اتفاق السويد ..بين التفاؤل والتشاؤم
د. عادل عبدالحميد غنيمة
من السابق لأوانه الحكم على مدى نجاح أو فشل اتفاقية مشاورات السويد لكن من الضرورة القراءة السياسية المتعمقة لما احتوته الاتفاقية وماذا تعني كل نقطة وردت في هذه الاتفاقية فإذا كان طرف ما قد التزم بالتوقيع على اتفاق السويد ويراهن على العرقلة من خلال الخوض في تفاصيل الاتفاق وامكانية الاستفادة من بعض الثغرات التي يمكن له المراهنة عليها في تعطيل الاتفاق الاممي رغم التاييد الدولي والاقليمي المعلن الذي حصل عليه من خلال ردود الفعل المؤيدة لإنهاء الصراع في اليمن ومنع الكارثة الانسانية التي حلت باليمن وكانت من صنع الانسان (دول التحالف)والمنتفعين من اموالها من الداخل والخارج وينتظر ان يحصل هذا الاتفاق على تأييد دولي من مجلس الامن الدولي.
فمن المنتظر أن يصدر مجلس الامن قراراً دولياً خلال هذا الاسبوع يؤيد فيه كل الاتفاقات التي تم التوصل اليها في مشاورات السويد بين طرفي الازمة اليمنية والتي كان لموافقة السعودية من خلال الاتصالات التي تم اجراؤها بين الامم المتحدة وولي العهد السعودي دور بارز في موافقة وفد الرياض على اتفاق التهدئة ووقف المعركة في الحديدة وايضا” كان لسفراء دول الرباعية دور في ارغام وليس اقناع وفد الرياض على خروج مشاورات السويد بنتيجة ايجابية توجت بالاتفاق على ملفي الاسرى وميناء الحديدة وهما الملفان اللذان يحملان الكثير من التعقيد ،كما نعتقد ان تنفيذ اتفاقي السويد سيكون اصعب بكثير مما توصل اليه طرفا الازمة فالشيطان والشيطنة لا تظهر إلا في التفاصيل وملف الاسرى يحمل الكثير من الالغام التي جاءت في كشوفات وفد الرياض حيث تتضمن اسماء وهمية ،هذا من ناحية ومن ناحية أخرى سوف يسعى وفد الرياض الى المطالبة بإطلاق كبار الشخصيات من الاسرى لاسيما الخمسة الذين يشار إليهم بالبنان والاسرى الاجانب من السعودية والامارات والسودان إلخ.
وفي اعتقادي ان الضمانة الوحيدة لتنفيذ آلية التبادل تتطلب احتجاز الاهم فالأهم للمراحل الاخيرة من تبادل الاسرى ما لم فإن وفد الرياض سيفجر الالغام التي وضعها في كشوفاته وآليات التبادل، اما ما يخص ملف التهدئة والاشراف الدولي على موانئ الحديدة فإن وفد الرياض وافق على التهدئة مرغما “من السعودية التي تعرضت لضغوط بريطانية واممية فأعلنت الموافقة على استحياء وحتى لا تصبح أمام الرأي العام العالمي والامم المتحدة هي المعرقلة للحل السياسي والتسوية السياسية لقضية اليمن وانهاء الحرب.
ولذلك سعت وتسعى دول التحالف لتحميل وفد صنعاء وبالتحديد انصار الله مسؤولية خرق هذا الاتفاق من خلال التصعيد المستمر في جبهة الحديدة والساحل الغربي منذ التوقيع على اتفاق السويد رغم ان الاتفاق ينص على وقف اطلاق النار الفوري في الحديدة فور التوقيع على الاتفاق وهو ما لم يحدث بل ان التحالف يرتكب جرائم الحرب من خلال القصف الجوي المتواصل للمدنيين في الحديدة وصعدة وما لم يصدر قرار دولي ملزم للتحالف وحكومة الاحتلال التابعة لهادي وأيضا “حكومة صنعاء والمجلس السياسي للالتزام باتفاقية السويد فيما يخص وقف اطلاق النار في الحديدة والتهديد لأطراف الصراع بما فيها دول التحالف والدول الاقليمية المجاورة بأن العقوبات ستطالهم أكانوا افرادا” أو جماعات أو احزاباً أو دولاً سواء “كانت اقتصادية أو عسكرية بما فيه حق التدخل العسكري للطرف الرافض لوقف اطلاق النار وانهاء حرب اليمن والحل السياسي للقضية اليمنية التي تعقدت وخلفت كوارث انسانية متعددة من جوع ومجاعة وامراض واوبئة خلافا “للضحايا المدنيين من جرائم الحرب المختلفة.
ومن مؤشرات المتشائمين لجدية طرفي الأزمة وأطراف الصراع في انهاء الحرب على اليمن واغلاق هذا الملف عرقلة الحل للمعاناة الانسانية التي يعاني منها ??مليون نسمة تحت سلطة حكومة الانقاذ بصنعاء التي تتعرض لحصار جوي وبري وبحري اكتملت حلقاته بتسليم آخر ميناء يمثل الشريان الحيوي وحبل الغذاء الوحيد لمعظم سكان اليمن وقد رفض وفد الرياض فتح مطارات المحافظات الشمالية من صنعاء الى الحديدة وتعز رغم المعاناة الانسانية التي يتحملها الشعب اليمني من وفاة عشرات الآلاف من المرضى غير القادرين على السفر برا”الى مطارات عدن وسيئون وكذلك خوفا”من عصابات القاعدة وداعش والحزام الامني وحكومة الاحتلال الذين يقومون باختطاف المواطنين من الطرق المسبلة أو من داخل المطارات والمدن التي تحت سلطة الاحتلال وحكومتهم ،اما ما يخص توحيد البنك المركزي ورغم نجاح اللجنة الفنية في وضع الحلول لتوحيد البنك المركزي وتحييده من طرفي الازمة إلا أن وفد الرياض يرفض الاشراف الاممي على الادارة الضريبية والموارد السيادية ورفض نقل العمليات المركزية الى صنعاء حتى تبقى السيطرة له على موارد البنك وطباعة الاموال ونهب الايرادات التي استمرت لعامين دون محاسبة دولية او اممية فلم تثبت الشرعية سلطتها سوى بالسيطرة على الايرادات وموارد البلد والعبث بها من خلال شراء الولاءات والذمم.
ونحن سنظل من المتفائلين بالمؤشرات التي ذكرناها في مقال الاسبوع السابق باعتبار أن المجتمع الدولي مؤيد بقوة لإنهاء حرب اليمن ويعتبر قرار مجلس الشيوخ بوقف إدارة ترامب للدعم اللوجستي للتحالف مؤشرا اضافياً لدعم امريكي بوقف الحرب وننتظر من مجلس النواب الشهر القادم إصدار قانون ملزم لادارة ترامب بوقف مشاركة امريكا بالحرب على اليمن ومنع تصدير السلاح الامريكي للسعودية ودول التحالف، كما ان المعاناة الانسانية التي طالت شعب اليمن وما يعانيه النظام السعودي من حملة إعلامية وسياسية لتجريمه بحرب اليمن وقضية خاشفجي التي لايزال مسلسلها متواصلا هي مؤشرات تجعلنا نتفاءل باستمرار الدعم الدولي لإنهاء حرب اليمن وسنتفاءل أكثر اذا ما صدر قرار مجلس الامن وأكد على وقف اطلاق النار في جميع أنحاء اليمن ودعا دول التحالف لمساندة الحل السياسي والتفاوض المباشر مع وفد صنعاء واعادة إعمار اليمن.