ماذا تريد أمريكا؟؟

> تصريحات وزير خارجية ترامب.. استمرار للعدوان وعائق جديد لاتفاق السويد

 

تقرير خاص/ عبدالقادر عثمان

أربع سنوات من الحرب التي شنتها دول العدوان على اليمن، خلفت أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وارتكبت تلك الدول خلالها أبشع الجرائم بحق المدنيين، فيما صمت العالم أمام مشاهد القتل الجماعي الوحشي للأطفال والنساء.
حرب لم يسلم من أذاها مواطن في بلد يزيد عدد سكانه عن 26 مليون نسمة، أنفق عليها المعتدون مئات المليارات من الدولارات، لشراء صفقات الأسلحة، بما فيها المحرمة، وأصبحوا نتيجتها عرضة للابتزاز الأميركي الساعي إلى إطالة أمدها، والاستفادة منها في رفد الاقتصاد ودعم الأيادي الخفية في الشرق الأوسط، التي تتيح له تبرير تواجد قواته في تلك المناطق.
العدوان المتجدد
ما أن تلوح في الأفق مبادرة لإنهاء العدوان على اليمن حتى تطرأ معوقات جديدة ومبتكرة تتكفل بعرقلة كل الجهود الساعية إلى وقف النزيف الهائل لأرواح الأبرياء؛ ففي كل مرة يلحظ الشارع اليمني تقارب الرؤى بين الأطراف، يبادر الطرف المنطوي تحت لواء العدوان لوضع شروط تعجيزية، أو للالتفاف على كل الاتفاقيات التي من شأنها إنهاء العدوان.
تخلف في المواقف دون أي سبب يذكر، وتنصل عن المسؤولية، يوحي بأن هناك أطرافاً أخرى تضغط على دول العدوان لتمرير قراراتها، غير أن السؤال المطروح هو “من الطرف المستفيد من هذا العدوان؟، ولماذا يمارس تلك الضغوط؟”.
أميركا المراوغة
خلال زيارته الشرق أوسطية الأخيرة، قال وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية، (مايك بومبيو)، من العاصمة السعودية الرياض عقب لقائه بالعاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده، أن “العمل الذي تحقق في السويد كان جيداً، لكن نحتاج إلى احترام تلك الالتزامات من قِبَل كلا الطرفين”، مؤكدا دعم أميركا للحل السياسي في اليمن، وأضاف أن “الحوثيين هم من يعرقلون مسار العمل السياسي” متغاضياً عن كل المبادرات التي قدمها المجلس السياسي الأعلى وقيادة أنصار الله لإنهاء العدوان، ومتجاهلاً للتنازلات التي قدمها الوفد الوطني في السويد من أجل لم شمل اليمنيين.
تصريحات تثير الجدل، وتثبت بما لا يدع مجالا للشك عن رغبة أميركا في استمرار العدوان على اليمن، إذ أن بومبيو أراد القول من خلال تصريحه أن اتفاق ستوكهولم أصبح غير مجدٍ وأن المعارك في الحديدة يجب أن تستمر، وهو ما يتيح للطرف الموالي للتحالف فرصة لتصعيد آخر في المحافظة الساحلية لمحاولة انتزاعها بعد عجزهم في جميع مراحل التصعيد السابقة.
أين مبادراتكم؟!
تصريحات بومبيو لاقت رداً عنيفاً من العاصمة صنعاء، حيث تساءل رئيس اللجنة الثورية العليا، (محمد علي الحوثي)، عن الخطوات التي نفذها المعتدون وشركائهم لاحترام اتفاقات السويد.. حتى يدّعوا عدم احترام الجيش واللجان لها، مشيرا إلى المقترحات قدمها الوفد الوطني والمجلس السياسي الأعلى والتي من بينها “إعادة الانتشار لمسافة 50 كليومتراً في الوقت نفسه من قِبَل الطرفين، وإعادة الانتشار في الميناء، وفتح طريق كيلو 16 لتوزيع مساعدات المطاحن”.
وفيما أشارت السفارة الأميركية في الرياض، عبر تغريدة على” تويتر”، إلى أن بومبيو وابن سلمان اتفقا على أن “الحل السياسي الشامل هو السبيل الوحيد لإنهاء النزاع”، فإن ذلك الاتفاق يأتي في إطار الحملات الإعلامية الممنهجة لإظهار أميركا على أن لها دوراً بارزاً في الضغط على دول العدوان لمحاولة تخفيف معاناة اليمنيين، في الوقت تحلق طائراتها فوق رؤوسهم دون توقف وترتكب الجرائم بشكل يومي دون مبالاة، على الرغم من تواجد لجنة تنسيق إعادة الانتشار في المدينة التي كان يفترض أن تصمت فيها أصوات المدافع فضلا عن أزيز الطائرات ودوي غاراتها، وهو ما اعتبره عضو الوفد الوطني (سليم المغلس) إهانة للاتفاق.
نموذج سوريا
وكان الرئيس الأميركي (دونالد ترامب)، قال قبل أيام قليلة أنه حان الوقت لتسحب أميركا قواتها من سوريا. يأتي ذلك بعد ست سنوات من الحرب العدوانية التي تعددت أطرافها الإقليمية لمحاولة احتلال البلد المجاور للأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل الكيان الصهيوني، وما أن أعلن ترامب قرار الانسحاب حتى انكبّ قادة الأنظمة العربية المشاركة في العدوان على سوريا لإعادة علاقة بلدانهم بنظام الرئيس بشار الأسد، ما يؤكد أن من يعطي الضوء الأخضر بإعلان الحرب وإيقافها هو النظام الأميركي الذي يتحكم بكل قرارات دول العدوان على اليمن، وهو من يستطيع إيقافها.
وفي تصريح صحافي نشر مساء أمس الثلاثاء، يرى المستشار الإعلامي للوفد الوطني جمال عامر، أنه لم يعد هناك يقين بتوجه أميركي صادق وثابت إزاء مجمل القضايا السياسية العالقة في المنطقة عامة واليمن خاصة، مضيفاً أنه “لم تعد التصريحات الأميركية تحمل أي صدقية، ليس في ما يخصّ اليمن فقط، ولكن في ما له علاقة بأزمات الشرق الأوسط عموماً كسوريا والعراق وإيران وتركيا”.
استمرار الحرب
ويعتقد عامر أن بومبيو، من خلال تصريحاته من السعودية، يقدّم للرأي العام ما يهدّئه بتبنّي بنود السلام، ولكنه في الوقت نفسه يمهّد لإمكانية استمرار الحرب، من خلال اتهام أنصار الله بعدم تنفيذ اتفاق السويد، ويراه اتهام يفتقد، إلى المصداقية، لكونه لم يأتِ من المشرف على تنفيذ الاتفاق، وهو المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث.
ويشارك الأمريكان في العدوان على اليمن من خلال تزويد الطائرات التابعة لدول العدوان بالوقود وتقديم الدعم اللوجستي والعسكري والإشرافي، بالإضافة إلى إدارة عمليات القصف الجوي والعمليات البرية.
وكشفت قناة المسيرة التابعة لأنصار الله، أمس الأول، معلومات هامة من الاستخبارات اليمنية عن ضباط أميركيين يديرون غرف عمليات العدوان، كما عرضت مقطع فيديو يرصد الضابط الأمريكي (ألكساندر فلاغ) في غرف عمليات العدوان السعودي، وهو يشرف مع زملائه على إبادة الشعب اليمني بشكل مباشر.
العدوان الأميركي
وخلال سنوات العدوان على اليمن، التي لا تريد لها الولايات المتحدة الأميركية التوقف، عقدت المملكة العربية السعودية، عشرات الصفقات التجارية لشراء الأسلحة التي تستخدمها في استهداف اليمنيين.
ونشرت نيويورك تايمز أواخر ديسمبر من العام 2018، تقريرا عن مشاركة القوات الأميركية في قتل اليمنيين، وقالت الصحيفة أن كل طفل يسقط في اليمن بقصف للطيران يشارك الجنود الأميركيين في قتله، محملين إدارة الرئيس دونالد ترامب مسؤولية إبادة وتجويع أطفال اليمن.
وكان أعضاء الكونجرس صوتوا أواخر الشهر المنصرم على مشروع قرار ينهي الدعم العسكري الأميركي لدول العدوان على اليمن، غير أن الرئيس دونالد ترامب قال أن صفقات الأسلحة للسعودية ستستمر مهما كانت المعارضات، مؤكدا أن السعودية اشترت من الولايات المتحدة سلاحا بقيمة 110 مليارات دولار منذ بدء العدوان على اليمن.
ملامح فشل
وشنت ميليشيات الإمارات خلال الساعات الماضية هجوما هو الأعنف جنوب شرق مدينة الحديدة منذ شهر، في محاولات مستمرة لتفجير الوضع من جديد في المدينة، من أجل الوصول إلى ما فشلوا في الوصول إليه سابقاً.
من جانبه أعلن المتحدث باسم الجيش واللجان الشعبية، العميد (يحيى سريع)، أن المخزون الاستراتيجي سيكون عما قريب كافياً لإدارة وتنفيذ أكثر من عملية لسلاح الجو المسير في أكثر من جبهة قتالية في الوقت نفسه”، مؤكدا أن الجيش واللجان لديهم منظومات جديدة من الطائرات المسيرة القادرة على اختراق التحصينات سيتم الإعلان عنها قريباً”، وأن هناك “صواريخ حديثة تم اختبارها وسيتم الكشف عنها لاحقاً”.
مؤشرات توحي بأن السلام أبعد إلى الواقع من التصعيد، خاصة مع استمرار تحشيد قوات الاحتلال الإماراتي في الساحل الغربي، استعدادا للمعركة القادمة التي لا يجهلها الجيش واللجان ولم يصدر بها الضوء الأميركي الأخضر الذي ينتظره العدوان لمواصلة جرائمه، وهو ما يؤكد أن قوات العدوان مجرد أدوات بينما المستفيد الأكبر من الحرب العدوانية على اليمن هي أميركا، خاصة في ظل توسع مشروعها الاحتلالي الصهيوني في الشرق الأوسط.

قد يعجبك ايضا