لماذا هذه الهجمة الشرسة على الهيئة الوطنية للشؤون الإغاثية
قاسم حسين الحوثي*
تصاعدت خلال الأيام الماضية وتيرة الهجمة الشرسة التي تستهدف الهيئة الوطنية للشؤون الإغاثية ومواجهة الكوارث سواء بأصوات محلية أو دولية، في محاولة من قبل الكثير من المتضررين من وجود هذه الهيئة لتحييدها عن القيام بمهمتها الوطنية واغتيالها معنوياً أمام اعين الشعب اليمني، ولماذا كل ذلك؟ الجواب ببساطة لأن الهيئة أقفلت العديد من أبواب الفساد وتضرر جيش جرار من المستفيدين من نهب المساعدات الإنسانية، وعلى رأس المتضررين المنظمات الدولية ولوبيات الفساد المرتبطة بها.
ولنفهم أكثر سبب الهجمة الشرسة، يجب أن نفهم أولاً ماذا فعلت الهيئة في الفترة الأخيرة والذي أدى لهذا الحنق الشديد لدى طواقم المنظمات الأممية والمحلية ونوجز ذلك في النقاط التالية:
* جاءت الهيئة الوطنية للشؤون الإغاثية لتكون نافذة واحدة ووحيدة للتعامل مع المنح والهبات الدولية مما يغلق الباب امام سماسرة الفساد وتجار المعونات الذين سمنت كروشهم طوال عقود طويلة عاشت فيها بلادنا في حالة “الإباحة” لكل من هب ودب ليعمل ما يريد ويمول ما يريد، ولهذا فإن وجود إطار وطني منظم يشارك في إدارته كل الجهات ذات العلاقة (تمتلك الهيئة مجلس إدارة موسعا يضم كل الوزارات والهيئات المعنية بالمساعدات الإنسانية ويضمن اتخاذ القرارات المثلى للبلد وبصورة جماعية) هذا الإطار حد من الفساد والمحسوبية والرشاوى والتعامل عبر أبواب خلفية لسرقة مساعدات الشعب اليمني.
* لقد جاءت الهيئة من رحم واقع احتياج وضرورة جراء المعاناة الشديدة التي فرضها العدوان على شعبنا اليمني طوال 4 أعوام من الحرب والحصار، ولهذا فإن تحرك مجلس إدارة الهيئة لإعداد خطة احتياج الجمهورية اليمنية لأول مرة في تاريخ البلد يضع محددات واضحة أمام جميع المنظمات الدولية عن طبيعة ما يحتاج الانسان اليمني ولا يترك الباب مفتوحا للمنظمات لاختيار ماذا تعمل ، أي أنه من البديهي عندما يعاني اكثر من 70% من الشعب من المجاعة أن توجه المساعدات لغوث الجائعين ولا تذهب المشاريع الأممية إلى دورات التدريب وانشطة التمكين السياسي وغيرها من الأنشطة ولهذا فإن خطة الاحتياج أقفلت أبواب الفساد امام المنظمات الدولية ووكلائهم المحليين على حد سواء.
* استطاع مجلس إدارة الهيئة خلال فترة وجيزة (60 يوما) من تقييم مكامن الخلل في العمل الإنساني والإغاثي في البلد والخروج بالتوصيات والقرارات اللازمة للاستفادة من هذه المساعدات ، على سبيل المثال إعداد لائحة داخلية محكمة ومنظمة لعمل الهيئة تكون نافذة امام الجميع ، وكذلك إعداد الاحصائيات والدراسات عن حجم المنح والمساعدات والمبالغ المصروفة ودراسة فائدة هذه المنح على الإنسان اليمني. وكل ذلك أفضى إلى نظام يحفظ مصالح الإنسان اليمني ويحفظ سيادة بلاده أمام عبث المنظمات الداخلية والخارجية.
* لقد اعتادت المنظمات الدولية على الإفساد في بلادنا من خلال استهلاك ما يصل إلى 60% من المنح المقدمة إلى الشعب اليمني تحت ذريعة (المصروفات التشغيلية) ولشرح ذلك أكثر فالمقصود هو أنه إذا قدمت منظمة دولية مساعدة مقدارها 5 ملايين دولار فإن 4 ملايين دولار كانت تذهب نفقات أجور وحماية ومهام لوجستية تذهب إلى جيوب القائمين على المنظمة في حين يذهب ما تبقى من فتات لصالح الشعب اليمني وهذا ما أوقفته الهيئة.
* قام مجلس إدارة الهيئة الوطنية للشؤون الإغاثية بمواجهة لوبي الفساد الدولي والمحلي من خلال حزمة من القرارات الجريئة كان أبرزها تصحيح وإصلاح نظام توزيع المساعدات العينية” على شكل سلال غذائية، هذا النظام الذي كان يؤدي إلى بيع المواطنين لهذه المواد الغذائية لدفع التزامات أخرى ملحة مثل الإيجار أو الدواء ويعود بالفائدة الربحية لصالح التجار والمنظمات المنفذة لهذه المشاريع مقابل أجور النقل والتخزين وغيرها، وطالبت الهيئة بأن يكون هناك نظام بديل محكم يعتمد على البصمة والبطائق الالكترونية ويوزع المساعدات نقدياً للمواطنين بحيث تذهب الفائدة الكبرى لصالح المواطن وهو القرار الذي أثار حفيظة لوبي الفساد الدولي والمحلي وكان احد أسباب هذه الهجمة الشرسة.
* عمد مجلس إدارة الهيئة إلى إيقاف تجديد عقود المنظمات المشبوهة أو غير المفيدة للشعب اليمني والتي تستخدم العنوان الحقوقي والإغاثي لتنفيذ اجندات سياسية، كما حصرت مهام وتحركات المنظمات وفق أطر قانونية تحفظ سيادة البلد وتضمن مصالح أبنائه من خلال دراسة وتوجيه المنح والمساعدات الدولية إلى الشعب مباشرة دون أنشطة عشوائية غرضها تجفيف المساعدات والأغراض الدعائية والسياسية.
* إن التحرك السريع والفعّال للهيئة الوطنية للشؤون الإغاثية والتأسيس المنظم والإدارة الجماعية والقرارات الحاسمة في مواجهة الفساد جميعها سببت أن يكون كل الفاسدين في موقع الخصومة الشديدة للهيئة واستهدافها إعلامياً وسياسياً، ومن يلاحظ أنه وخلال هذه الفترة الوجيزة (60) يوما فقط استطاعت الهيئة قطع شوط معتبر في تقنين عمل المنظمات وتوجيه المساعدات والحفاظ على السيادة ومكافحة الفساد وإعداد خطة احتياج عامة لأول مرة في تاريخ البلاد جميع هذه الإنجازات وأكثر تجعل من دعم وإسناد الهيئة مهمة شعبية وإعلامية وثقافية بدرجة رئيسية ، حيث أننا معنيون اليوم جميعاً بتثبيت هذا المكسب والحفاظ عليه كهدف رئيسي من اهداف ثورة 21 سبتمبر المجيدة ومنع شبح الفساد الأممي من التغول على مؤسساتنا الرسمية ، ولهذا فإن الإعلام الوطني اليوم مطالب بالاضطلاع بدوره للتعريف أكثر بدور الهيئة ومهامها وكذلك على النخب والمثقفين والحقوقيين القيام بدور توعوي لفضح وتعرية الفاسدين وتوضيح الأسباب الحقيقية وراء صراخهم في هذا التوقيت بالذات وعن أهمية أن يكون لنا هيئة وطنية لإدارة المساعدات الإنسانية عبر نافذة واحدة والذي كان طلبا أممياً ايضاً وصل إلى القيادة اليمنية عبر أمين عام الأمم المتحدة.
* رئيس دائرة السلطة المحلية ومنظمات المجتمع المدني