القصاص ولو بعد حين
أحمد يحيى الديلمي
المخاض الصعب الذي رافق ولادة القرار الأخير الصادر عن مجلس الامن الدولي بشأن اليمن وضع الكثير من علامات الاستفهام عن موقف أمريكا المنقلب وغير المستقر حيال اليمن .
ما أثار دهشة واستغراب المراقبين الخلاف الحاد الذي حدث لأول مرة بين طرفي التحالف المزمن أمريكا وبريطانيا على اعتبار أن أي مشروع قرار تتقدم به بريطانيا الى مجلس الأمن لا يرى النور إلا بعد موافقة أمريكا عليه ، فلماذا تشعب الخلاف بالذات حول هذا القرار ؟
الإجابة واضحة أفصحت بجلاء عن هيمنة أمريكا المباشرة على مجلس الأمن وقراراته ،وهو ماجعل الخلاف حول القرار(2451) يتصاعد ليتعدى أروقه مجلس الأمن ،ويصل الى وزارتي الخارجية في واشنطن ولندن ، كانت البعثة البريطانية قد قدمت صيغة معدلة غير الاولى التي اثارت الخلاف بحيث تم نقل البند الذي طالب مجلس الامن بالتحقيق مع مرتكبي جرائم الحرب البشعة ومحاسبتهم الى الديباجة ليصبح مجرد مؤشر غير ملزم ولا يوجب التنفيذ .
مع ذلك رفضت امريكا النص المعدل وأصرت على اخلاء القرار من أي اشارة الى جرائم الحرب او التحقيق مع من ارتكبها، الاصرار بدد حيرة المحللين كونه كشف المستور عن الدور المباشر لأمريكا في حرب الابادة وجرائم الحرب البشعة المرتكبة من تحالف العدوان المسنود بدور امريكا المباشر بالتالي فإن المجرم لا يمكن ان يدين نفسه وهذا هو سبب الاصرار على خلو القرار من إشارة إلى موضوع التحقيق والحساب .
الموقف برمته كشف القناع عن دور موقف امريكا الحقيقي ، واكد زيف التصريحات التي صدرت عن مسؤولين امريكيين وطالبت بإيقاف جحيم العدوان الهمجي السافر مؤكدة إنها صدرت لذر الرماد على العيون وامتصاص صيحات الاستنكار الغاضبة المطالبة بإنهاء الدور الامريكي ،وإيقاف بيع الاسلحة لأبرز دول العدوان ممثلة في النظامين السعودي والاماراتي لما تقترفان من جرائم حرب وإبادة شاملة للشعب اليمني المظلوم المغلوب على امره ، مما أفزع المسؤولين في البيت الابيض فبادروا إلى أصدار التصريحات لتخفيف حدة المواقف الرافضة لاستمرار العدوان .
بعض الصحف الامريكية أشارت إلى أن حالة الارتباك والفوضى والخذلان جاءت بسبب الوعود التي أعلنت عنها امريكا مباشرة او عبر قنوات الإعلام المأجور الناطق بلسان عربي حول سرعة الحسم في اليمن ، كلها مُنيت بالفشل الذريع ولم يتحقق منها على أرض الواقع سوى الكوارث الانسانية وكل ما أحدثته الصواريخ والقنابل الامريكية من خراب ودمار وإبادة لأبسط مقومات الحياة، وهذا سبب الإصرار الأمريكي على ان يكون قرار مجلس الأمن خالياً من أي اشارات إلى الإدانة والحساب لضمان استمرار دوامة العنف .
على أية حال قوات الثورة لا تزال تحمل راية السلام وفي اليد الاخرى البندقية التي يصوبها الأبطال رجال الرجال إلى صدور الأعداء لصد أي محاولة تجعل من الجهود الدولية مظلة لتحقيق إنجازات لافته تترجم نزوات أمريكا وما يسمى بدول التحالف كما يقول المثل (عشم إبليس في الجنة ) أما الجرائم فلن تسقط بالتقادم وسيأتي يوم القصاص ولو بعد حين إن شاء الله . والله من وراء القصد ..