الوحدة أولا 4 – 4
محمد ناجي أحمد
يوصِّف عبد الله باذيب القوى المناوئة للوحدة اليمنية بأنها ” أصحاب الامتيازات الطبقية ،والطامحون إلى السلطة ، يغذون الطائفية ويتشبثون بها خوفا على امتيازاتهم ،وتحقيقا لمطامحهم الخاصة ،ويعملون على حجب الصراع الطبقي وتسكينه وإخفائه تحت ستار الصراع الطائفي” ص63 المرجع السابق.
ظل الاستعمار يستخدم الطائفية كسلاح ضد النظام الجمهوري ” والأهم من ذلك ظل الاستعمار ينظر إلى الطائفية كسلاح ضد النظام الجمهوري الثوري وكأخطر وآخر سلاح يلجأ إليه عند فشل العدوان المسلح . وقد رأينا كيف عهد الاستعمار إلى استغلال الروح الطائفية بعد أن فشلت المحاولات لإعادة الملكية والقضاء على الجمهورية بحد السلاح ، وأن أزمة تعز التي حدثت في العام الماضي ،والتي كادت تؤدي إلى اشتباكات دموية بين أبناء الطائفتين وإلى إعلان انفصال بعض الأجزاء عن الجمهورية . هذه الأزمة تدلنا على مدى ما يمكن أن تفعله الطائفية باليمن ومدى استخدامه من جانب الاستعمار …لقد كانت الطائفية دائما وأبدا سلاح الاستعمار والرجعية لإضعاف الشعب وتقسيم صفوفه، وتمزيق وحدته ،لإبقائه رهن التخلف والاستعباد ” ص63 المرجع السابق.
باذيب هنا يشير إلى الفتنة التي حدثت في بداية الستينيات من القرن العشرين ،حين أقال الرئيس عبد الله السلال محافظ تعز أمين نعمان ،وعين بدلا عنه مطيع دماج ، فكان أن تم استخدام وتأجيج البعد الطائفي لرفض القرار ، وكان أن أمر حسن العمري بتحريك بعض القوات العسكرية للنزول إلى تعز وفرض الأمر ، وكادت تحدث مواجهة عسكرية ، حسمت بتدخل القيادة العربية ومنعها لنزول القوات التي وجه بتحريكها العمري .
منذ عام 1990م وعملية التفتيت داخل النقابات والاتحادات والجمعيات تسير على قدم وساق ،فنقابة المعلمين كانت ثلاث نقابات ،ونقابات العمال تم مصادرتها لصالح النظام ،وهيئات التعاون الزراعي عطلت ،والعمل النقابي في القطاع الخاص محرم وممنوع . ونظام سياسي يعتمد على المحاصصات في السلطة ،وفي صناديق الانتخابات المنضبطة بالتوافقات السلطوية ، واستبعاد للقوى المنتجة صاحبة المصلحة في الوحدة والديمقراطية . وأمام تراكمات ونزعات كهذه كانت انتفاضة 9،10، 11، 12 ديسمبر 1992م ،والتي تم وأدها باستخدام القوة المفرطة ،وذلك بنزول الجيش إلى الشوارع .
الوحدة رسميا قامت على رغبات انفصالية رسمية ،في حين أن مسار الحرية لدى الوطنية اليمنية هو التحرر من الاستبداد والتحرر من الاستعمار والتحرر من التشطير ،وإنجاز هذه الأهداف هو الكفيل ببناء اليمن الديمقراطي النهضوي.
تجمع القوى الوطنية بأن ازدهار اليمن وحيويته تاريخيا مرادف لوحدته ،فليس صحيحا أن الأصل في التاريخ اليمني هو التشرذم ،وإنما كانت الدولة المركزية الواحدة والقوية هي الأصل والتشظي هو الاستثناء .