الحسين لا زال محاصراً (4-4)

 

عباس الديلمي
تحصيل حاصل عندما نقول بأن ما تعرضت له مسرحيتا (الحسين ثائراً) و(الحسين شهيداً) للشاعر عبدالرحمن الشرقاوي منذ سبعينيات القرن الماضي كان سياسياً.. ويبرز ذلك بوضوح في معالجتهما الأخيرة من قبل المخرج جلال الشرقاوي إذ لم تنجح الموافقة على عرضها من سماحة شيخ الأزهر د. طنطاوي ولا المجلس الأعلى لرعاية آل البيت، ولا وزارة الثقافة.. وكيف بادر مجمع البحوث الإسلامية في مصر لمنعها، برسالة من رئيسه إلى المخرج المسرحي جلال الشرقاوي بذريعة أنها تثير فرقة بين السنة والشيعة في وقت حرج.
ومن شواهد أن المنع سياسي لا صلة له بما تم التذرع به، هاكم ما قاله أحد أعضاء مجمع البحوث الذي انقسم بعد مناقشة مخرج العمل إلى قسمين مؤيد ومعارض، إنه الدكتور عبدالمعطي بيومي الذي قال كما جاء في كتاب (الفن الحرام) ” الأكثر وضوحاً في تحديد أسباب الرفض أنها سياسية أكثر منها دينية، لأن المغزى الأساسي في قصة الحسين ومأساته، هو تشجيع الخروج على الحاكم ومقاومة السلطة بحد السيف” هكذا قال أحد أعضاء المجمع الإسلامي الذي منع عرض المسرحية، ومحوره عدم تشجيع الخروج على الحاكم.. وعندما نأتي إلى ذرائع أنها تثير حساسية وخلافات بين سنة وشيعة نجد الرد على ذلك جاء على لسان السيد محمد الدريني رئيس المجلس الأعلى لرعاية آل البيت في مصر في رسالة وجهها إلى شيخ الأزهر جاء فيها بالحرف ” ما حدث ويحدث دفعنا لأن نكتب إليكم خاصة بعد الموافقة على أعمال فنية تخص معاوية بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص ورفض (الحسين شهيداً) بحجة أن رفض الحسين سوف يجنبنا الخلافات والسؤال: وهل الموافقة على معاوية وعمرو بن العاص سوف تجنبنا الخلافات أم أنها سوف تشعلها؟!”
نكتفي بهذا القدر من الرسالة وما ورد فيها من إشارة مفادها، إذا كان منع عرض عمل فني عن الحسين (ع) سيثير خلافاً ويراعى عدم استفزاز السنة فلماذا لا ينظر بالمنظار نفسه إلى ما أجيزت من أعمال فنية عن معاوية وابن العاص الا تستفز الشيعة؟! أو تثير فتنة؟ وهنا نقول مؤكدين ما سبقت الإشارة إليه، وهو أن الحظر والمنع سياسي يراعى عدم الإشارة إلى الخروج على الحاكم الظالم ( وإن زنى وإن كفر مالم يعلن ذلك على الملأ) فلا صلة للأمر لا بفتنة ولا باستفزاز بدليل أن المنتج الكويتي محمد العنزي عندما أقدم على إنتاج عمل درامي عن سيرة سيد الشهداء الحسين (ع) حصل على ست فتاوى دينية سنية وشيعية على إقرار وإجازة العمل وتم إنجاز العمل وصور في سورية ولبنان، لأن تصويره في مصر – التي يحاصر الحسين فيها – كان سيمنع.. كما عرف منتج العمل وتم عرضه في رمضان 2011م ولم يثر فتنة ولم يستفز أحداً، ولم تقم الفتنة الكبرى من جديد.
نختتم بما قاله جلال الشرقاوي عن منع مسرحية (الحسين شهيداً) لإلقاء المزيد من الضوء على أن المنع سياسي حيث قال “كان هدفي التركيز على جوهر القضية.. وهو الصراع على الخلافة.. ومعاوية ويزيد يريدان الكرسي.. والحسين يرفض.. وأنا هنا لا يعنيني مَنْ الأجدر بالخلافة كل ما عنيته هو قصة ذلك الرجل الذي قال : لا في وجه السيف”.
لا يسعنا بعد هذا العرض الموجز لحصار الحسين (ع) في مصر إلا أن نقول : أفي مصر التي زامنت اليونان في السبق إلى المسرح، بل هناك مراجع تقول أن مصر كان لها السبق، تحدث مثل هذه التصرفات؟!!
كان الله في عونها وهي تعاني اليوم من هجمة الظلام الوهابية المصحوبة بمغريات الذهب الأسود.

قد يعجبك ايضا