بن سلمان ..حروب وأزمات

عبدالإله الخضر

منذ أن تربع سلمان بن عبدالعزيز ملكاً على مملكة الرمال ونصب نجله محمد بن سلمان ولياً للعهد شهدت البلاد حروباً وأزمات لم يسبق لها مثيل في تاريخها الذي يمتد لقرن من الزمان تقريباً وكانت بداية البدايات للنظام السعودي الجديد شن عدوان غاشم وفرض حصار ظالم على شعب اليمن منذ ما يقارب أربعة أعوام ارتكب خلالها جرائم حرب ومجازر دموية يندى لها جبين الإنسانية ورغم تلك المجازر التي استخدمت فيها صواريخ وقنابل محرمة دولياً باستخدام أحدث وأغلى التقنيات العسكرية إضافةً إلى امتلاكها ثروة مالية هائلة مكنتها من شراء الذمم والتلاعب بالقانون الدولي لكن ذلك لم يجدها نفعاً ولم يحقق لها أهدافها وذلك بسبب صمود وثبات شعب الإيمان والحكمة .
ومن الازمات التي شهدتها المملكة السعودية تغييرات في منصب ولي العهد مرتين وقيام النظام باعتقال الأمراء والأثرياء الرافضين للسياسة الجديدة فيما عرف باعتقالات الريتز حيث تم اجبارهم على التنازل عن مبالغ كبيرة من ثرواتهم الطائلة بدعوى مكافحة الفساد إضافة إلى اعتقال النشطاء وبعض رجال الدين المخالفين لتوجيهات بن سلمان كما قام بشن حملة عسكرية على المعارضين له في المنطقة الشرقية وحدثت تفجيرات لأول مرة في مساجد بعض المدن بسبب التحريض الطائفي .
ومن الحوادث الأمنية الخطيرة ما تم إعلانه عن اسقاط طائرة بدون طيار مجهولة كانت تحلق فوق القصر الملكي بالرياض في اختراق أمني له دلالاته وأبعاده ليس اقلها وجود صراع غير معلن داخل أجنحة الأسرة الحاكمة وعلى مستوى الإدارة العامة حصلت كوارث غير مسبوقة بدءاً بسقوط رافعة الحرم وحادثة التدافع فوق جسر الجمرات حيث أدت هاتان الحادثتان لسقوط مئات الضحايا من زوار البيت الحرام ومن الكوارث الاخرى كارثة سيول جدة التي بينت هشاشة وضعفاً في التخطيط والبنية التحتية رغم انفاق مليارات الريالات على عمليات التخطيط والبناء سنوياً ومواصلة للفشل والتخبط والازمات الاقتصادية أعلنت عن مشاريع غير واقعية أبرز تلك المشاريع مشروع نيوم بتكلفة 500 مليار دولار ومن أجل توفير المال اللازم لذلك المشروع قامت بالإعلان عن خصخصة شركة ارامكو النفطية اكبر شركة نفط في العالم لتغطية نفقات ما سمي برؤية 2030 ثم تراجعت عن ذلك الاعلان بسبب ادراكها عدم جدوى تلك العملية.
وفي السياسة الخارجية فشلت الرياض بقيادة بن سلمان في فرض هيمنتها على جارتها الصغيرة قطر بفرض مقاطعة وشبه حصار على تلك الامارة حيث أدت تلك الازمة لانقسام عميق في البيت الخليجي خصوصاً في ظل أزمة غير معلنة مع الكويت بخصوص النزاع على مناطق نفطية حدودية وتوالت الازمات السياسية حيث أرغمت سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية على تقديم بيان استقالته من الرياض ثم فرضت عليه الاقامة الجبرية الامر الذي دعا الرئيس اللبناني لطلب تدخل فرنسي للإفراج عن الحريري بعد اختفاء لمدة أسبوع.
ولكن حادثة اختفاء ومقتل الصحفي السعودي المشهور جمال خاشقجي في مبنى القنصلية السعودية بإسطنبول كان القشة التي قصمت ظهر البعير فقد هزت العالم وكانت محور حديث وسائل الاعلام على مستوى العالم.. الامر الذي ترتب عليه ضغوط على المملكة لم يسبق لها مثيل لدرجة أن أصبحت علاقاتها مع الحليف الامريكي في خطر وعلى وشك الانهيار بعد ان هددت واشنطن بفرض عقوبات قاسية على حليفتها الرياض ما جعل الاخيرة تعلن انها سوف ترد على تلك العقوبات ولو بالتحالف مع أعدائها التقليديين في المنطقة وفي مقدمتهم الجمهورية الاسلامية في إيران وحركات المقاومة حماس وحزب الله ..أدرك الحليف الامريكي أهمية الصفقات الثمينة التي يجنيها من النظام السعودي فما كان منه الا ان تراجع عن تهديده وبحث عن مخرج للمأزق الذي وقع فيه حليفه بن سلمان فأرسل وزير الخارجية بومبيو لإعداد بيان يعترف فيه النظام السعودي بجريمته بالدرجة التي تخفف عنه الحرج في هذه الجريمة العابرة للحدود فكان البيان الذي صدر بأن خاشقجي قد قتل بسبب مشادة كلامية وعراك بالأيدي مع ضباط الاستخبارات الذين ارسلهم من أجل استجوابه واقناعه بالعودة للمملكة ومن اجل تجميل صورته أمام العالم قام بإقالة عدد من الضباط والمستشارين الكبار وفي مقدمتهم ناطق العدوان السابق أحمد العسيري الذي يشغل منصب نائب مدير الاستخبارات وشملت الإقالة عدداً من المستشارين في الديوان الملكي وكون الجثة غير معروف مكانها والتحقيق لم ينته لازالت القضية يتردد صداها في أنحاء العالم حتى كتابة هذا الخبر
..ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله،،،

قد يعجبك ايضا