الثورة نت/..
يعد تلوث الهواء مشكلة كبرى بغض النظر عن المكان الذي تعيش فيه، ولكنه قد يكون سيئا للغاية في سول عاصمة كوريا الجنوبية، ولذلك تتخذ السلطات إجراءات جذرية لمحاولة التعامل مع الضباب الدخاني الذي يستقر فوق المدينة.
أحدث خطة من الرئيس “مون جاي إن” هي إنشاء زخات مطر اصطناعية لغسل تلوث الهواء بشكل فعال من السماء. وهي إستراتيجية معروفة من قبل، لكن لا يوجد دليل قوي على أنها تعمل بالفعل.
وتسمى هذه الفكرة الاستمطار، وفيها يتم إطلاق مواد كيميائية محددة في الهواء، عادة بالطائرات، بهدف تحفيز تشكل قطرات الماء. ومن ثم فإن المطر الذي يتم استجلابه يجذب ويجر جسيمات الغبار الجوي الملوثة من السماء عند سقوطه.
استمطار السحب
استمطار السحب نوع من التعديل المتعمد للطقس، ويتم فيه تغيير كمية أو نوع هطول الأمطار من الغيوم من خلال تشتيت مواد في الهواء تعمل نواة جليدية تغير العمليات الميكروفيزيائية للغيمة، وتؤدي لزيادة هطول الأمطار.
ويحدث الاستمطار أيضا بشكل طبيعي نتيجة لتنوي الجليد في الطبيعة (تكون نواة الجليد) ومعظم أنوية الجليد هذه تتكون في الأصل من البكتيريا.
محطة حافلات في سول (الجزيرة)
ويتطلب الاستمطار وجود سائل فائق البرودة في الغيوم، بمعنى أن يكون أبرد من درجة الصفر المئوية. ولذلك يتم استخدام مواد كيميائية مثل يوديد الفضة والثلج الجاف (ثنائي أكسيد الكربون) والبروبان السائل، والتي تحتوي معظمها على هيكل بلوري مشابه للهيكل البلوري للثلج، يقوم بعملية التجميد على مستوى النواة.
وتنشر المواد الكيميائية المستخدمة في عملية الاستمطار من خلال طائرات، أو من خلال أجهزة مثبتة في الأرض، أو عن طريق أسطوانات تطلق من خلال مضادات الطائرات أو الصواريخ.
هذه هي النظرية، على أي حال. مع العلم أن التجارب السابقة لم تكن حاسمة في تأكيد فاعلية عملية الاستمطار، وقدمت كوريا الجنوبية نفسها محاولة فاشلة لتطبيق “حمامات تنظيف الهواء” في يناير/كانون الثاني الماضي.
فرصة أخرى
من المعروف أن الصين بدأت عمليات الاستمطار عام 2013، وتنتج سنويا ما يقارب 55 مليار طن من الأمطار الاصطناعية. واستخدمت هذه التقنية حتى الآن في محاولة ضمان طقس جيد في أولمبياد بكين وحل مشكلة نقص المياه في البلاد، ولكن يجب أن تكون هناك أنواع معينة من السحب لتبدأ بتعزيز إنتاج المطر الاصطناعي.
وما يميز الصين عن باقي الدول -في الاستمطار- أن الدولة تقوم بهذه العملية باستمرار، بهدف تنقية أجواء المدن المزدحمة والملوثة، وتستخدم الطائرات العسكرية لاستجلاب الأمطار والثلوج.
وبصرف النظر عن الاستمطار، هناك أيضا جدل مستمر حول فعالية استخدام المياه لإزالة التلوث على المدى الطويل. حيث يمكن للمطر أن يصفي الهواء من الجسيمات الملوثة، ولكن إلى أي حد؟ وما هو مدى فعالية ذلك؟ وما زال العلماء يدرسون هذا الأمر.
الصين تملك خبرة في الاستمطار الصناعي لإزالة التلوث الشديد بهواء العاصمة (رويترز)
ورغم ذلك، فإن كوريا الجنوبية ستعطي هذه التقنية فرصة أخرى. إذ يجري تنفيذ المشروع بالشراكة مع الصين، حيث إن الكثير من جزيئات الغبار الدقيقة التي تسد الغلاف الجوي تأتي من البلد المجاور. وعلى ما يبدو فإن الأمطار الاصطناعية ستولد فوق البحر الأصفر، إلى الغرب من شبه الجزيرة الكورية.
أسبوع سيئ جدا
لقد كان الأسبوع الماضي في كوريا سيئا للغاية في تلوث الهواء، إذ ذكرت وكالة أسوشيتد برس أن مستويات تركيز الغبار الدقيق في سول الأربعاء الماضي كانت 136 ميكروغراما لكل متر مكعب، وهي نسبة عالية بالمقارنة بـ 75ميكروغراما لكل متر مكعب والذي يعتبر “سيئا جدا” من قبل المعهد الوطني للبحوث البيئية في كوريا الجنوبية.
وهذا يتعلق بجسيمات متناهية الصغر أصغر من 2.5 ميكرومتر في القطر (PM 2.5) ويمكننا رؤية خطورة المشكلة إذا علمنا أن منظمة الصحة العالمية توصي بالحفاظ على مستويات أقل من 25 ميكروغراما.
ومهما كانت فعالية أو عدم فعالية استخدام الأمطار الصناعية لإزالة التلوث، فما هو واضح أنه يجب اتخاذ إجراءات سريعة.