مجتمع القهر

 

عبدالله الاحمدي

لم تعر السفارة السعودية في لندن اهتماما لطلب الهيئة التي شكلها برلمانيون ومحامون بريطانيون لمقابلة الناشطات السعوديات في سجون محمد بن سلمان، كما لم ترد المملكة على طلب المقررة الأممية ( كالامار) التي تزور تركيا، لزيارة القنصلية السعودية في اسطنبول التي قتل فيها خاشقجي.
بني سعود كذبوا كثيرا في قضايا حقوق الإنسان وفي جرائم حرب اليمن، كما يقول السناتور الأمريكي الديمقراطي كريس ميرفي، بل صاروا مضحكة العالم في كذبهم وتخبطهم في هذه القضايا الراهنة.
عشر ناشطات حقوقيات يقبعن في سجون محمد بن سلمان السرية منذ يوليو 2018 م على رأسهن ( لجين الهذلول/ عزيزة اليوسف/ سمر بدوي/ ايمان النفجان/ تسنيم السادة/ لمياء الزهراني… ) وغيرهن، يتعرضن لكل صنوف التعذيب من ضرب، وصعق وتهديد بالإعدام، وحرب نفسية، بما في ذلك الاغتصاب الجنسي على ايدي زبانية ابن سلمان، ومنهم السافل سعود القحطاني.
شتى انواع التعذيب والممارسات الحقيرة تقوم بها عصابة ابن سلمان في حق العديد من الناشطات، بما في ذلك تصويرهن عاريات، وعرضهن امام المحققين بعد خلع ملابسهن. أي عصابة سافلة تقوم بمثل هذه الممارسات الدنيئة؟!
السافل القحطاني كان قد هدد لجين الهذلول بأنه سيفعل بها ما يريد وسيذيب جثتها ويرميها في المرحاض.
والد الهذلول كان قد دعا المنظمات الدولية لإنقاذ ابنته مما تتعرض له من تعذيب وتحرش جنسي على يد وحوش محمد بن سلمان، كما كتبت شقيقة لجين في صحيفة الواشنطن بوست الامريكية عما تعانيه لجين من تعذيب وتحرش، وانتهاك كرامة.
معاناة النساء في المجتمع السعودي لا تقتصر على الناشطات، بل إن المرأة السعودية تعيش في معتقل كريه عالي الأسوار، محاط بالقمع من كل الجهات. يحرمها من أي تطلعات، حتى الأسرة تمارس ضغوطات لا ترحم في حق بناتها.
قبل اعوام: اي في العام 2014م هربت الفتاة ( هدى آل نيران ) من عسير مع شاب يمني يدعى ( عرفات القاضي ) احبته، ومنعها أهلها من الاقتران به. عبر الاثنان الحدود راجلين. وصلا الى صنعاء لكن سلطة الوصاية في صنعاء خضعت لضغوط السفير السعودي، فأدخلتهما السجن، وحاكمت الفتاة مع حبيبها بتهمة دخول البلاد بطريقة غير شرعية.
وقبل اشهر هربت الفتاة ( رهف محمد القنون ) إلى تايلاند ناجية بنفسها من الضغوط الاسرية التي تتعرض لها، بل انها اعلنت خروجها من الإسلام. ومنحت حق اللجوء الانساني في كندا. اما الناشطات السياسيات فهن بالآلاف في اماكن اللجو. وقبل فترة لجأت الناشطة ( ريم سليمان ) الى هولندا.
مغرد سعودي وصف ما تتعرض له الناشطات في سجون ابن سلمان بأنه وصمة عار في جبين كل سعودي.
منظمة العفو الدولية، وبعض منظمات أوروبية تركز على قضية الناشطات العشر، وقضية خاشقجي، رغم ان السجون السعودية مليئة بالناشطين والناشطات. ويقول المعارض سعد الفقيه في حوار له مع قناة الجزيرة : ان هناك اكثر من ثلاثين الف معتقل في سجون محمد بن سلمان، وان هناك اناسا قضوا نحبهم تحت التعذيب من أمثال الشيخ علي العماري والكاتب حمد الجاسر والعقيد سعيد العتيبي، وغيرهم. بل ان جرائم الإبادة والحرب في اليمن ليس لها مثيل في العصر، وتفوق جرائم الحرب العالمية الثانية. كل هذه الجرائم لم تحض باهتمام الغرب ومنظماته. وهذه المنظمات هي نفسها من تغض الطرف عن القتل الذي يمارس في حق مواطني الطائفة الشيعية في العوامية والقطيف في المنطقة الشرقية. وآخر جريمة ارتكبها الأمن السعودي في القطيف في 7 يناير من هذا العام 2019 م وأدت إلى مقتل ستة، وجرح آخرين من الناشطين المقاومين للاستبداد.
تركيز المنظمات الحقوقية على مظلمة النساء ربما أريد به إثارة الحساسية لدى المجتمع السعودي، لكن الكرامة في هذا المجتمع قد تآكلت بفعل دوام القهر والاستبداد. وفي الحقيقة فإن بني سعود استطاعوا تدجين المجتمع السعودي واقامة علاقات قائمة على القهر، فالسلطة تقهر كل الناس، والرجال يعوضون عن قهرهم، باضطهاد المرأة ومصادرة حقوقها، والكبير يقهر الصغير، والكل يقهر الوافد والمقيم. وهكذا سلسلة من علاقات القهر. لقد نجح محمد بن سلمان في تحويل المملكة الى سجن كبير مغلق النوافذ. والهروب من الأزمات السياسية والاجتماعية الى الحروب والقمع، والسجون ومصادرة الحريات.
والحاصل أننا أمام مجتمع مقهور، وعصابة دموية متجردة عن كل القيم الدينية والإنسانية، تمارس القتل والإبادة، وانتهاك حقوق الانسان، أمام أعين العالم. وتشتري صمت الكثير من الدول بالمال، وخاصة الرئيس الامريكي الذي يدافع باستماته عن المجرم محمد بن سلمان. الغرب الذي اعتبر محمد بن سلمان كرجل إصلاح وتحديث، خدع بهذا الرجل. فمحمد بن سلمان هو بلطجي داشر، يركز على القمع والتفاهات، وليس لديه مشروع جاد، فآخر مشاريعه الدعوة للسماح ببيع الخمور، وفتح بيوت الترفيه والدعارة في المملكة من أجل الحصول على المال، وصرف انظار الناس عن الاستحقاقات السياسية الت ي تغيب عن واقعهم، وتماثلا مع مشروع صهاينة الإمارات وتفيد الوقائع أن الأسرة السعودية الحاكمة تعيش انحلالا، وانحطاطاً اخلاقياً تريد تعميمه على بلاد الحرمين وحسب المغرد السعودي الشهير ( مجتهد ) فإن محمد بن سلمان تربى على تعاطي المخدرات منذ ان كان سنه عشرين عاما. وعلى ذلك قس بالنسبة لبقية الاسرة.
وأخيراً وعلى خجل أدخل الاتحاد الأوروبي نظام بني سعود في قائمة الدول المهددة للاتحاد لعجزه عن مكافحة تمويل الإرهاب، وهو يعلم، أي الاتحاد أن نظام بني سعود هو أساس الإرهاب والخطر الداهم على الأمن العالمي.

قد يعجبك ايضا