وقد ساعدت الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك مكانتها في النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية على اعتبار أنها الدولة الأولى والأقوى وأنها تمتلك أكبر اقتصاد في العالم لكونها أكبر دولة صناعية ومنتجة ومصدرة بالإضافة إلى امتلاكها 70% من مخزون الذهب العالمي.
وتجلت بعد ذلك الخديعة الأمريكية ففي عام 1975م ولأول مرة منذ تطبيق اتفاقية “بريتون وودز” تجاوز حجم الأموال الخارجة من الولايات المتحدة عن تلك الداخلة إليها حيث وجدت البنوك الأمريكية والشركات المتعددة الجنسيات بأن الاستثمار وإقامة المنشآت الإنتاجية في مواطن العمالة الرخيصة في أمريكا اللاتينية وأوروبا وآسيا أجدى من الاستثمار داخل الولايات المتحدة مع الإبقاء على أرباحها في الخارج بالإضافة إلى عامل الإنفاق العسكري للولايات المتحدة حيث أصبحت بحاجة إلى أموال طائلة لتشغيل قواعدها العسكرية في انحاء العالم فكانت النتيجة عجز الموازنة من ثلاثة مليارات دولار في أوائل الستينيات ليمنو بنسبة 300% عام 1961م وإلى أكثر من 800% في العام التالي وبحلول عام 1970م وصل حجم الدولارات المتداولة في سوق لندن الأوروبي إلى 1.3 تريليون دولار وهو مبلغ يشير بوضوح إلى أن الولايات المتحدة كانت تطبع الأوراق المالية الدولار دون تغطية كافية من احتياطات الذهب وذلك مخالف لاتفاقية “بريتون وودز” وخلافاً لما نصت عليه تلك الاتفاقية فقد كان ذلك خروج في غاية الخطورة على نظام الصرف العالمي مما اضطر الولايات المتحدة إلى حد الانقلاب على الاتفاقية بإعلان الرئيس الأمريكي آنذاك نيكسون بتاريخ 15/أغسطس/1961م بأن أمريكا قررت ومن جانب واحد إلغاء التزامها بالاتفاقية وتعليق خيار ربط الدولار بالذهب حيث خرج نيكسون وصدم العالم وصرح أن الذهب هو معدن ثمين وليس له علاقة بالنقد والمال بد أن تورطت كل دول العالم بأن جعلت مخزونها الاحتياطي من العملة هو الدولار وقال: إن الولايات المتحدة لن تسلم حاملي الدولار ما يقابله من ذهب وأن الدولار سيعوم أي ينزل في السوق تحت المضاربة وسعر صرفه يحدده العرض والطلب وسميت هذه الحادثة الكبيرة بصدمة نيكسوان.
الكاتب والباحث/
أحمد يحيى الديلمي
قد يعجبك ايضا