مديرة برنامج التحصين بوزارة الصحة العامة والسكان- الدكتورة غادة الهبوب لـ"الثورة":
الهبوب: حملات التحصين هي أنشطة تعزيزية وحماية من الأمراض ومضاعفاتها
لقاء/ رجاء عاطف – أمل الجندي
أشارت مديرة برنامج التحصين بوزارة الصحة العامة والسكان الدكتورة غادة الهبوب إلى أن وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية واليونيسف بصدد التجهيز لحملة تحصين في فبراير الجاري تستهدف 11 مليون طفل من الفئة العمرية (6أشهر إلى 15 عاما) في عموم محافظات الجمهورية ضد مرض الحصبة والدفتيريا عبر المراكز الصحية والمدارس، مؤكدة على أن اللقاحات سليمة 100 % ويتم فحصها ومتابعة سلامتها حتى إعطائها للأطفال، محملة المسؤولية الكاملة أولياء الأمور في عدم اهتمامهم بتطعيم أطفالهم، وأوضحت في لقائها مع صحيفة “الثورة” أن المنظمات الصحية تحرص على إعطائنا اللقاحات لخوفها من انتشار المرض وتطوره الجيني ونقله إليهم.
و في هذا اللقاء سنتعرف على أهمية التطعيمات الروتينية وفاعليتها للحماية من الأمراض ومضاعفاتها.. فإلى الحصيلة:
في البداية حدثينا عن أهمية التحصين في الوقت الراهن؟
– يعتبر التحصين السور المنيع لحماية الأطفال ووقايتهم من أمراض الطفولة القاتلة، وبرنامج التحصين الآن يُطعم ضد 11 مرضاً قاتلاً وهو مجاني ومتوفر في كل مرافق ومراكز الجمهورية ويتطلب تعاون أولياء الأمور وتحملهم المسؤولية في إعطاء أطفالهم حقهم من التطعيم والحماية باستكمال كل الجرعات حسب جدول التطعيم الروتيني الذي يُعطى لكل طفل عند أول زيارة للمرفق الصحي ، ويكون التطعيم بأخذ جرع متفاوتة منذ ولادة الطفل حتى عمر السنة والنصف، وليس كما نرى البعض من الأهالي الذين يهتموا بالتطعيمات الأولى إلى عمر الثلاثة أشهر ونصف، وبعد ذلك إما إهمال أو نسيان وهذا خطأ لأن كل لقاح له سياسته للتفاعل في الجسم لضمان تكوين مناعة كاملة لدى الأطفال.
متى تبدأ حملات التحصين، وكم عدد المستهدفين منها؟
– تعتمد حملات التحصين على الوضع الوبائي ،و الاكثر خطورة حاليا هوما الدفتيريا والحصبة ويتم التجهيز للحملة وستنفذ في شهر فبراير2019م للحصبة والدفتيريا في شهر مارس 2019م، والمستهدفون من حملة الحصبة ما يقارب 11 مليوناً لان الفئة المستهدفة من 6 أشهر الى 15 سنة، وبالنسبة للدفتيريا من عمر السنة الى 15 سنة وستكون الحملة عبر المراكز الصحية ومواقع مؤقتة والمدارس، إلا أننا نعاني من التشتت السكاني الكبير ليس فقط في المدن وإنما في الأرياف من حيث بُعد مواقع التطعيم أو الحملات وهم الذين نخرج إلهم الفرق المتحركة والأنشطة الإنسانية لعدم وجود مواقع صحية.
برأيك ما سبب ظهور أمراض كانت قد اندثرت قبل أعوام والآن ظهرت من جديد؟
– العدوان والحصار الخانق منذ أربعة أعوام وحرب جائرة كل ذلك أدى إلى انتشار حالات سوء التغذية وتدهور الأوضاع الاقتصادية في بلادنا، إلى جانب تدهور الوضع الصحي وتدمير المنشآت والمرافق الصحية، وزيادة النزوح بين المحافظات ونزوح الأسر والمواطنين الذين أصبح التطعيم ليس من أولوياتهم، والازدحام في مخيمات النازحين وانتشار الشائعات الكاذبة حول التطعيم.. هذا كله ساهم في أن يكون هناك فئة من الأطفال لم يتم تطعيمهم وبالتالي الازدحام بين النازحين والأسر أدى إلى سرعه انتشار المرض بشكل أكبر، إلى جانب عدم توفر الأدوية وعدم تردد الكثير من المواطنين على المواقع الصحية والمراكز بسبب العدوان كما ساهم أيضاً في عدم وصول الخدمة الطبية إلى المواطنين في الوقت المناسب وصعوبة الحياة والأوضاع الاقتصادية كان لها دور كبير في صعدية نقل المرضى إلى أقرب مركز صحي.. كل هذه العوامل شكلت تحدياً كبيراً لنا وزيادة انتشار الحالات وأمراض الطفولة ونؤكد أن جميع الاطفال الذين أصيبوا وانتشر بينهم المرض كانوا غير مطعمين.
كم كانت نسبة انتشار هذه الأمراض قبل العدوان؟
– مثلا حالات الدفتيريا كانت قد انتهت تماماً ولم تسجل حالات منذ السبعينات ،وكذلك في الحصبة كانت قد قلت الحالات جداً إلى أن وصلت حالات تعد بالأصابع من ٨-٩ حالات فقط، أما بالنسبة للكوليرا فلم يكن هذا الوباء موجوداً أبداً، وكذلك السعال الديكي كان قد انتهى.
وكيف أثرَّ العدوان على عمل حملات التحصين؟
– حملات التحصين ذات أولوية ولم تتوقف نهائيا إنما هناك تأخير في وصول اللقاحات.
ما دوركم في حملات التحصين للحد من انتشار الأمراض؟
– حملات التحصين تعتبر الدور التكميلي للتطعيم الروتيني الذي يتم إلى عمر سنة ونصف والذي لازال فيه فجوة وقصور، فأعلى نسبة وصل إليها برنامج التحصين منذ تأسيسه إلى اليوم هي 88 % أي أنه لا زال هناك 12 % من الأطفال موزعين في كل محافظات الجمهورية غير مطعمين، ونحن من خلال الحملات نحاول سد هذه الثغرة والوصول إلى أكبر عدد من المستهدفين من الأطفال، أما الحملات التي نقوم بها فيحددها الوضع الوبائي حسب انتشار الأوبئة والفئة العمرية، ففي مرض الحصبة إذا وجدنا أن الفئة العمرية التي انتشر فيها الوباء من ستة أشهر إلى عشر سنوات وأحيانا الى 15 عاماً حسب التحليل الوبائي وحسب الوضع الذي يحتاج إلى تدخلات، فحملة الحصبة القادمة التي نحن بصدد التحضير والتجهيز لها تستهدف الاطفال من ستة أشهر إلى 15 سنة، فإذا تكاتفت جميع الجهود من الأهالي من جميع الجهات واستطعنا أن نرتقي بالتطعيم الروتيني إلى الـ 97% فلن نحتاج إلى هذه الحملات ولن تنتشر أوبئة في بلادنا.
هناك من يقول إن للتحصين أبعاداً أخرى غير الهدف الإنساني الصحي، فما تعليقكم على ذلك؟
– من يقول ذلك عليه تقديم الدليل .
رغم الحصار وإغلاق المطارات الا أنه يسمح للقاحات بالدخول دون غيرها من الأدوية الهامة، لماذا؟
– في كل بلد هناك من لم يحرص على تطعيم أطفاله، لذا فإنهم يحرصون على إعطائنا الأفضل والأكثر فاعلية ليس خوفا علينا بل خوفا على أنفسهم لأن الوباء إذا انتشر في بلادنا فسيصبحون هم عرضة له والخطورة أن الفيروس إذا أنتشر الى الدول المجاورة تحدث له تطورات جينية جديدة فيصبح أشد قوة ولن يعد للقاح الذي نستخدمه نفعاً، على عكس الأمراض الأخرى التي لن تنقل العدوى للآخرين، فأمراض الطفولة القاتلة سريعة الانتشار والعدوى لا تقف أمامها حواجز ولا تحتاج تذاكر مرور بين دولة وأخرى وإذا انتشر أي مرض مثلا كشلل الأطفال تكون كل دول الإقليم في حالة طوارئ أولها اليمن لأن الفيروس سريع الانتشار من بلد إلى آخر.
ما جهود الحكومة في مكافحة هذه الأمراض؟
– تقوم الحكومة ممثلة بوزارة الصحة والسكان بجهود كبيرة إلى جانب دعم المنظمات التي تعد أهم شركائنا في توفير اللقاحات بشكل مستمر وتوفير الأدوية قدر الإمكان، وأيضاً القيام بعمل التوعية اللازمة بكل الطرق الممكنة، إلى جانب نزول فرق ميدانية إلى مناطق انتشار الأوبئة ومحاولة تطعيم الأطفال غير المطعمين ومعالجة الأطفال المصابين وكذلك محاولة دحر الشائعات وتطمين المواطنين والتأكيد على أن اللقاح سليم وهذا كله بدعم حكومي لاستمرار عملية التحصين والحد من انتشار الأوبئة، ولولا هذه الجهود لأصيب آلاف من الأطفال غير الحالات التي سجلت .
ما تقييمكم لتجاوب المنظمات الصحية مع حملات التحصين؟
– نحن بدون المنظمات لن نعمل حتى الآن لأنه لا توجد موازنة حكومية كما لم تستطع الحكومة شراء اللقاحات، فبدعم منظمة الصحة العالمية واليونيسف ما زالت أنشطة الوزارة تعمل إلى يومنا هذا.
ما المشاكل والمعوقات التي تواجهونها؟
– أكثر المعوقات التي تواجه عملية التحصين هي زيادة نسبة الرفض للتطعيم والطبيعة الجغرافية لبلادنا ،وصعوبة الوصول إلى عدة مناطق بسبب الأوضاع والنزوح الكبير في مناطق مختلفة وتنقل النازحين وعدم استقرارهم في منطقة واحدة، بالإضافة الى زيادة الشائعات بالحرب المقنعة على التحصين بأنه قد يسبب مشاكل وهذا كلام ليس له أي أساس من الصحة.
ما الإجراءات الوقائية التي يجب العمل بها؟ وبماذا تنصحون المواطنين؟
– الطريقة الوحيدة للوقاية من أمراض الطفولة القاتلة هي التطعيم، وننصح جميع أبناء المجتمع بتطعيم أطفالهم بالتطعيمات الروتينية كاملة ولا يكتفون فقط بالتطعيمات عبر الحملات أو التي تصل إلى منازلهم لأنها تطعيم ضد مرض واحد هو شلل الأطفال أو ضد مرض الحصبة، فاللقاحات آمنه وثمينة وأدعو كل فرد في المجتمع إلى أن يساهم في حماية أطفالنا بإعطائهم كل اللقاحات ورفع التوعية بين أبناء المجتمع المحيط بهم بضرورة التطعيم وأهميته .
كلمة أخيرة في هذا اللقاء؟
– نؤكد على جميع المواطنين أن القائمين على برنامج التحصين وعلى وجود اللقاحات هم يمنيون، وأننا نلقح أطفالنا من نفس اللقاح ولا يوجد لقاح مخصص لمسؤول او قائد في اليمن أو أن اللقاح الذي يعطى للمواطنين مختلف نؤكد أن اللقاح آمن وسليم ونحن لا نقبل أي لقاح إلا بعد التأكد من سلامته 100 % ونتابع سلامته من المصنع حتى خروجه ووصوله إلى الأطفال ،وأنبه هنا على أن اللقاح ليس مصَّنعاً خصيصا لليمن، فمصنع ومصدر اللقاح واحد لكل الدول، وللفئة التي تروج بأنه قد يسبب الأمراض أو قد يؤذي أطفالنا ،أؤكد اننا نطعم أطفالنا منذ عام ١٩٧٧ ولم يحصل أن أصيب أطفالنا بأي إصابات ،على العكس تكون قلة الحالات التي تسجل وقلة الوفيات دليل على كفاءة التحصين وعلى أهميته لذا يجب أن نسعى جميعا لحماية الطفولة والعمل على مكافحة هذه الأمراض والقضاء عليها من أجل مستقبل صحي متكامل لجيل قوي يستطيع بناء وحماية اليمن .