في العصور الأولى كانت الهمجية تدفع الدول المتحاربة إلى قتل الأسرى ثم بعد ذلك حل الاسترقاق محل القتل فكان يتم الانتفاع بالأسرى بدلا من قتلهم ثم تطور الأمر فأصبح بالإمكان افتداء الأسرى بالمال واستمر التطور في معاملة الأسرى حتى انتهى الأمر بالاكتفاء بحجز الأسرى أو وضعهم تحت المراقبة حتى يتقرر الإفراج عنهم في نهاية الحرب وبقي نظام أسرى الحرب على هذه الحالة نظاما عرفيا حقبة طويلة من الزمن إلى أن وضعت له قواعد تنظمه في ثلاث اتفاقيات دولية هي اتفاقية لاهاي سنة1907م واتفاقية «جنيف» سنة 1929م لتحسين حالة أسرى الحرب واتفاقية «جنيف» سنة 1949م المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب . ويتناول هذا الموضوع تعريف الأسير والحقوق التي يتمتع بها.
تعريف أسير الحرب
يقصد بأسير الحرب: كل مقاتل يقع في قبضة العدو أو أيدي الخصم وفي تعريف آخر للأسرى: هم المقاتلون من الأعداء (ذكوراً أو إناثا ) الذين يقعون تحت سلطة الطرف المعادي لهم أثناء نزاع مسلح دولي وهم الذين اعتقلوا أو استسلموا.
حقوق الأسير
يتمتع أسير الحرب بمجموعة من الحقوق تستمد شرعيتها من قواعد القانون الدولي، إما بناء على اتفاق دولي ملزم، وعلى ذلك فلا يجوز للأسير أن يتنازل عن بعض أو كل حقوقه، لان التنازل عنها يمس حقوق دولته، ومن هذه الحقوق:
.يجب أن يكون أسير الحرب تحت سلطة دولة العدو، لا تحت سلطة الأفراد أو الوحدة العسكرية التي أسرتهم، لذلك تعتبر الدولة الحاجزة مسؤولة عن كيفية معاملتهم.
. يجب على الدولة الحاجزة نقل الأسير إلى الخطوط الخلفية بأسرع وقت ممكن ، ويجب أن تكون مناطق فرز الأسرى بعيدة عن ساحة العمليات العسكرية ، وان يزودوا أثناء نقلهم بالطعام والماء الكافي والملابس الضرورية والمستلزمات الطبية وضمان سلامة وصولهم .
. ينبغي على الدولة الحاجزة أن تضع الأسرى في أماكن بعيدة عن ساحة العمليات القتالية لئلا يكونون عرضة للقصف ويجب أن تتوافر في أماكن حجز الأسرى سبل الوقاية من الغازات السامة أو إخطار القنابل الهيدروجينية والذرية وان تهيئ وسائل الحماية من أخطار الحرب وتلتزم الدولة الحاجزة بأن تجعل معسكرات الأسرى صالحة للسكن وان تتوافر فيها المتطلبات الصحية ، بحيث تكون متماثلة لمعسكرات الدولة الحاجزة الخاصة بقواتها المسلحة في المنطقة نفسها .
. يتمتع الأسير بالحصانة الشخصية ، فلا يجوز تعذيبه أو ضربه أو اهانته أو توجيه الإكراه المادي والمعنوي إليه لما قام به في ساحة العمليات العسكرية أو من اجل إجباره على الإدلاء بالمعلومات عن قوات دولته العسكرية أو وضعها السياسي أو الاقتصادي ، ولا يجوز تعريض أي أسير للتشويه البدني أو التجارب الطبية أو العلمية، وليس من حق الدولة الحاجزة أن تقيد أهلية الأسير، وعليه فإنه يتمتع بأهلية الوجوب والأداء وله حق إجراء جميع التصرفات القانونية .
لأسرى الحرب الحرية التامة لممارسة واجباتهم الدينية ، شريطة أن تكون هذه الممارسة في حدود الاجراءات النظامية الموضوعة من قبل سلطات الدولة الأسرة ، وعلى الدولة الأسرة أن تحترم الرغبات الشخصية للأسرى ، وان تشجعهم على ممارسة النشاطات الفكرية والثقافية و الرياضية ، وان تزودهم بالأماكن و الأدوات اللازمة للقيام بهذه النشاطات.
.لا يجوز محاكمة الأسير عن ذات الفعل مرتين، كما لا يجوز محاكمته
الصليب الأحمر والعون للأسرى
.يجب على أطراف النزاع أن تمنح لجنة الصليب الأحمر كافة التسهيلات الممكنة لأداء المهام المسندة إليها بموجب الاتفاقيات الدولية في هذا الجانب بقصد تأمين الحامية والعون لضحايا النزاعات وللجنة الحق في :
.الذهاب إلى جميع الأماكن التي يوجد بها اسرى(كالمعسكرات والمستشفيات وأماكن الحجز والسجن والعمل)
. زيارة أسرى الحرب، مع إمكانية تكرار الزيارات وفقا للمدة التي تراها اللجنة مناسبة.
. التحدث مع أسرى الحرب، بدون وجود شهود.
. لا يجوز منع لجنة الصليب الأحمر من زيارة الأسرى إلا لأسباب تقتضيها الضرورة العسكرية ولا يكون ذلك إلا إجراء استثنائيا مؤقتا.
. إن الإسلام قد سبق القانون الدولي في هذا المضمار إذ لم يبح تعذيب الأسرى لغرض الحصول على معلومات وأسرار عسكرية وحث على معاملتهم معاملة إنسانية كريمة في جميع الأوقات.