ولد الهدى فالكائنات ضياء

 

الفضل يحيى العليي

يحتفل اليمنيون هذه الأيام بذكرى ميلاد نبي الله ونور الكون محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ليعلنوا من خلال فعاليات احتفائهم بهذه الذكرى العظيمة ارتباطهم الوثيق بمنهجه الشريف والسير على خطاه وإحياء سنته وأنا أرى في هذه المناسبة فرصة لتتبع السيرة النبوية التي حددها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في إصلاح البشرية واستقامتها، ويجب علينا الاستفادة من الدروس والعبر في ذكرى المولد النبوي الشريف وأبرزها لإتباع سنته والاقتداء بسيرته.. وأن هذه المناسبة فرصة لاستخلاص العبر والعظات في تعزيز التماسك والصمود لمواجهة مخططات العدوان التي تستهدف النيل من الوطن اليمني حيث تكالب الأعداء علينا, لكن أبطال الجيش واللجان الشعبية والكثير من شرفاء اليمن يقفون لهم بالمرصاد وقد سطروا خلال السنوات الأربع أروع آيات الصمود وبحسب إمكانياتنا المتاحة لأننا أصحاب قضية ولم نعتدي على احد لكن تحالف العدوان بقيادة السعودية والإمارات العربية غير المتحدة جاءت بكل مرتزقتها لاحتلال اليمن منبع الحضارة وتناسوا أن أبناء اليمن هم الذين قادوا الفتوحات لنشر الدين الاسلامي في عموم العالم..رجال مقاتلون اشداء متسلحون بعقيدة الإسلام لا يقبلون المحتل على مر السنين قاوموا وطردوا المحتلين من على الأرض اليمنية.
والتصويب تعزيز الهوية الإسلامية بمفاهيمها الصحيحة من نحن؟ وما هي مبادئنا؟ وما هو مشروعنا كأمة؟ وما هي معالم هذا المشروع؟ ومن هو المعلم والقدوة والقائد الذي يجب أن نستحضره إلى حاضرنا وواقعنا، والذي هو بلا شك بموجب هويتنا الإيمانية وانتمائنا الإسلامي رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين».
وكما شرح واقع الأمة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي قائد المسيرة القرآنية حفظه الله في العديد من محاضراته إلى أن واقع الأمة اليوم متأثر إما بالانحراف الكبير أو التقصير الكبير ولكليهما أثر سلبي على الكثير من أبناء الأمة الذين لم يتحرجوا اليوم أن يتحركوا تحت الراية الأمريكية والإسرائيلية راية الاستكبار والظلم والعدوان والإجرام، وحملوا لواء النفاق والفتن ليقدموا للإسلام وللعروبة شكلا نفاقيا يدجّن الأمة لأعدائها الحقيقيين الطامعين.
وبيّن أن البعض لم يتحرجوا في أن يصمتوا ويداهنوا ويتنصلوا عن المسؤولية في مرحلة نكبت فيها الأمة وتعاظمت فيها المحنة وكبرت فيها المظلمة وتجلت فيها الحقيقة وكأننا أمة ننتمي إلى دين مبادئه وقيمه وأخلاقه وتعاليمه ورمزه وقدوته تسمح لنا بالتجنيد في صف الطاغوت أو تقبل بالظلم وتتغاضى عن الجريمة والعدوان .
نحن في مرحلة عاصفة بأمتنا يسعى أعداؤها الألدّاء من خلالها إلى أن يفصلوها ويبعدوها عن منابع عزها ومجدها، وأن يكون انتماؤها إلى الإسلام ونبيّه وقرآنه شكلاً لا مضمون له، وزيفًا لا حقيقة، وأن يكونوا هم من يتحكمون بالأمة في واقعها السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، ويؤثرون بطغيانهم وبفسادهم وبإجرامهم وبحقدهم وعداوتهم على واقع الأمة ليس في ما يصلحها، وبما هو خير لها، بل بما يزيدها فرقة وشتاتا، وذلةً وهوانا، وجهلا وتخلفا، وانحطاطا ودناءة، وضعفا وعجزا، وشقاءً وعناءً، حتى يتسنى لهم الاستمرار في نهب ثرواتها وسرقة خيراتها.
وهذا ما ركَّز عليه الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي منذ انطلاقة المسيرة القرآنية فقد حرص على أن يقدِّم للأمة الرسولَ ورسالته المتمثلة في «القرآن الكريم»؛ التي تمثِّل الهوية الجامعة للأمة, فالصراعات الطائفية جعلت هذه الأمة تنسى نبيها وقرآنها ولم تعد إليهما كما ينبغي, وهذا ما دفع بأعداء هذه الأمة إلى محاربة هذا المشروع فشنَّت عليه حربا بكل أشكالها, حربا عسكرية, وإعلامية, وثقافية وتضليلية, كل المؤامرات, كل الأنشطة العدائية للقضاء عليه منذ مرحلته الأولى.
ومع هذا صَمد لأنه مشروع عظيم, مشروع مدعوم من الله تسقط أمامه كل المؤامرات وكل المكائد وكل وسائل الأعداء في مواجهته؛ إن واجهوه إعلامياً أو أمنياً أو عسكرياً سيفشلون, لأنه مشروع قائده محمد ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ومنهجه القرآن الكريم.
فما أحوجنا اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى ان نتمسك بفضائل الاعمال.. وكرائم السجايا.. ومكارم الأخلاق.. وننقي قلوبنا وسرائرنا من البغضاء والشحناء.. امتثالاً لأوامر الله، وإرشادات نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.. فذكرى مولده الأعظم فيها الكثير من الدروس والعظات والعبر، فيه فاقت البشرية من سباتها العميق.. وجمعت الأمة شملها على كلمة التوحيد.. وانقشعت سحائب الشرك والضلال.. وأشرقت شمس الوحدانية إيذانا بهداية الإنسانية.. وإخراج الناس الى نور الهدى والخير والعدل.
قال الإمام علي ( عليه السلام ) وهو يصف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (كان نبيّ الله أبيض اللّون ، مشرباً حمرة ، أدعج العين ، سبط الشعر ، كثيف اللّحية ، ذا وفرة ، دقيق المسربة ، كأنّما عنقه إبريق فضّة ، يجري في تراقيه الذهب ، إذا أقبل كأنّما ينحدر من صبب ، إذا التفت التفت جميعاً بأجمعه كلّه .ليس بالقصير المتردّد ، ولا بالطويل المتمعّط ، وكأنّ في الوجه تدوير ، إذا كان في الناس غمرهم كأنّما عرقه في وجهه اللؤلؤ ، عرقه أطيب من ريح المسك ، ليس بالعاجز ولا باللّئيم ، أكرم الناس عشرة ، وألينهم عريكة وأجودهم كفّاً ، من خالطه بمعرفة أحبّه ، ومن رآه بديهة هابه ، عزّه بين عينيه ، يقول ناعته لم أر قبله ولا بعده ) .
وقد اعجبني الدكتور . شيراك النمساوي عميد كلية الحقوق في جامعة عندما قال: “على البشرية أن تفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، وذلك في قوله: “إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ أنّه رغم أمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنا أن يأتي بتشريع، سنكون نحن الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى قمّته”.
شخصية الرسول العربي سيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم شخصية حظيت باهتمام كبار العلماء والأساتذة والمفكرين العالميين فتناولوا سيرته في الدراسات الغربية، وكقائد عالمي فرض نفسه على مستوى جميع المجالات الدينية والسياسية والعسكرية، ولم يخف كثيرا من الكتّاب الغربيين إبراز مدى إعجابهم به صلى الله عليه وآله وسلم؛ إذ اعترفوا بأنه نبي مرسل من عند الله وهو ختام النبيين، والذي استطاع جمع وحدة القبائل المتفرقة ووحدهم محققا بينهم الأخوة والتآلف.

قد يعجبك ايضا