غضب وسخط عارم في الشارع العربي خلفه مؤتمر وارسو الذي رفع مستوى التطبيع العلني بين عدد من الدول العربية والكيان الاسرائيلي، والذي دفع ناشطين من مختلف الدول العربية، الى اطلاق حملة دولية موحدة للتغريد على هاشتاق #التطبيع_خيانة استنكارًا لحملات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وانطلقت حملة دولية منذ السبت الماضي من غزة في تمام الساعة السابعة مساءً بتوقيت القدس الشريف، وهدفها تجريم تطبيع أي دولة عربية مع الاحتلال الإسرائيلي يشارك فيها ناشطون وإعلاميون عرب من مختلف أنحاء العالم، أعلنوا رفضهم التام لمؤتمر وارسو والتطبيع مع دولة الاحتلال.
وتجمع شبان ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي ومسؤولون في الفصائل الفلسطينية، بأماكن مختلفة في قطاع غزة، للتغريد على هشتاق “التطبيع خيانة”.
وشهدت الحملة تفاعلًا لافتًا ينقل رفض غالبية الشارع العربي بشكل قاطع للتطبيع مع الاحتلال الصهيوني.
وفي السياق عبر عدد من الشخصيات العربية البارزة عن رفضهم لعملية التطبيع وتمسكهم بالقضايا المركزية للأمتين العربية والإسلامية.
ووصف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، مؤتمر وارسو بالضعيف والمبتذل، محذرا القادة العرب من أن القادة العرب الذين يتجهون نحو التطبيع مع “إسرائيل” هم أداوت بيد “إسرائيل”. وأضاف: كنا نعلم عن التطبيع بين “إسرائيل” وعُمان والإمارات، لكن في القمة رأينا بوضوح أيضا التطبيع مع السعوديين.
ورأى عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق، أن العلاقات العربية – الإسرائيلية خيانة لفلسطين، وإن كان التطبيع الخليجي خذلانا لفلسطين فإن التطبيع السعودي مع العدو الإسرائيلي هو الأكثر خيانة لأن السعودية تمثل بلد الحرمين الشريفين.
وقال الصحفي والمحلل السياسي الفلسطيني ياسر الزعاترة: ان فضائح عرب “وارسو” تفرض نفسها على المشهد السياسي والشعبي. لم يكن هذا مؤتمرا لأجل مواجهة إيران، بل لإدخال نتنياهو إلى غرف النوم العربية، وذلك بهدف القفز على قضية الأمة (فلسطين)؛ بل تصفيتها عبر وضعها في الثلاجة لتغدو نسيا منسيا، ولا يبقى سوى حكم ذاتي بائس، يدفعون هم كلفته.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة: لم يسفر مؤتمر وارسو عن شيء ملموس وبدا لي مجرد حملة دعائية ضخمة أو “زفة بلدي” يقودها نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بمناسبة عقد قران رئيس الوزراء الإسرائيلي على عروس عربية جديدة من الخليج هذه المرة بمباركة وحضور أهل العروس والأقارب والأصدقاء. ومع ذلك أعتقد أن الزفاف لن يتم.
واكد المعارض السياسي والناشط الحقوقي السعودي يحيى عسيري ان مؤتمر وارسو دعارة سياسية. طبعوا أو لم يطبعوا فنحن لم نقبل بهم حتى فكيف نقبل من يطبعون معه.
كما استنكرت حراكات خليجية مناهضة للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، مشاركة الدول الخليجية في مؤتمر وارسو، مؤكدةً أن هذا المؤتمر يشكل خطوة علنية جديدة في طريق التطبيع، وتعارضاً واستخفافاً بمواقف الشعوب العربية بشكل عام، ومواطني دول التعاون بشكل خاص.
وقالت هذه الحراكات في بيان مشترك حمل توقيع “خليجيون ضد التطبيع”: إن اللقاءات السرية التي جرت على هامش المؤتمر ليست الأولى من نوعها، لكنه استغرب مشاركة وفد كويتي في المؤتمر، في وقت كانت الكويت هي الدولة الوحيدة التي لم تمسَّها لوثة التطبيع وفق البيان.
وشدد البيان على رفض كافة أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي أياً كانت مبرراته، معتبراً اللقاءات التي جرت مع نتنياهو تراجعاً واضحاً في المواقف الخليجية التاريخية من القضية والحقوق الفلسطينية، لا سيما في ظل الهجمات الصهيونية المتزايدة على الحقوق الفلسطينية المتمثلة في استمرار الاحتلال وبناء المستوطنات، وحملات الاعتقال والقتل.
كما نشرت جمعية المحامين الكويتية بيان استنكار وتأكيد على موقف الشعب الكويتي ضد كافة أشكال التطبيع مع العصابات الصهيونية.
كما شهدت اليمن مسيرات حاشدة رفضاً للتطبيع وتمسكا بقضية فلسطين حيث خرج الأحد الماضي مئات الآلاف من أبناء العاصمة صنعاء ومدن أخرى في مسيرات حملت عنوان “البراءة من الخونة وتمسكا بقضية فلسطين.
وأعلنت الجماهير اليمنية رفضها القاطع للتطبيع مع الكيان الصهيوني وتجديد التأكيد على موقف الشعب اليمني الثابت الداعم والمساند للشعب والقضية الفلسطينية.
وتفاوتت ردود فعل الشارع البحريني بين التصريحات وبيانات المؤسسات الدينية والجمعيات السياسية والأهلية وجمعية مقاومة التطبيع، بالإضافة إلى تصريحات نواب البرلمان وخطب الجمعة السياسية الذين رفضوا التطبيع مع الكيان الصهيوني بكافة أشكاله والمتضمنة إقامة علاقات اقتصادية وتجارية.
وفي المغرب ذكر موقع “العمق” أن مناهضين للتطبيع ، ينوون متابعة القناة المغربية الثانية أمام الهيئات المختصة، على خلفية قيام القناة بتغطية جانب من النشاط الذي يعتزم المغني الفرنسي انريكو ماسياس، المعروف بدعمه لاسرائيل، احياءه في الدار البيضاء.
وقامت القناة بتغطية ردود الأفعال حول الحفل الغنائي للمغني الفرنسي ذو الديانة اليهودية، والمعروف بدعمه للجيش الاسرائيلي من خلال ريع الحفلات التي يقيمها.
وعبرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في بيان عن رفضها لكل محاولات تصفية القضية الفلسطينية، مؤكدة أنها ستبقى القضية المركزية للعرب والمسلمين وأحرار العالم داعية إلى إبقاء بوصلة العداء تجاه الاحتلال الإسرائيلي، ورفضت حرفها نحو أطراف أخرى.
وأشادت حركة الجهاد في فلسطين بالحملة العالمية لمقاومة التطبيع التي أوصلت رسالة مهمة عبر المشاركة الواسعة للشباب من مختلف مدن العالم العربي والإسلامي الذين توحدت شعاراتهم الرافضة للتطبيع باعتباره جريمة وخيانة.
وأثارت عدة لقطات ولقاءات مسربة في قمة وارسو، غضبًا واسعًا في الشارع العربي، بعدما التقى رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقر إقامته وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي وتبادل الابتسامات مع وزير خارجية حكومة المرتزقة خالد اليماني، الذي جلس على الطاولة إلى جانبه رغم أن اليمن لا تقيم علاقات رسمية مع إسرائيل، بالإضافة إلى أن نتنياهو تشاطر طعام العشاء مع وزراء خارجية عرب الأربعاء الماضي.
وشهدت العلاقات بين دول عربية منها البحرين، والسعودية، والإمارات والكيان الإسرائيلي، تطورًا ملحوظًا وخطوات سريعة خلال الأشهر الماضية وصلت حد زيارة نتنياهو “علنًا” إلى سلطنة عمان وتحدثت تقارير سابقة عن مساعي نتنياهو لتطبيع العلاقات رسميًا مع السعودية.
وتدل كل المؤشرات على أن المستهدف الحقيقي هو القضية الفلسطينية وتحقيق ما يسمى “صفقة القرن” ولا يخفى أن المشروع الاسرائيلي يقوم على تفكيك الأمة، والفوضى الخلاقة لتنشغل الأمة بمشاكلها وحروبها وتبقى هي متفرجة محققة أمنها واستقرارها.
وحقق مؤتمر وارسو لـ”إسرائيل”، جزءا مهما مما تطمح إليه، وهي في أوج تطرفها، واستخفافها، بالحقوق الفلسطينية، وفي أوضح درجات تواطئها مع التغول الاستيطاني، وتغول المستوطنين، في الضفة الغربية، قتلا، منظما، واعتداءات سافرة، وبحماية قوات الاحتلال، على البلدات والقرى الفلسطينية، حقَّق وارسو اعترافا بالاحتلال دولة طبيعية يحق لها المشاركة المباشرة في قضايا المنطقة، وأزماتها، بل أن يسود شعور بأنها أقرب من دولةٍ كإيران.
وحتى الآن، لا تزال حكومة الاحتلال الإسرائيلي تمسك بخيط التطبيع رغم كل ما يشوبه من تناقضات، في محاولة لإيصال رسائل للفلسطينيين، بأن العرب تخلوا عنهم ولا مجال أمامهم سوى القبول بأنصاف الحلول المعروضة، وكذلك رسائل دعائية للداخل الإسرائيلي من طرف اليمين الحاكم منذ 10 سنوات.
وفقًا لمراقبين، كان المؤتمر بالنسبة لنتنياهو بمثابة حملة انتخابية، سعى من خلالها إلى إظهار إنجاز التطبيع مع العرب، دون أي اعتبار للقضية الفلسطينية، كذلك حشد العالم ضد إيران. في الواقع، هنالك وجهات نظر ترى أن نتنياهو فشل في المحورين الاثنين، وقد يكون حقق بعض المكاسب.