ما الذي يحدث في العبيسة بمديرية كشر؟

 

بقلم / عادل شلي

* مقدمة:
– لماذا لم تنزلق اي منطقة او تكوين اداري او تجمع قبلي في محافظة حجة إلى أتون الصراع بعد الاحداث التي شهدها اليمن منذ 2011م سوى بعض القبائل في مديرية كشر التي تم الزج بها للاحتراب في ما سمي بحرب عاهم ..؟
– بالإجابة عن هذا السؤال سيزول الكثير من الغموض عن الحرب الدائرة الآن في منطقة العبيسة بمديرية كشر بين الدولة ومجموعة من الاشخاص الذين شكلوا عصابة العبيسة التي امتهنت التقطع وسلب ممتلكات المسافرين وسجنهم وتعذيبهم ، وعدم إطلاقهم الا بفدية مالية ، ولكثرة جرائمهم بحق المواطنين وبشاعتها فقد تم نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي ، ولم يسلم من اذاهم صغير او كبير من خارج المديرية او من ابناء مديرية كشر نفسها.
– كان مبرر الحرب التي تم إقحام أبناء كشر فيها في 2012م هو طرد الحوثيين الذين عادوا الى مساكنهم بعد أن توقفت الحروب على صعدة مما يكشف الجذر العقائدي المتشدد للتعامل مع المختلف وهذا يبرز المخطط الطائفي للحرب وسعي القائمين عليه لتحويل الصراع السياسي إلى صراع طائفي .
ولهذا دشن ورثة النظام السابق مشروعهم الطائفي بشن الحرب على أنصار الله ومحاصرة تمددهم وانتشارهم خارج محافظة صعدة ، واقتلاع اي تواجد للحركة خارج صعدة حتى ولو كانوا عائدين إلى بيوتهم ومناطقهم .
– فشلت القوى المكلفة باستنساخ المشروع الطائفي في إيجاد اي منطقة لها داخل محافظة حجة وذلك بسبب الاشتغال الثقافي لكتاب ومثقفي المحافظة في ابراز الهوية الثقافية القائمة على السلم والتعايش والتنوع بين مكونات النسيج الاجتناعي في المحافظة ، واتفاق القوى والتكوينات السياسية والاجتماعية منذ بداية أحداث الثورة الشبابية السلمية في 2011م علي تجنيب المحافظة ويلات الحرب والصراع واذا وجد فرد او جماعة يميل للصراع فيقوم المجتمع بمختلف مكوناته بإجباره علي الانتقال إلى مناطق المواجهات خارج المحافظة مما يوضح حقيقة التكوين العام لمحافظة حجة الرافض لبذور الصراع الطائفي .
ورغم تعمد القائمين على الصراع إثارة الصراعات في مختلف مديريات المحافظة ، إلاّ أنهم لم يجدوا بغيتهم سوى في منطقة عاهم بمديرية كشر وذلك بسبب تغذية النظام للصراعات فيما بين قبائلها وتركها مفتوحة والحيلولة دون علاجها ، فوجد فيها المرضى والمتهافتون على الجيف والمتاجرة بالدماء بغيتهم ، في ظل انعدام التنمية واسباب التمدن ، وغياب الدولة وانتشار مساحة الجهل والامية وانتشار ظواهر التقطع والثأر وغياب مؤسسات الدولة وحضور وهيمنة القبيلة .
– ولكي يتمكن القائمون على المشروع من تنفيذه كان لابد من الاستعانة بالسلفية الجهادية التي تغلغلت في المنطقة خاصة بعد حروب صعدة وخلف الحجوري لمقبل الوادعي في قيادة الحركة بعد وفاة الأخير.
ولم يكن ذلك ممكنا الا بالتنسيق بين الرعاة للمشروع من قيادات الإصلاح وبين قيادات المؤتمر في المحافظة.
وتم تسهيل انتقال القيادات السلفية من مركز دماج ومراكز اخرى الى عاهم ، وتم التنسيق مع المشائخ التابعين للمؤتمر في المديرية لمؤازرتهم ورعت قيادة الاصلاح والمؤتمر ” جناح طارق صالح “وقيادات عسكرية الصلح بين القبائل المتصارعة في كشر ودعمهم بالمال والسلاح لمواجهة انصار الله .
وظهر دور قيادات الإصلاح في المديرية والمحافظة وقامت قيادة المؤتمر في المحافظة بدورها في التنسيق عبر وسطاء محليين والتزمت في الظاهر الحياد.
مما يكشف حقيقة في غاية الاهمية وهي :
لاستنبات اي صراع طائفي لابد من جماعة سلفية جهادية وتنسيق بين الاصلاح والمؤتمر بحيث يتم توجيه العناصر العقائديين والجهاديين داخل الإصلاح لدعم ومساندة أتباع الجهادية السلفية لمواجهة المختلف عنهم عسكريا ، وتقوم القوى السياسية والإعلامية والمنظمات الحقوقية داخل حزب الإصلاح بتوفير الغطاء السياسي والمبررات والذرائع للحرب.
ويتولى “جناح طارق في المؤتمر” مهام التنسيق وتهيئة البيئة المناسبة والدعم القبلي .
ووجد الاصلاح والمؤتمر “جناح طارق صالح” في ابو مسلم الزعكري القائد الميداني للمعركة.
– اكلت الحرب في عاهم الاخضر واليابس ودمرت الشريان الاقتصادي للمنطقة المتمثل في سوق عاهم وخلفت الويلات والخراب والدمار.
– بعد أن حققت الحرب اهدافها تم الاتفاق بين الإصلاح وأنصار الله على توقيفها وبارك المؤتمر الاتفاق .
– كان لابد من المقدمة السابقة لمعرفة الأسباب الحقيقية لمايحدث اليوم في العبيسة
– تعتبر منطقة العبيسة إحدى عزل مديرية كشر الخمس ، وتمثل الوكر والجيب الذي استخدمه السلفيون الجهاديون للتخفي من الاجهزة الأمنية خاصة بعد ان تم الاستغناء عن خدماتهم بعد سقوط المشروع الطائفي وفرار قياداته ، وجد فيهم بعض الشباب من أبناء المنطقة الاداة التي تمكنهم من بسط نفوذهم وسيطرتهم على طريق العبيسة.
– بدأت أعمال التقطع والسلب والنهب لصالح اي طرف يدفع للعصابة لتتولى التقطع لخصمه وإجباره على تسليم ماعليه من ديون ، فاستعان بعض المقاولين والتجار والوجاهات ليجبروا شركاءهم او خصومهم على الانصياع لمطالبهم ، دونما حاجة للجوء إلى القضاء والدولة.
تطور الامر واصبح الجميع تحت طائلة العصابة ولم يستثنوا أحداً سواء من ابناء المديرية او من خارجها ، ولم يعودوا بحاجة لأي مبرر لما يقومون به وحولوا مدرسة العبيسة إلى سجن لحبس المختطفين وتعذيبهم ، لم يتورعوا عن إرسال صور المختطفين وتعذيبهم لهم إلى أسرهم للضغط عليهم لإجبارهم على دفع الفدية.
– حرص انصار الله بعد أن سيطروا على العاصمة وأغلب المحافظات على عدم اثارة اي حساسية لدى قبائل مديرية كشر لهذا كانوا يدفعون بمشائخ المديرية للتدخل لحل المشاكل الناتجة عن تقطعات العصابة وذلك احتراما لأبناء مديرية كشر ومواقفهم المشرفة في مواجهة العدوان وتضحياتهم وصمودهم واستبسالهم.
– ارتفعت وتيرة القطاعات بسبب جشع وتنافس قيادات العصابة وضج الناس بأعمالها بداية من ابناء مديرية كشر وانتهاء بأبناء المديريات المجاورة في محافظة عمران وحجة وغيرها من المحافظات .
وتحول انصار الله الى غطاء للعصابة في نظر الكثير من القبائل الذين منعهم انصار الله من التقطع في مديرياتهم لإجبار العصابة بذات المنطق الذي لاتفهم سواه.
وامام هذا الضغط على الدولة وانصار الله تحديدا تم تكليف محافظ المحافظة القاضي هلال الصوفي الذي رابط لشهور في مديرية كشر بالنزول إلى مديرية كشر لمعالجة مشكلة القطاعات وتأمين الطريق وتم التوقيع على اكثر من وثيقة تجرم القطاعات والسلب والنهب من مشائخ المديرية ، ولكن العصابة كانت تعمد إلى إفشال اي اتفاق .
تداعى مشائخ ووجهاء المحافظة إلى مديرية كشر ووقعوا اتفاقاً يلزم ابناء العبيسة ومشائخ كشر بفتح الطريق وتسليم السيارات والمختطفين ووالخ
– وفي الوقت الذي بدأت الدولة والمجتمع يضيقون الخناق على العصابة بدأ العدوان يتواصل مع اعضائها وبدأ المرتزقة والعملاء ” عرابو المشروع الطائفي ” ومغازل حرب عاهم ينسجون مخططهم الجديد لإعادة ذات المشروع السابق مع اختلاف الظروف والأدوات والمبررات وتطابق الأهداف والغايات والقيادات.
فعمد “جناح طارق صالح في المؤتمر” وقيادة الاصلاح إلى التواصل بأعضائهم بمديرية كشر لإفشال اي مساعٍ لاحتواء الحرب التي بدأت تتصاعد ابخرتها في العبيسة.
– تم التوجيه لابو مسلم الزعكري للعمل على انتقال السلفيين الجهاديين والمتعاطفين معهم من ابناء القبائل إلى العبيسة ووجه الإصلاح لعلي فلات لتسهيل انتقال الاصلاحيين العقائديين إلى العبيسة ودعمهم بالمال والسلاح.
– المختلف في حرب العبيسة 2019م هو الاتي:
1 – تم إعداد قيادات قبلية شابة مركزها العبيسة ومن العزل الاخرى ، وتم عن طريقها تمرير المخطط واعاقة اي جهود تهدف الى تجنيب العبيسة ويلات الحرب والدمار.
2 – يهدف المخطط الطائفي الجديد إلى تمزيق النسيج الاجتماعي في مديرية كشر ، وتم تدشينه بتهجير آل جحاف وبعض آل الدريني من بيوتهم وتدميرها وإحراقها ونهب محتوياتها وأسر وقتل ابنائهم.
3 – ظهر الدور الذي مارسه “جناح طارق صالح في المؤتمر” في الخفاء ومن تحت الطاولة في 2012م
وظهرت قياداته التي تحلت بالحكمة في السابق بدور متهور وكبير في اشعال فتيل الحرب و التحشيد والتغرير بالشباب والزج بهم للانخراط فيها.
4 – توحدت الجهود السياسية ” لجناح طارق في المؤتمر ” والاصلاح الملتحقين بالعدوان لحشد مبررات الحرب ، وتوفير الدعم السياسي والمالي والإعلامي لها والعمل على تزيين الجريمة والكارثة التي يرتكبونها في حق أبناء العبيسة .
5 – تم التنسيق بين القيادات الموتمرية التابعة لطارق صالح والقيادات الإصلاحية والدوائر السياسية والإعلامية والحقوقية لحزب المؤتمر وحزب الاصلاح وسخرا كل الطاقات والإمكانيات لتدشين حملة إعلامية واسعة لتزييف مايحدث في منطقة العبيسة وتحويل حرب الدفاع عن عصابة اللصوص وقطاع الطرق إلى حرب وطنية مقدسة لاستعادة الشرعية والجمهورية وتحويل نطاق الحرب من العبيسة التي لاتتجاوز مساحتها 3 كيلومترات الى الامتداد الجغرافي لقبائل حجور الممتد بمساحة شاسعة تنجاوز 50 % من مساحة محافظة حجة.
واتفق لأول مرة الخطاب الاعلامي المؤتمري ” جناح طارق صالح ” والاصلاحي على قضية من القضايا على مستوى القواعد والقيادات منذ 2011م هي قضية حماية عصابة العبيسة والدفاع عنها.
والتي تحولت بسبب هذا الاتفاق والدعم المالي الكبير الذي قدمته الإمارات والسعودية للمرتزقة والخونة من قيادات الإصلاح والمؤتمر ” جناح طارق صالح” إلى قضية الموسم والحدث الأبرز في القنوات ومواقع التواصل
6 – تم استقطاب الكتاب والمحللين والشعراء والمثقفين لتجريف الهوية الثقافية والتاريخية لأبناء حجور ، وذلك لأنه يستحيل غرز أشجار المشروع الطائفي الشيطاني إلاّ بتجريف وتدمير ومسخ مكونات الهوية الثقافية التاريخية لأي مجتمع وهوية حجور بكل مديرياتها وعزلها ومحافظة حجة عموما هي الهوية السلمية القائمة على التعايش والتنوع واحترام العادات……
7 – شارك الطيران الاماراتي والسعودي بغارات جوية لتدمير بيوت ال جحاف وال الدريني ومد عصابة العبيسة بالمال والسلاح وضرب وتدمير عدد من بيوت الهاشميين والمخالفين لمشروعهم الطائفي في كشر ووشحة وقفلة عذر.
– انتقل انصار الله من جماعة مستضعفة الى دولة.
وانتقل حكام الأمس من مشعلي الحروب ومنفذي المشاريع الطائفية الوافدة من حكام إلى عملاء وخونة وتجار حروب ومرتزقة لدى تحالف العدوان لايتورعون عن المتاجرة بدماء أهلهم وتحويل مناطقهم إلى ساحة للحرب والدمار.
8 – دمرت الحرب الطائفية الاولى 2012م الشريان الاقتصادي لمديرية كشر والمتمثل في سوق عاهم.
وستفضي حرب العبيسة الى تدمير النسيج الاجتماعي لأبناء العبيسة وتدمير الهوية الثقافية والتاريخية لأبناء كشر خاصة وابناء حجور ومحافظة حجة عموما مالم تتوحد كافة القبائل في مديرية كشر ، وكافة أبناء حجور ومحافظة حجة للقضاء على هذا المشروع الطائفي البغيض في مهده .
وينبغي على كافة المثقفين واصحاب الراي فضح وكشف زيف حملة التجريف للهوية الثقافية والتاريخية لأبناء حجور ومحافظة حجة عموما وفضح المغالطات والأكاذيب التي يروج لها كتاب الزيف والارتزاق .

قد يعجبك ايضا