السعودية ما بعد الوهابية

 

عبدالله الأحمدي
يبدو أن آل سعود قد طلقوا وهابيتهم القديمة، واستبدلوا هيئة الأمر بالمعروف ( الشرطة الدينية ) بهيئة الأمر بالترفيه، وزجوا بالكثير من علماء الوهابية في السجون بالرغم من أن بعضهم أفتى بجواز الاتجار بالجنس والخمور!!
وانتقل ( آل الشيخ ) من حراسة الوهابية، او حراسة الدين – كما يدعون – إلى الترويج للرذيلة. وكله في خدمة ملك آل سعود. ويخطط محمد بن سلمان إلى تعميم دور السينما والملاهي والخمارات في عموم مدن المملكة، وقد رصد لذلك مليارات الدولارات.
مؤخرا قاد المدعو تركي آل الشيخ حفيد الشيطان محمد بن عبد الوهاب، والذي جعله محمد بن سلمان رئيسا لهيئة الترفيه، قاد عدة حفلات قيل أنها ماجنة، اختلط فيها الحابل بالنابل، وعمت كل مدن المملكة الداعشية، وخاصة مكة والمدينة؛ المدينتين المقدستين لدى المسلمين. واستجلب لإقامة هذه الحفلات المغنيات والمغنيين من كل بقاع العالم.
الفنانة الأمريكية ماريا كاري أقامت حفلة غناء ورقص في مكة لساعتين مقابل 16 مليون دولار أجرها، عدا التكاليف واجر القائمين على الحفل. محمد بن سلمان يريد أن يخرج من أزماته الداخلية والخارجية بإلهاء الناس بما يسميه الترفيه المبتذل، بل يريد أن يسجل خرقا في التشدد الذي زرعته الوهابية الشيطانية في المملكة لأجيال بتحريم الغناء والرقص والاحتفالات الترفيهية والسينما.
ويبدو ان المسألة فيها نوع من التحدي لمشاعر المعارضين له، وخاصة في المدن المقدسة ( مكة والمدينة )
وينطلق ذلك التحدي مع حملات الاعتقالات والتعذيب والإعدامات للمعارضين لنظام بني سعود.
الأمر واضح بالنسبة لابن سلمان أن حكمه سيكون بدون قيم وبدون هوية، وسيتم التركيز على مسألة القمع في تثبيت دعائم الحكم باستخدام الجيش والأمن والمخابرات ونبذ المؤسسة الوهابية التي تلفظ آخر أنفاسها، عدا من انصاعوا للتطبيع والترفيه.
سيتخلى نظام ابن سلمان عن الخرافات الوهابية مقابل ما يسميه الإصلاح والتجديد والوسطية والاعتدال. كل هذه المفردات والعناوين التي تستخدم كقناع لن تنتج الا نظاما قمعيا بوليسيا لا يشبه إلا نفسه، وبلا هوية دينية، او وطنية.
كانت المملكة الوهابية تدعي أن دستورها الإسلام، وكانت ترتكب كل الجرائم ضد الإنسانية باسم الإسلام؛ قطع الأيدي / الصلب/ رجم المرأة. وغيرها من الجرائم التي أثقلت كاهل الناس في المملكة.
اليوم وبعد التخلي عن الوهابية تجد المملكة نفسها بدون دستور ولا قانون، بل خضوع لحكم الفرد ومزاج الحاكم المستبد، المستعين باليهود والنصارى لحمايته وحماية نظامه.
وعود محمد بن سلمان بالإصلاح وإعطاء الحرية للمرأة انتهت إلى قتل واعتقال المعارضين وتعذيب واغتصاب الناشطات. ولم يؤثر عن ابن سلمان أي توجه نحو الإصلاح السياسي والمدنية من مثل؛ كتابة دستور للمملكة ، وإطلاق الحريات العامة والخاصة، وإفساح المجال لمنظمات المجتمع المدني، والتصالح مع مكونات المجتمع السعودي، وإلغاء ثقافة التمييز بين طوائف المجتمع، وتكفير المخالفين.
يبدو محمد بن سلمان كحاطب ليل لا يدري أين يضع قدميه، فهو يتهور، ويتخبط بين ماض لم يعد مقبولا، وحاضر مسكون بالخواء، ويحسب أن إنفاقه الأموال على المؤامرات والحروب على جيرانه سوف تصنع له مجدا، أو أنها ستضع المملكة في مركز القيادة في المنطقة.
لقد انتهت الأسس التي قامت عليها المملكة ( الوهابية والقبيلة ….) تآكلت بفعل التطورات العالمية، ولم يعد مقبولا هرطقات الوهابية، أو أكاذيب الأسرة الحاكمة.
وإذا لم تنتقل المملكة إلى أسس حكم مدني جديد، فان مصيرها إلى التمزق والتشظي.
المملكة ما بعد الوهابية سوف ترتمي أكثر في خضن الصهيونية والغرب وإسرائيل، وكما هو واضح من صفقة القرن، ومؤامرات التطبيع مع العدو الإسرائيلي التي يقودها محمد بن سلمان ونظامه المهترئ، ويجر بعده الخليج.
التطبيع مع العدو يعني مزيدا من التبعية والسقوط وضياع فرص الإصلاح والتغيير التي، وعد بها محمد بن سلمان، بما يوفر مزيداً من المعارضة والقمع.
ويبدو أن الغرب عازم على استبدال المعتوه بن سلمان ، وتضييق الخناق على المملكة بمزيد من العقوبات مستغلا الجرائم التي ارتكبها ابن سلمان في الداخل والخارج، وخاصة جرائم الحرب والإبادة في اليمن.
يمكن تشبيه إجراءات محمد بن سلمان بما فعله جورباتشوف في الاتحاد السوفيتي – مع الفارق – فمحمد بن سلمان يهدم في كل المجالات ولا يبني، ورؤيته 2030 م التي صرف عليها الملايين من أجل الدعاية لها طلعت فاشلة، فهي تكلف المواطن الكثير من المتاعب، وتعمل على إفقاره، من اجل توفير الأموال لفساد الحاكم.
مؤخرا صعد الداشر محمد بن سلمان إلى سطح البيت الحرام محروسا بآلاف الجنود، يذكرني ذلك بصعود يزيد بن معاوية وطلبه ضرب خيمة على سطح الكعبة ليسكر فيها، فمزاج الحاكم المستبد ونزواته واحدة من يزيد إلى الداشر ابن سلمان ولا فرق.

قد يعجبك ايضا