رئيس جمعية حرفيي البناء التقليدي الصنعاني: صنعاء القديمة تراث إنساني وحمايته مسؤولية الجميع
> المواطن شريك جوهري في الحد من المخالفات والتشوهات العمرانية
الثورة /حمدي دوبلة
إذا كنت من أبناء مدينة صنعاء القديمة أو من المقيمين فيها فإن كل ما تمتلكه من مبانٍ أو مرافق مادية هي ملك لكل أبناء الشعب اليمني وتراث انساني يهم البشرية جمعاء .. هكذا يقول المهندس المعماري/ احمد سعد نواس رئيس جمعية حرفيي البناء التقليدي الصنعاني، مؤكداً أن الحفاظ على الخصوصية المتفردة للمدينة التاريخية ونمطها المعماري المميز مسؤولية وطنية تقع على عاتق الجميع من مواطنين وجهات حكومية ومنظمات مجتمع مدني، مشيرا الى أن التحديات الكبرى التي باتت تواجهها صنعاء القديمة اليوم في ظل النشاط التجاري المتنامي وما يصاحبه من تمدد عمراني متسارع ناهيك عن الأضرار الكبيرة التي لحقت بمباني ومرافق المدينة العتيقة جراء الحرب والغارات الجوية تجعل من مهمة الحفاظ على هذا التراث الانساني الحي مسؤولية معقدة ومتعددة الجوانب وتستدعي تضافر جهود كل الجهات المختصة رسمية واهلية ومدنية.
تراث زاخر
صنعاء القديمة التي يزيد عمرها عن 7 آلاف عام كما يقول أخصائي التوعية بالتراث الثقافي ومستشار وزارة الثقافة جمال معجم، هي عبارة عن متحف انساني حي نابض بالحياة لكنه مع مرور الوقت وتقلبات الأحداث بات يواجه المزيد من التحديات والمصاعب التي تحمل في طياتها الكثير من المخاطر المحيطة بهذه المدينة التاريخية التي تم إدراجها ضمن قائمة مدن التراث العالمي بمنظمة اليونسكو أواخر العام 1984م قبل أن يتم إعلان صنعاء رسميا ضمن قائمة التراث الإنساني في ديسمبر من العام 1986م ومنذ ذلك التاريخ الى اليوم لم تتوقف الدعوات والاجراءات لتعزيز جهود الحفاظ على صنعاء القديمة حيث أصبحت المخالفات في البناء والترميمات واحدة من أبرز التحديات والمخاطر المحدقة بها وبطابعها المعماري المميز.
جهود ملموسة وتكامل بنَّاء
من الجهود الملموسة الرامية الى الحفاظ على صنعاء القديمة وفي صورة تجسد التعاون المطلوب بين الجهدين الرسمي والمجتمعي جاءت فكرة انشاء جمعية حرفيي البناء التقليدي الصنعاني التي حظيت بدعم وتبنٍ من قبل الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية.. ويقول رئيس الجمعية أحمد سعد نواس إن التعاون المثمر بين الجمعية والهيئة كان مثالا رائعا على التكامل في الأداء بهدف الحفاظ على هذا الإرث الإنساني العظيم.
ويشير نواس في حديثه لـ”الثورة” إلى أن قيادة الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية ممثلة في رئيسها محمد ضيف الله فارس ووكيلة الهيئة أمة الرزاق جحاف أدركت أهمية الدور الهام الملقى على عاتق الحرفيين والمعماريين التقليديين في الحفاظ على النمط المعماري في المدينة التاريخية ، الأمر الذي تم تتويجه مؤخرا بتوقيع اتفاق بين الهيئة والجمعية ونص على ضرورة تزويد الجمعية للهيئة بكشف يضم اسماء المعماريين “الأساطية” وإشعارها بكل جديد على صعيد التحديثات والترميمات العمرانية وكذا التزام الجمعية بتوجيهات الهيئة فيما يخص الحفاظ على النمط العمراني طبقا للقانون رقم 16للعام 2013م للحفاظ على المدن التاريخية الى جانب التزام الهيئة بعدم منح أي معماري “اسطى” رخصة مزاولة المهنة ما لم يكن حاصلا على عضوية الجمعية، كما تم الاتفاق حسبما يقول المهندس نواس على اتخاذ الاجراءات القانونية ضد اي مخالف لقانون الحفاظ أو مارس أية تجاوزات ولم يلتزم بما ورد في ترخيص الهيئة الممنوح للمواطن وذلك بسحب البطاقتين وتوقيفه عن العمل واحالته الى التحقيق لدى الشؤون القانونية بالهيئة مع اشعار الجمعية بذلك رسميا، كما نص الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة من الجانبين لدراسة المخالفة المعمارية التي قام بها المعماري وتقييمها وتدارس الحلول لمعالجتها والخروج برؤية مشتركة يتم تقديمها لرئيس الهيئة وكذلك الاتفاق على حق اللجنة الفنية المشكلة من قبل رئيس الهيئة الاستعانة بأحد المعماريين “الأساطية” من ذوي الخبرة عن طريق مخاطبة الجمعية وعدم قبول توقيع اي “اسطى” على الترخيص ما لم يكن حاصلا على بطاقة عضوية من الجمعية وبطاقة رخصة مزاولة المهنة من قبل الهيئة وفي حال وجود “اسطى” متميز يقوم بعملية البناء دون حصوله على البطاقتين يُمنح فرصة للحصول عليهما دون توقف عمله.
دعوات ومناشدات
يبقى دور المواطنين ممن يسكنون في اطار صنعاء التاريخية جوهريا ومحوريا لتعزيز جهود الحفاظ على خصوصية وطابع المدينة، حيث يؤكد المهندس نواس على ضرورة تحلي المواطنين بالوعي اللازم وبالتالي عدم القيام بأية أعمال إنشاء أو ترميم مهما كانت إلا بعد الرجوع الى الهيئة واخذ المشورة اللازمة من المختصين، ويشدد على حرص جمعية حرفيي البناء التقليدي الصنعاني على أداء مسؤولياتها الوطنية والخلاقية بما يعزز توجهات الحفاظ على خصوصية صنعاء القديمة وطابعها المعماري المتفرد وفق القواعد والشروط المتفق عليها مع الهيئة التي تقوم بدور وجهد كبيرين للحفاظ على هذا الإرث الوطني والإنساني الثمين، مشيرا الى أن على القيادة السياسية ممثلة في المجلس السياسي الأعلى وحكومة الانقاذ وفي وزارة الثقافة وأمانة العاصمة واللجنة الوطنية العليا للحفاظ على صنعاء القديمة ان تقدم المزيد من الدعم للهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية بما يساعدها في أداء مسؤولياتها الكبرى في حماية المدينة القديمة وضبط المخالفات وتنفيذ الترميمات المطلوبة لمختلف المنازل والمرافق المختلفة في المدينة.
مبادئ وأهداف
من أهم المبادئ الأساسية والأهداف التي تسعى جمعية حرفيي البناء التقليدي الصنعاني إلى تحقيقها باعتبارها منظمة مجتمع مدني وتؤدي دورها بمهنية خالصة دون أية توجهات سياسية أو ارتباطات جهوية كما يقول رئيسها أحمد سعد نواس، الحد من المخالفات والتشوهات التي تتعرض لها المدينة والمساهمة في تأمين تطور عمراني في صنعاء القديمة بما يلائم خصوصيتها وطابعها المعماري والمحافظة على الموروث العمراني للمدينة وكذلك التعاون بشكل كامل مع الجهات الرسمية في هذا الجانب وفي إحياء الحرف التقليدية الى جانب الإسهام في نشر الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على الموروث المعماري الصنعاني بالإضافة الى العمل على نقل المعرفة للحرفيين الشباب وذلك من خلال القيام بدورات تدريبية في هذا المجال على غرار تلك التي اقيمت قبل أسابيع من قبل الهيئة لعدد كبير من عقال الحارات والمعماريين الحرفيين من ابناء صنعاء القديمة وخرجت بنتائج جيدة على صعيد تعزيز جهود الحفاظ على الطابع العمراني في المدينة العتيقة الى جانب احترام ومراعاة المعاهدات والمواثيق الدولية التي تبرمها الدولة بخصوص الحفاظ على الموروث الثقافي المعماري للمدن التاريخية وكذا التعاون مع المنظمات المحلية والأجنبية للحفاظ على الموروث الثقافي والحرفي الصنعاني وفتح نافذة للاستثمار بالشراكة مع الفنيين المختصين في هذا المجال.