التاريخ يدون عهد الشهيد الرئيس الإنسان
إبراهيم الحمادي
عند إعلان تشكيل المجلس السياسي الأعلى وانتخاب الرئيس المجاهد صالح علي الصماد رئيساً للجمهورية، بشعار المعلم مربي الأجيال لا أحد أكبر من بلده، يوضح أن اليمن ولد منذ قديم الأزل، هو من خدم في مؤسسات الوطن التعليمية في مرحلة التسعينيات قبل الحروب الظالمة على صعدة برز فيها بروحية المربي والقدوة للأجيال بكل تألق ورونق، هو المتلقي لتوجيهات الله ورسوله في الكتاب الكريم، من تعلم وأخذ بأن يكون أحد جنود مسيرة الهداية والحق في زمن التخاذل والانسلاخ، هو السجيل الذي يعصف بكل من وقف ومازال يعترض مسيرة الحق الداعي للانبطاح، هو من عاش دروب الكفاح وكان من المستضعفين لا يفكر بالأرباح، الصماد نِعم الصمود، الجنة داره دار الخلود، وإن كنا في وقتٍ لم يصدق كلامك من كانوا لا يعلمون بمدى الإجرام الذي شنته السلطة الظالمة على صعدة في تلك الحروب ويتهمونك بالمبالغة في السرود.
صعد الى رئاسة الجمهورية ورأى الجميع تصاعد الدخان الأبيض مؤذناً بالفرجِ وخير النهضة لشعب اليمن الحكيم، لم يستمر لكنه الأطول في تاريخ الجمهورية، أثار في نفسه بنى وحمى الوطن وسط الاضطرابات التي تمر بها المنطقة، ولم تكن مرحلته تعج بكثرة التعيينات والانتخابات، لأن الترقيات لا تثمر بإنجازات دام وشعبه يقصف بالغارات، إنه المؤمن المجاهد العادل على رأس دولة الإيمان.
جسّد الصماد كل الأمثلة عن المثابرة والقوة والدولة من نوع «يد تحمي ويد تبني» و «دولة للشعب وليس شعباً للدولة» و«مسح الغبار من نعال المجاهدين أشرف من كل مناصب الدنيا»، فكثير من المخلصين والمجاهدين توقف التاريخ بالنسبة إليهم منذُ أن صعدت روحه الى ربه نقياً شهيداً، في دار المكرمين لم يستغل منصبه ليأخذ ولكن كان يعطي من مجهوده الشخصي كل سائلٍ وفقير، حين تولى الصماد مهمة مستشار رئاسة الجمهورية، قبل أن يحل العدوان بعاصفة إجرام آل سعود، لم ينظر بأنه استحقاق ولم يكن من أهل الجحود، إنما كان نعم المؤمن الذي يسعى خلف جنات الخلود، ومع نضوج العدوان الذي وضعه في عين عاصفته أحد المستهدفين بقائمة من إعداد اليهود، لكنها لم تنل من صلابته ولا استطاعت إجباره على الانحناء، إنما كانت محققاً لرغبته شهيداً يرتقي الى صدق الوعد الموعود.
الرئيس الشهيد الصماد ليس الذي يتزعم تيارات سياسية وكتلاً نيابية، ويتصدر مناصب ريادية، لكنه الرئيس الذي جمع بين تاريخ العلم والهداية قائداً تربوياً ومجاهداً وزعامة سياسية، من زادته السنوات حكمة وحنكة، أعاد تأكيد تاريخه النضالي، تمسكاً بنهجه الطموح بمشروع الدولة اليمنية الحديثة أورده في خطابه العام الماضي في الذكرى الثالثة للصمود والتحدي واعتبرها برنامجاً لعهده، وحظي خطابه بإعجاب واسع في تناوله مجمل طموحات الشعب اليمني، انطلاقاً من إسناد الجبهات الى بناء المؤسسات، ليكون ذلك من إنجازات عهده، الأبرز في تلك النقاط التشديد على مكافحة الفساد، واعتبار كل موظفي الدولة منصبهم مسؤولية أنه مترس كمتارس المجاهدين في الجبهات، مما جعله يتربع على مشارف زوايا اليمن بكُل إجلال وإكبار أمام عظمة المكافح المجاهد والدولة الرئيس الإنسان، وفي قلوب اليمنيين أمام جسامة التضحية وروح الفداء التي جسّدت شجاعةَ وبسالةَ القائد الوطني المجاهد، والحريُ بنا أن نُعيد إلى أذهاننا من حضوره ومِن عطائه ومواقفه الوطنية التي لم يخذُل فيها وطنه وشعبه تلك المواقف والأدوار النضالية التي غدت جزءاً من تاريخ وطن وشعب.
الرئيس الشهيد صالح الصماد كان في مرحلة توليه القيادة يمثل توازناً كبيراً بالرغم من المهام الكثيرة التي كانت ماثلة أمامه، ورغم الترقبات ورصد قوى العدوان لتحركاته إلا أنه كان حاضراً في الميدان كمجاهد ومدافع عن الوطن وسيادته ضد قِوَى العدوان، وكانت زياراته الميدانية إلى الجبهات تجسد الروح العالية وترفع الروح المعنوية لدى المجاهدين والشعب من خلفهم حتى أكرمه الله بالشهادة وهو في ميدان الجهاد لصد ودحر المعتدين، وقد مثل استشهاده فاجعة كبرى لدى كافة أبناء الشعب اليمني، وهو ما يدعو الى مواصلة نهجه والابتعاد عن القيام بالتعيينات والانتخابات فقط، إنما تعزيز الاقتحامات، وتلمُس المعاناة، وتحرك القيادات بما يعيد لشعب اليمن زمن الصماد ،الزمن الذي تسطرت فيه أروع صور البطولات وتحققت الإنجازات، وكان الشعب دوماً في هبات مساندةً لرجال الرجال في الجبهات، ليس البقاء على التحسرات وأن ينال منا السبات وتكون الخيانات، ويجب علينا تلبية دعوات قائد المسيرة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي وجعلها أبرز الأولويات ، وفي هذا المقام لا يسعُنا إلّا أن نترحم على الشهيد القائد الإنسان صالح الصماد ومرافقيه وكل شهداء الوطن الذين سطروا الملاحمَ البطولية في مختلف الجبهات، وبدمائهم الزكية الطاهرة انكشفت المؤامرات، وارتسمت للأمة عظمة التضحيات.