أسفرت زيارة وزير الخارجية البريطاني لكلّ من السعودية والإمارات عن تطوّر إيجابي متمثل في موافقة «التحالف» على إجلاء جرحى من «أنصار الله» إلى الخارج. تطور يُفترض أن تتبعه المزيد من إجراءات «بناء الثقة»، التي عزّز الحديثَ عن انطلاقها توقّفُ القتال في محيط مدينة الحديدة، في ما يبدو أنه هدنة غير معلنة
وساد الهدوء، أمس، معظم محاور الاشتباك في الحديدة، في وقت لم تُسجَّل فيه عمليات قصف على المدينة أو المحافظة، باستثناء واحدة استهدفت الخط العام في مديرية الجراحي، وأدت إلى مقتل 9 مدنيين وجرح اثنين آخرَين. وكانت قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية قد تمكّنت من صدّ أعنف الهجمات على المدينة، مانِعة الميليشيات الموالية لـ«التحالف» من قطع خطوط إمدادها، وموقعة خسائر بشرية ومادية كبيرة في صفوف المهاجِمين، أرغمتهم على التراجع. وأكد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، أمس، يحيى سريع، أن «خطوط قواتنا الدفاعية قوية ومتماسكة، ومقاتلونا يمسكون بزمام التفوق الميداني»، مضيفاً أن «قوات العدو لا تزال في حالة حصار جراء قطع خطوط إمدادها». وأشار إلى «مصرع وإصابة أكثر من ألفين و224 مرتزقاً، بينهم 33 سودانياً»، إضافة إلى «تدمير 183 مدرعة وآلية عسكرية مختلفة».
هذه الخسائر، معطوفةً على العجز عن تحقيق إنجاز، والضغوط الأممية في اتجاه وقف الهجوم ومنع الإضرار بميناء الحديدة، حملت «التحالف» على ما يبدو على تعليق العملية الأخيرة، وهو ما أتاح لمسؤولي المنظمة الدولية النزول إلى المدينة. وزارت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، ليزا جراندي، أمس، الميناء، واطلعت على الأضرار التي خلّفتها الغارات على بوابته الشرقية أول من أمس. ومن هناك، شدّدت جراندي على ضرورة إبقاء هذا المنفذ البحري مفتوحاً، مؤكدة أن المنظمة الدولية «تعمل بكل طاقتها لوقف أعمال العنف». كذلك، زار المدير التنفيذي لـ«برنامج الأغذية»، ديفيد بيزلي، إحدى مدارس الحديدة التي يجري فيها توزيع بطاقات الغذاء، توازياً مع تحرّك الأسر للحصول على الطعام. انفراجةٌ عزّزها مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، بحديثه عن «وقف إطلاق نار» دعا جميع الأطراف إلى التزامه، «وخصوصاً داخل وَحَول البنى التحتية والمنشآت الضرورية لإدخال المساعدات والواردات التجارية».
في الاتجاه نفسه، وبنبرة وسمها التفاؤل خلافاً لما أنبأ به الإعلان الأممي الأخير عن تأجيل الجولة التفاوضية المقبلة، أكد المبعوث الأممي لليمن، مارتن غريفيث، أن «التحضيرات اللوجستية جارية تمهيداً» لتلك الجولة، مؤكداً «(أننا) في وضع يمكّننا من المضيّ قدماً». ورحّب غريفيث بتراجع حدّة القتال في الحديدة، حاضّاً الطرفين على «مواصلة ضبط النفس». تصريحات رفدتها وزيرة الخارجية السويدية، مارغو والستروم، بإعلانها أن بلاده مستعدة «لاستضافة أطراف النزاع حال جهوزهم». والظاهر أن ما حفّز النبرة التفاؤلية هذه، البيان الصادر عن الخارجية البريطانية عقب زيارة الوزير جيريمي هانت للسعودية والإمارات، الذي أفاد بأن السعودية «ستسمح للأمم المتحدة بالإشراف على إجلاء طبي لِما يصل إلى 50 مقاتلاً مصاباً من الحوثيين إلى سلطنة عمان». واعتبرت الوزارة، الخطوة السعودية، «تقدماً كبيراً» في سياق إجراءات «بناء الثقة»، التي من شأنها التمهيد لـ«بدء محادثات سياسية في السويد بحلول نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر». وكان هانت قد اعتبر، إثر محادثات مع المسؤولين السعوديين والإماراتيين، أن فرص العودة إلى المفاوضات صارت «أكثر واقعية».
الاخبار