصهيونية وليست حاجة عربية إطلاقا ، وقد عاش اليمن التقسيم والحرب الأهلية ولكن هذه الحرب هي الأخطر في تاريخ اليمن لأنها تأتي في سياق حرب شاملة يعيشها الوطن العربي ، وهي في الأساس حاجة استعمارية صهيونية لاستكمال حلقات تفكيك تركة المشروع القومي العربي الذي تكالب عليه الأعداء.
تشويه مفهوم الأمن القومي العربي
بُنيت كل نظريات الأمن القومي العربي منذ حرب 1948 وحتى توقيع معاهدة كامب ديفيد 1979على أن الكيان الصهيوني هو الخطر الأول على الأمة العربية وأمنها القومي وبالتالي كانت فلسطين القضية المركزية وتحريرها على سلم الأولويات، وأن الكيان الصهيوني هو العدو المركزي وأن مهمّة تصفيته كانت دوما على سلم الأولويات لحماية الأمن القومي العربي.
غير أن هذا المعطى تراجع ليحل محل شعار “صراع وجود وليس صراع حدود” شعار “الأرض مقابل السلام” وتراجع التهديد الاستراتيجي والوجودي للأمة العربية المتمثل في الكيان الصهيوني المحتل الى تهديد ثانوي وربما تتقدم عليها بعض الدول العربية وبعض دول الجوارـ وفقا لسياسات بعض الأنظمة العربية ، وخصوصا الأنظمة المهيمنة على جامعة الدول العربية.
فدول الخليج سبق أن صنّفت العراق كتهديد أخطر من اسرائيل وأعطته الاولوية حتى احتلاله وتفكيكه سنة 2003.كما تمثل سوريا عندهم تهديدا مباشرا منذ سنة 2011 وقبلها تم اعتبار المقاومة في لبنان خطرا استراتيجيا يتعين تصفيتها ، ويعتبرون اليمن اليوم على رأس المخاطر التي تهدد الأمن القومي.
هذا ما يؤكد أن بعض القوى العربية دولا وجماعات هي مجرد أدوات لتنفيذ استراتيجية حماية أمن الكيان الصهيوني ومصالح الاستعمار في المنطقة بحيث يتم تصنيف الدول العربية والقوى المناهضة لمشروعهم حسب الخطورة والتعاطي معها في ضوء ذلك.كما أن أدوات العدوان المتمثلة في الرجعية والتكفيرين والاستعمار والصهيونية ترغب في أن تجعل من هذه الحرب حلقة من حلقات الحرب الكونية لتقويض الوجود القومي للأمة العربية. ” 1 ”
استنزاف وابتزاز لدول المنطقة
الحرب على اليمن تأتي أيضا في إطار استنزاف دول المنطقة في صراعات داخلية وإقليمية وإنهاكها عسكريا واقتصاديا عبر ديمومة الصراع والخراب والقتال لا غالب ولا مغلوب وابتزاز الدول الغنية في المنطقة وخصوصا بعد أن وجهت السعودية بوصلتها نحو إيران بدلا من المواجهة مع المشروع الصهيوني.
والأخطر أن هذه الحرب تأتي في سياق مشروع هدم الدولة الوطنية من خلال الصراعات الإثنية والمذهبية والطائفية حتى لا تبقى في المنطقة دولة مركزية قادرة على قيادة أي مشروع نهضة عربية ، وبالنتيجة تحريك عجلة الاقتصاد الأمريكي عبر تدفق الأسلحة وتأمين تدفق النفط، وعلى الأرض اليمنية تواصل قوى العدوان تنفيذ مخطط تفكيك الدولة اليمنية على غرار محاولات تفكيك العراق وليبيا وسوريا وإعادة تركيبها وفقا لاستراتيجيات القوى المتحكمة في أوراق اللعبة في المنطقة.
خسائر السعودية في الحرب على اليمن
تختلف التقديرات بشأن الخسائر السعودية جراء الحرب التي دخلت عامها الرابع دون أفق واضح ، لكن معظم الأرقام والتقديرات تؤكد انعكاساتها السلبية الكبيرة على الاقتصاد السعودي، وبالتالي على الوضع الاجتماعي والسياسي. ووفقا لتقرير صدر حديثا عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ، فإن السعودية تنفق ما يقدر بـ 5 إلى 6 مليارات دولار شهرياً ، وهو مبلغ يفوق بكثير كل التقديرات السابقة.
وقد ازدادت الضغوط على المملكة مع نقل المعارك إلى الداخل السعودي ، وتتسبب الهجمات المتكررة للجيش واللجان الشعبية اليمنية في جيزان وعسير ونجران في نزيف مستمر للقوات السعودية على الصعيد البشري والمادي ، كما كشفت المواجهات في تلك المناطق عن هشاشة الجيش السعودي وضعفه ، الأمر الذي يفقد النظام السعودى مكانته وهيبته ، وهي تسبب حرجا كبيرا لولي العهد محمد بن سلمان، باعتبار اليمن “حربه الخاصة” التي بدأها عندما تسلم منصبه وزيرا للدفاع.
وبناء على هذا الواقع الميداني توقف عمل معظم الشركات الصناعية والتجارية في المنطقة الجنوبية. كما دفعت المواجهات إلى إخلاء عشرات القرى والبلدات ونقل عشرات الآلاف من المناطق الحدودية وإغلاق أكثر من 500 مدرسة، بما يعنيه ذلك من خسائر كبيرة.
وكانت صحيفة واشنطن بوست قد قدرت الخسائر البشرية للمملكة في المناطق الجنوبية بنحو 2500 جندي، و60 ضابط صف ومن الرتب العليا. وأشارت إلى أنه تم تدمير نحو 650 دبابة سعودية بمناطق نجران وجيزان وعسير، ومئات العربات الأخرى.
الاستنزاف المستمر في الحدود الجنوبية للسعودية أو في داخل اليمن رفع بشكل كبير من موازنة التسلح السعودية وجعلها الزبون الأول عالميا، حيث أبرمت العام الماضي صفقة شراء أسلحة مع واشنطن بقيمة 100 مليار دولار وقد تصل إلى 350 مليار دولار خلال عشر سنوات، وصفقات أخرى مع فرنسا وألمانيا والصين وروسيا.
وتستنزف الخسائر العسكرية في اليمن احتياطي الدولة من النقد الأجنبي بشكل غير مسبوق، إذ انخفض إلى 487 مليارا في يوليو2017 بعد أن كان 737 مليار دولار في الفترة نفسها من عام 2014، وزاد الإنفاق العسكري بنحو 22.6 مليار دولار في العام الأول من حرب اليمن، مقارنة بعام 2013.
واعتمدت المملكة على الاقتراض في خطوة نادرة وعلى رفع الضرائب والاتاوات والأسعار والرسوم على العمالة الوافدة، مما أدى إلى متغيرات غير مسبوقة في الحالة الاجتماعية التي ارتبطت أيضا بتحولات دينية وسياسية قادها ولي العهد.
وتشير التقديرات إلى أن النفقات العسكرية تبلغ 83 مليار دولار من الموازنة العامة المقدرة بنحو 261 مليار دولار عام 2018، أي ثلثها، بينما يقدر العجز المتوقع بنحو 52 مليار دولار. ” 2 ”
أمريكا.. اعتراف بالفشل وحسابات مرتبكة
تدرك الولايات المتحدة أن الحرب في اليمن آلت إلى غير ما كان متوقعا لها ، وتبدو حساباتها الراهنة بعد نحو أربع سنوات من الحرب مرتبكة ، ويبدو هذا واضحا من خلال التناقضات في المواقف من الحرب على اليمن بين الإدارة الأمريكية في البيت الأبيض والمشرعين الأمريكيين في الكونجرس بغرفتيه وحزبيه.
معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى نشر تقريرا عن مآلات الحرب على اليمن ، وما ينبغى على واشنطن القيام به. يقول التقرير :
” لا أحد سليم العقل يعتقد أن إطالة الحرب أكثر من الضروري سيفيد الولايات المتحدة أو السعودية التي تنفق ما يقدر بـ 5 إلى 6 مليارات دولار شهرياً. ”
ويضيف : ” مع ذلك، فعلى الرغم من فظاعة الحرب اليمنية، من المهم للغاية ألا يغضّ صانعو السياسات والمشرّعون الأمريكيون النظر عن الحصيلة الاستراتيجية التي كانت الحرب تهدف إلى تجنبها – وهي تحديداً نشوء “«حزب الله» جنوبي” تموّله إيران في شبه الجزيرة العربية، ويحيط بمضيق باب المندب وقناة السويس، ويشكل تهديداً صاروخياً جديداً على السعودية وإسرائيل.
الحرب يجب أن تنتهي، لكن لا ينبغي أن تنتهي مع ظهور “«حزب الله» جنوبي” على البحر الأحمر مماثل لـ «حزب الله» الشمالي على البحر المتوسط. وبالطبع يجب على الولايات المتحدة بذل قصارى جهدها لإنهاء الحرب، وفي غضون ذلك إرغام شركاء التحالف الخليجي على الالتزام بالقتال النظيف. ويشدد تقرير المعهد على أن ” المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة تقتضي ألا ينتهي أي اتفاق سلام برعاية الأمم المتحدة إلى خط ساحلي على البحر الأحمر خاضع لسيطرة الحوثيين، أو رحلات جوية مباشرة غير خاضعة للتفتيش تهبط في المناطق الحوثية. ” 3 ”
مصر والحرب على اليمن
بعد أقل من اسبوع على إعلان ما سمى بـ ” عاصفة الحزم ” أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسى مشاركة بلاده في تحالف الحرب على اليمن ، وقال السيسى في اجتماع مع القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية ، أن مشاركة مصر تهدف إلى حماية الأمن القومي المصري والمصالح المصرية في قناة السويس. أصبحت اليمن في نظر القيادة المصرية هي الخطر على المصالح المصرية ، مع أن الموقف اليمني في 2015 هو نفس الموقف اليمني عام 1973 حينما شاركت قوات يمنية ومصرية بإغلاق باب المندب في وجه السفن المتوجهة من وإلى دولة الكيان الإسرائيلى.
يدرك قادة الكيان الإسرائيلى الأهمية الإستراتيجية لليمن في منظومة الأمن القومي العربي ، إذ يمكن لليمن ومصر أن يحولا البحر الأحمر إلى بحيرة عربية خالصة ، فالبلدان العربيان يمتلكان مفاتيح البوابتين ـ الشمالية والجنوبية للبحر الأحمر ، وسبق للدولتين الشقيقتين أن مارستا حقوقهما في تينك البوابتين خلال حرب 1973 ، إذ تم محاصرة إسرائيل في قناة السويس وباب المندب ، واضطرت الولايات المتحدة الأمريكية إلى إرسال المساعدات إلى إسرائيل عبر جسر جوي.
ومنذ ذلك الحين تعمل إسرائيل على منع تكرار ما حدث لها في 1973 بأساليب مختلفة ، ومنها قطع الروابط بين الدول العربية المشاطئة للبحر الأحمر ودفع الأنظمة العربية إلى الاصطفاف في مواجهة أعداء وهميين. لم يكتف الكيان الإسرائيلي بالوصول إلى وضع يكفل تأمين مرور سفنه التجارية والعسكرية في البحر الأحمر فقط ، بل أصبح يمتلك زمام المبادرة في مراقبة أو محاصرة أي من الدول العربية المشاطئة للبحر الأحمر ، بما في ذلك جمهورية مصر العربية التي تشارك في تحالف الحرب على اليمن الذي تقوده السعودية.
ومن المثير للسخرية أن يبرر النظام المصري مشاركته في الحرب على اليمن بأنها لحماية الأمن القومي العربي والمصالح المصرية في قناة السويس ، مع أن مصر هى الخاسر الأكبر جراء هذه السياسات التي انقلبت فيها مفاهيم الأمن القومي العربي والأمن القطري أيضا.
الدور السلبي للجامعة العربية
في الثامن والعشرين من مارس 2015 ـ بعد يومين من بدء العدوان على اليمن واعلان ما سمي بـ” عاصفة الحزم ” ـ انعقدت القمة العربية الـ 26 في شرم الشيخ بمصر ، وهي القمة التي أطلق عليها في وسائل إعلام دول تحالف العدوان ” قمة الأمن القومي العربي “.
الجامعة العربية التي غابت عنها قضية الأمن القومي العربي طيلة عقود ، استيقظت في أبريل 2015 لتبارك العدوان على اليمن باعتباره يهدف لتحقيق الأمن القومي العربي ومواجهة “خطر التواجد الإيراني في اليمن “.
الأمين العام المساعد للجامعة العربية لشؤون فلسطين والأراضي المحتلة محمد صبيح قال إن عملية عاصفة الحزم قدمت تجربة ناجحة لتشكيل القوة العربية التي سيصدر بها قرار في ختام القمة والتي وصفها بأنها تمثل تحولاً نوعياً في مسيرة العمل العربي المشترك، والتي ستنقله إلى آفاق يكون من شأنها توفير مرتكزات حماية وصيانة الأمن القومي العربي الذي تعرض للاستباحة من أطراف إقليمية عدة في العقود الأخيرة. ” 4 ”
وجاء في البيان الختامي للقمة العربية أن ” القادة العرب أقروا تشكيل قوة عربية عسكرية مشتركة لمواجهة التحديات ” وصيانة الأمن القومي العربي”. وأوضح نبيل العربي أمين عام الجامعة العربية أن المشاركة في هذه القوة العسكرية ستكون اختيارية ، وأن العملية العسكرية “عاصفة الحزم” التي تقودها السعودية في اليمن “ستستمر إلى أن تحقق أهدافها”
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمته في ختام القمة إنه “سيتم تشكيل فريق رفيع المستوى تحت إشراف رؤساء أركان القوات المسلحة للدول الأعضاء لدراسة كافة الجوانب المتعلقة بإنشاء القوة العربية المشتركة وآلية تشكيلها”. ” 5 ”
قمة الظهران 2018
وفي القمة العربية الـ 29 التي عقدت في أبريل 2018 بالظهران السعودية ، قال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط ، إن غياب التوافق على مفهوم الأمن القومي العربي يعد السبب الرئيسي في أزمات المنطقة العربية، وأن تآكل حضور العرب الجماعي في معالجة الأزمات هو ما يُغري الآخرين بالتدخل في شؤونهم والعبث بمقدراتهم.
ومن المفارقات المثيرة في الصحوة المتأخرة والمفاجئة للجامعة العربية وأمينها العام أحمد أبوالغيط ، ومن قبله نبيل العربي ، إظهار محاولة إحياء مفهوم الأمن القومي العربي ، لكن الواقع عكس ذلك ، إذ يتعرض هذا المفهوم إلى المزيد من الانحلال حتى كاد العدو التاريخي للأمة العربية أن يصبح حليفا بفعل هذه الصحوة العربية المريبة.
في قمة الظهران التي كرست لـ ” التدخلات الإيرانية في المنطقة العربية ” قال أبو الغيط : ” إن التحديات الحالية تفرض على الجميع التفكير في إجراء حوار جاد ومعمق حول الأولويات الكبرى للأمن القومي العربي، بحيث يجرى تدشين توافق أكبر حولها وتناغم أوسع في شأن كيفية ضبط إيقاع تحركنا الجماعي والمشترك إزاء كل التهديدات. وتابع “أعتزم إجراء مناقشة معمقة مع الدول الأعضاء حول هذا الموضوع الحيوي الذي يلمس صُلب أمننا الجماعي واستقرار الدول العربية” ” 6 ”
خلاصة وخاتمة :
من خلال ما تم عرضه لواقع الأمن القومي العربي ، يمكن القول أن الحرب التي تشن على اليمن منذ مارس 2015 وحتى الآن ليست نتيجة لغياب الأمن القومي العربي فحسب ، بل تُعد إحدى ثمار المفهوم المشوه للأمن القومي العربي الذي يجرى تسويقه خلال السنوات الأخيرة من قبل بعض الأنظمة العربية والتي سيطرت على الجامعة العربية حتى باتت واحدة من أدواتها.
وفي الختام لنا أن نسأل هل انهارت كل مقومات المناعة والمقاومة لدى الأمة العربية وباتت الطريق سالكة لتقويض أمنها وتفكيك بناها الاجتماعية وإعادة تركيبها. الاجابة قطعا لا، فقوى المقاومة لهذا المشروع التدميري لاتزال تمسك بكثير من الأوراق متى تغلبت مصلحة الأوطان والأمة على مصلحة الأحزاب والتيارات وتنادت لحوار شامل وطنيا وقوميا ووضعت خطة استراتيجية لصياغة مشروع قومي على أسس جديدة يآخذ بعين الاعتبار نقاط القوة والضعف والفرص المتاحة والتحديات لتحقيق النصر الحاسم والنهائي على قوى العدوان، ونختزل هذه الاستراتيجية في :
– إعادة أولوية الصراع مع الكيان الصهيوني على كل الصراعات ؛
– تعزيز قدرات المقاومة بكافة أشكالها مع العدو الصهيوني وحلفائه ؛
– محاربة الجوع والفقر والارتقاء بوعى المواطن العربي ليكون شريكا حقيقيا في صنع مستقبل الأمة والدفاع عن مصالحها.
– التصدّي لمشروعات الهيمنة والاستغلال داخليا وخارجيا ؛
– مساندة كل حركات التحرر في العالم وتعزيز العلاقات مع القوى التقدمية والأنظمة والأحزاب والحركات المناهضة للهيمنة الاستعمارية الغربية.
ـ وللوصول إلى ذلك فإن الحاجة ملحة الى عمل استثنائي ومشروع قومي استثنائي وقيادات سياسية استثنائية لضمان النصر وتحقيق أهداف النضال القومي التقدمي في التحرير والعدل والسيادة.
الهوامش :
1 ـ كلمة زهير حمدي الأمين العام للتيار الشعبي التونسي في ندوة عربية حول حقيقة ما يجري في اليمن انعقدت في لبنان بتاريخ 25 ماي 2015. https://www.sawt-achaab.tn/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86/
2 ـ الجزيرة نت :
https://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2018/3/27/%
3 ـ مايكل نايتس ، باحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ، زار اليمن ثلاث مرات خلال 2018 لدراسة تكتيكات الحوثيين في معركة الساحل الغربي. نشر تقريرا بعنوان : إنهاء حرب اليمن دون التسبب بظهور “«حزب الله» جنوبي” :
https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/ending-yemens-war-without-perpetuating-a-southern-hezbollah
4 ـ صحيفة الخليج 28 مارس 2015
https://www.alkhaleej.ae/home/print/f53c9315-c755-48f7-a351-9dc93baa2e5a/a959b868-2292-4965-9dbe-d73af977bdc8
5 ـ https://www.bbc.com/arabic/middleeast/2015/03/150329_arab_league_summit29 مارس/ آذار 2015
6 ـ كلمة أبوالغيط في قمة الظهران بالسعودية صحيفة الوطن ، 15-04-2018