الحرب الاقتصادية على اليمن سيناريو أمريكي ينفذه عملاء لإثارة الجدل في الشارع
الورقة الاقتصادية آخر أوراق العدوان لتركيع الشعب اليمني
مع استمرار العدوان الغاشم والحصار الشامل يواجه اليمن تهديدات اقتصادية خطيرة قد تؤدي إلى مواقف إنسانية وخيمة
العدوان على اليمن ركز في أهدافه الاستراتيجية على مناطق الثروة النفطية والغازية، وطرق الملاحة البحرية للسيطرة عليها
الثورة/احمد المالكي
باتجاه الضغط لإثارة الجدل في الشارع تبدو الورقة الاقتصادية هي آخر الأوراق التي يعمل عليها العدوان السعودي الأمريكي لتركيع الشعب اليمني بعد أن عمل طيلة ما يقارب أربعة أعوام على استهداف البنية التحتية الاقتصادية وفرض الحصار الشامل مرورا باستهداف البنك المركزي وضرب قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار والأجنبي ورفع أسعار السلع وقيمة الخدمات المعيشية للمواطنين فيما غارات طيران العدوان المستمرة استهدفت مصادر المعيشة والبنية التحتية المتعلقة بالقطاع الصناعي والتجاري والاقتصادي، وصولاً إلى استهداف البنية الزراعية والمزارع وتعطيل حركة النقل من وإلى الأسواق المعتادة التي لم تسلم هي الأخرى من الاستهداف شبه اليومي بهدف تعطيل الحياة والوصول بالاقتصاد الوطني إلى الانهيار التام في وقت يواصل العدوان الحصار الجوي والبري والبحري بعد استهداف الموانئ والمطارات وإيقاف التبادل التجاري والتصدير، وإيقاف موارد الدولة الأساسية والإيعاز لمرتزقة العدوان بإيقاف إيرادات عدد من المحافظات الى البنك المركزي ونهبها وسرقتها بتحويلها الى حسابات خاصة بالنافذين من قيادات المرتزقة،وصولاً إلى استهداف البنك المركزي وتعطيل مهامه الرئيسية في إدارة حركة الاقتصاد الوطني.
وتأتي هذه الحرب الاقتصادية الممنهجة، وسط تغاضٍ دولي وأممي منذ بدء العدوان وحتى الآن.
وأمام هذه الحرب المعلنة والهادفة إلى خلخة الجبهة الداخلية، ومن ثم التأثير على الجبهات العسكرية والمواجهات السياسية التي فشلت في كسرها .هذه الحرب الاقتصادية الممنهجة تعد بمثابة التحدي الذي يكشف مدى الوعي الشعبي والابتعاد عن الأصوات النشاز المنفصلة عن الواقع الذي تعيشه الدولة في مواجهة العدوان الذي يريد فرض الاستسلام للورقة الاقتصادية بعد فشله عسكرياً وسياسياً.. إلى التفاصيل:
الحديث عن جرائم العدوان وأدواته من المرتزقة بحق الاقتصاد الوطني والتي آخرها طباعة مئات المليارات من دون غطاء،كثيرة ومتعددة وهي جرائم حرب بحق الشعب اليمني عمل العدوان الأمريكي الصهيوني وأدواته من الأعراب العملاء والمرتزقة على انتهاجها بشكل ممنهج تم إعدادها ودراستها في غرف عمليات ومراكز بحث اقتصادية في واشنطن وتل أبيب بهدف تركيع الشعب والقيادة باتخاذ أساليب قذرة فمنذ بدء ما أسموها عاصفة الحزم كان الاستهداف الممنهج والمتعمد للاقتصاد اليمني ركيزة أساسية اعتمد عليها العدوان لتحقيق ما عجز عن تحقيقه عسكريا وسياسيا.
وبالتوازي مع الأعمال العسكرية على الأرض لجأت قوى العدوان وبإيعاز أمريكي إلى تشديد الحصار على البلد برا وبحرا وجوا فيما تكفلت طائراتهم بضرب الموانئ والمطارات والبنى التحتية والاقتصادية على نطاق واسع وشامل عدا عن توقف عائدات النفط والغاز وتأخير السفن المتعمد وفرض رسوم مضاعفة عليها بشكل زاد من معاناة المواطنين.
تصعيد
ومع إطالة أمد الحرب صعد العدوان من حربه الاقتصادية وتمثلت أولى خطوات التصعيد بنقل البنك المركزي إلى عدن وما رافق ذلك من ارتفاع مستوى الحياة المعيشية على كل فئات ومكونات المجتمع اليمني اذ ان هذا الانهيار وحسب اعتقادهم سيدفع الغالبية العظمى التي تقف ضد العدوان الى تغيير موقفها والتحول إلى الطرف الآخر والقبول بالشروط والإملاءات وهو ما جاء على لسان قيادات العدوان ومنظريه على النقيض من شعاراتهم الفضفاضة وعناوينهم الإنسانية التي يتشدقون بها على مدى نحو أربعة أعوام من العدوان.
وفي أقذر عملية عقاب جماعي يتعرض له اليمن في تاريخه تصاعدت سلسلة الاستهداف الممنهج للاقتصاد ومحاربة الشعب في قوته ومعيشته اليومية وإلى جانب محاربة العملة الوطنية والاستئثار بما تم طباعته منها حال العدوان دون صرف مرتبات الموظفين في صورة تجاوزت كل الخطوط وشملت كل المحافظات بما فيها تلك المدن المزعوم تحريرها والتي لم تنفك الاحتجاجات فيها تنديدا بالأوضاع الاقتصادية والأمنية على حد سواء.
ومع استمرار العدوان الغاشم والحصار الشامل يواجه اليمن تهديدات اقتصادية خطيرة قد تؤدي إلى مواقف إنسانية وخيمة لا سيما في ظل التصعيد الأخير في السواحل الغربية هذا ما تحذر منه الأمم المتحدة على الدوام دون ان تتخذ أي إجراءات من شأنها الضغط لوقف العدوان ورفع الحصار في دلالة واضحة على حجم المؤامرة التي تستهدف الشعب اليمني لرفضه الوصاية والتبعية والمشاريع الأمريكية.
فشل
وتشير التقارير الاقتصادية المحلية إلى انه على الرغم من فداحة الأضرار الناتجة عن تلك الحرب المفتوحة التي شنها العدوان ومرتزقته، إلا أن نتائجها لم تتحقق كما خطط لها العدو، فلقد نجح المجلس السياسي الأعلى بصنعاء في الحفاظ على مؤسسات الدولة من الانهيار، في الوقت الذي فشلت ما تسمى بحكومة الفار هادي في إدارة البنك المركزي في عدن ولم تتمكن من استعادة الإيرادات العامة للدولة من عدد من المحافظات الخارجة عن سيطرة الجيش واللجان الشعبية، ولجأت إلى عدد من شحنات النفط في ميناء الضبة وفي المسيلة لتمويل أنشطتها في الخارج ، ونظراً لعجز تلك الحكومة الفاقدة للسيطرة والشرعية على الأرض عن استعادة تلك الإيرادات ، اتجهت نحو طباعة العملة دون غطاء بصورة مفرطة في محاولة منها لتغطية الفشل الذريع.
فحكومة الفار هادي نفذت أجندة العدوان في حربها الاقتصادية على الشعب اليمني دون ادنى شعور بالمسؤولية عن تداعيات الحرب الاقتصادية، فبعد أن سيطرت على 400 مليار ريال من العملة المطبوعة طلب البنك المركزي في صنعاء طباعتها من شركة روسية مطلع العام 2017م ، اتجهت لتغطية عجزها وفشلها في السيطرة على المحافظات الخارجة عن سيطرة الجيش واللجان الشعبية ، بطباعة أكثر من 1,5 تريليون ريال خلال أقل من عامين، منها 600 مليار ريال من فئة ” 1000 ريال و400 مليار ريال من فئة 500 ريال، ومن ثم طبعت العام الحالي 648 مليار ريال الفئات النقدية الصغيرة من فئة 100 وفئة 200 ريال ، وتفيد المصادر بأن إجمالي العملة المطبوعة من تلك الفئات 900 مليار ريال وصلت منها 647 مليار ريال ، بينما لا تتجاوز الطبعة القديمة التي كانت متواجدة في السوق والبنوك قبل العدوان 1200 مليار ريال.
طباعة
أمام الكثير من التساؤلات التي يطرحها الشعب اليمني حول سبب لجوء تلك الحكومة نحو الطباعة المفرطة تدعى بأنها لجأت لذلك الكم المهول من العملة المطبوعة لاستبدالها بالعملة التالفة ، وتبرر تارة أخرى تلك الجريمة الاقتصادية بسعيها لسحب كل الأموال المتداولة من العملة المحلية في السوق ، وفرض شرعية مالية ، بينما الحقيقة أن تلك الحكومة التي أدارت بنك البنوك بعقلية عصابات المافيا ، استخدمت مليارات الريالات من العملة المطبوعة في المضاربة بسعر صرف العملة المحلية ، خلال العامين الماضيين وتعمدت سحب كتلة لا بأس بها من الاحتياطات النقدية من العملة الأجنبية واستخدمتها في شراء عقارات ضخمة في القاهرة وعمان وبيروت وعواصم عربية وأوربية واستثمارات متنوعة بمئات الملايين من الدولارات في تركيا ، يضاف إلى ذلك قيام تلك الحكومة بصرف ملايين الدولارات كرواتب شهرية لكبار الموالين لها في الخارج بالدولار، يضاف إلى أيضا قيام تلك الحكومة غير الشرعية بتلميع العدوان السعودي من خلال الحديث عن وديعة سعودية قيل أنها تبلغ ملياري دولار، ولكن الحقيقة أن لا اثر لتلك الوديعة التي قيل أنها أودعت للحفاظ على القيمة الشرائية للعملة الوطنية، بل أن تلك الوديعة كذبة كبيرة حاول من خلالها العدو السعودي تهدئة وإيهام المجتمع الدولي الذي صعد من مخاوفه مطلع العام الجاري من تدهور الأوضاع الإنسانية بصورة حادة نتيجة العدوان والحصار.
تعطيل
وكان قرار نقل البنك المركزي وتعطيل وظائفه في العاصمة صنعاء أواخر سبتمبر 2016م هدفا مكملاً لسلسلة من الجرائم الاقتصادية التي استهدفت الاقتصاد الوطني والاستقرار النقدي والمعيشي ، بل كان لتشديد الحصار وتضيق خيارات العيش الكريم على المواطن اليمني فالعدوان الذي استهدف البنية التحتية للاقتصاد الوطني تسبب بتراجع مستويات الإنتاج وارتفاع فاتورة الواردات الأساسية من الأسواق الخارجية ،
كما عمدت قوى العدوان إلى استهداف كافة الإيرادات العامة للدولة من العملة الوطنية ، فبعد أن صادرت إيرادات الضرائب والجمارك والنفط والغاز من المحافظات الجنوبية والشرقية والتي تغطي 75 % من موازنة الدولة ، اتخذ من قرار نقل البنك وتعطيل وظائفه في العاصمة صنعاء ، أداة لشن حرب مفتوحة على المواطن اليمني وعلى القطاعين التجاري والمصرفي ، فبقرار نقل البنك توقف عن تغطية الواردات من العملة الصعبة وفي أواخر العام 2006م تمكن مرتزقة العدوان بمساعدة أمريكية وتنفيذ إماراتي للسيطرة على السويفت التابع للبنك محاولاً إيقاف الواردات وتجويع الشعب اليمني برمته.
وجاء ذلك بالتزامن مع قيام حكومة المرتزقة بفرض عقاب جماعي على موظفي الدولة وتنصلت عن التزاماتها التي قطعتها أمام الأمم المتحدة بصرف رواتب 800 الف موظف يعيشون في الشمال مختلقة عدداً من المبررات الواهية، ونظراً لإمعان تلك الحكومة العميلة في ارتكاب جريمة إبادة جماعية بحق اليمنيين مستخدمة الورقة الاقتصادية كسلاح محاولة تحقيق مالم تحققه في الجبهات ، أقدمت على ضرب ثقة القطاع المصرفي وأصحاب رؤوس الأموال بالبنك المركزي اليمني باعتباره بنك البنوك من خلال بيع الاحتياطات النقدية من العملة الأجنبية التي كانت متواجدة في خزينة فرع البنك في عدن بالمزاد العلني وبسعر السوق السوداء ،حتى تثير مخاوف المستثمرين والمدخرين بالعملة الوطنية وتدفعهم نحو سحب الدولار من السوق المحلي وتأمين رؤوس أموالهم خوفاً من التآكل.
عرض
خبراء الاقتصاد يقولون أن تلك العملية التدميرية لثقة القطاع المصرفي بالبنك وثقة المستثمرين بالعملة الوطنية تكررت مطلع العام 2017م حين أعلنت حكومة الفار هادي عن عرض 100 مليون دولار كانت في البنك الأهلي في عدن للبيع أيضاً بمزاد علني وبسعر السوق السوداء ، وعلى الرغم من خطورة بيع الاحتياطات النقدية من البنك المركزي والبنوك الحكومية ، إلا أن خبراء الاقتصاد اعتبروا قرار نقل البنك المركزي قراراً عسكرياً صرفاً قبل أن يكون اقتصاديا.
ومع كل ذلك فقد فشلت حكومة المرتزقة في إدارة البنك فشلاً ذريعاً في عدن ، كما فشلت في إحداث انهيار اقتصادي متسارع من خلال إدارة عملية تدهور سعر صرف العملة الوطنية مقابل الدولار خلال الفترة سبتمبر 2016ــ يونيو2017م ، فأعلنت تخليها عن أهم وظائف البنك المركزي المتمثلة في تحديد سعر صرف العملة وحمايتها من المضاربة في السوق المحلي ، لتعلن في منتصف يوليو من العام 2017م تعويم سعر صرف الريال اليمني وهو ما يعد إقرار رسمي بفشلها في إدارة البنك.
وخلال النصف الثاني من العام 2016م ، عملت تلك الحكومة الفاقدة للسيطرة والشرعية على الأرض على استهداف ما تبقى من الإيرادات العامة للدولة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة “الإنقاذ ” كإيرادات الجمارك والضرائب عبر تشديد القيود على الحركة الملاحية في ميناء الحديدة، أو عبر استهداف قطاع الاتصالات والتبغ والكبريت ، وصولاً إلى منع تدفق تحويلات المغتربين إلى المحافظات الشمالية.
جرائم
وارتكب التحالف جرائم اقتصادية متعددة متعمداً استهداف القيمة الشرائية للعملة الوطنية و ضرب الاستقرار المعيشي والاقتصادي في البلاد، فالعدو الذي حول البنية التحتية للاقتصاد اليمني إلى أهداف عسكرية منذ الوهلة الأولى لعدوانه الأرعن مخالفاً بذلك القوانين الدولية ومتجاوزاً كل أخلاقيات الحروب، شن حرباً مالية موازية بدأت منذ اللحظات الأولى لعدوانه على شعبنا اليمني في الـ 26من شهر مارس 2015م، ولايزال العدو يتخذ من الحرب المالية أداة من أدوات العدوان ووسيلة من وسائل الحصار المفروض على الشعب اليمني في ظل صمت وتواطؤ وخذلان العالم.
وعلى مدى أكثر من ثلاث سنوات اتخذ العدوان السعودي الأمريكي كافة الوسائل المحرمة دولياً، في سبيل تحقيق أهدافه الإجرامية بحق الشعب اليمني الذي يصنف كواحد من أفقر شعوب المنطقة، فقتل الشيخ والمرأة والطفل ودمر المزرعة والمدرسة والمصنع والسوق والطريق العام واستهدف مخازن الغذاء وخزانات وشبكات المياه وضرب محطات الكهرباء في مختلف المحافظات ، وفرض حظراً جوياً وبرياً وبحرياً على شعبنا اليمني الذي بفعل الحرب الاقتصادية لمملكة الشر يستورد بنسبة 90% من الغذاء والدواء والوقود من الأسواق الخارجية ، ولم يتوقف حقده الدفين على الشعب اليمني عند أي حد من حدود الجريمة المنظمة التي تنفذ على مرأى ومسمع من العالم ، بل استهدف ويستهدف كل القطاعات الاقتصادية الخدمية منها والإنتاجية والتجارية والمصرفية محاولاً تجفيف كافة قنوات الدخل الوطني المحلية والأجنبية.
حجر عثرة
فبعد أن فرض العدو السعودي الأمريكي حظراً على التحويلات المالية من وإلى اليمن، وتسبب بتوقف صادرات النفط والغاز والذي يعد من أهم مصادر الدخل الوطني من العملات الصعبة وأدى إلى توقف المساعدات والهبات والقروض الخارجية، وشدد الخناق على ما تبقى من صادرات وطنية إلى الخارج.
وقف العدوان حجر عثرة أمام كل المساعي التي قامت بها البنوك والمصارف في سبيل نقل تغذية ارصدتها في الخارج بالعملة الصعبة، ورفض أكثر من طلب بالسماح بنقل الأموال الصعبة من خزائن البنوك التجارية والإسلامية في العاصمة صنعاء إلى البنوك الأجنبية، حتى لا تستطيع البنوك اليمنية تغطية قيمة الواردات الضرورية للبقاء كالغذاء والدواء، ورغم فداحة تلك الجريمة التي تستهدف 27 مليون إنسان يمني ، إلا أن الصمت الدولي دفع العدوان السعودي الأمريكي إلى تجميد كافة الاحتياطات الأجنبية من العملة الصعبة المملوكة للبنوك اليمنية الأهلية والحكومية واحتجز مئات الملايين من الدولارات كمستحقات لشركات يمنية في الخارج دون أي مبرر.
جوهر
وبحسب خبراء الاقتصاد والمهتمين بالشأن الاقتصادي اليمني فإن الحرب ضد اليمن تعد في جوهرها ظاهرة انتقامية ممنهجة في دوافعها وأسبابها وأساليبها ووسائلها وطبيعة أهدافها ومضامينها، وهي تندرج ضمن استراتيجية الحروب الاقتصادية طويلة الأمد أو ما يعرف بـ(حروب الاستنزاف) أو ما يطلق عليها حديثا بمصطلح (الحروب الجديدة (التي تحمل أجندات قوى العدوان المتحالفة فيها بشكل مباشر، في تنفيذ الأجندات المتداخلة في سياق سيناريوهات الحرب التي يبحث كلٌ منها عن مصالحه الخاصة في حصيلة ونتائج الحرب.
رعاة الحرب يبحثون عن نصيب الأسد من الموارد الطبيعية في قلب الأحداث، وفي المناطق الملتهبة عينها، أو تلك التي تم السيطرة عليها، وهذا يعني أن النفط والغاز والمعادن في اليمن، هي العامل الذي يجعل اليمن بهذا القدر أو ذاك من الأهمية، ويجعلها ثمينة إلى هذا الحد الذي قد لا يصدقه كل عابر سبيل لا يدري ما تحت أقدامه من ثروات شعب وأمة يراد عنوة سلبها بفجاجة هذا التدخل السافر الأكثر حماقة وبشاعة في سلوك هذا العدوان الذي تجاوز كل الأعراف والقوانين الدولية في انتهاك السيادة الوطنية للبلد.
كما ان البحث عن الثروات الطبيعية بدأ بصورة فعلية منذ أواسط ثلاثينات القرن الماضي عندما بدأت الشركات النفطية في الأعمال الاستكشافية عن النفط والمسوحات والحفر والتنقيب التي شملت معظم جغرافية اليمن، حينها لم تفصح الشركات الأجنبية عن نتائج أعمالها، كانت معظم حصيلة أعمالها تبرر بأنها لم تحقق الغايات المرجوة في الكميات التجارية، وتبين فيما بعد أن تلك التقارير عن أعمال التنقيب ظلت طي الكتمان، إلا أن استخراج النفط كان قد بدأ فعليا في أواسط الثمانينات من القرن الماضي.
ركن
ووفقا للخبراء الاقتصاديين فاليمن بلد حباه الله موقعاً جغرافياً لا يضاهى، فهو يقع في ركن الجزيرة العربية وركن القارة الآسيوية، ويطل على البحار والمحيطات والخلجان والجزر والمضايق والموانئ، هذه المكانة الاستراتيجية المتميزة والفريدة جعلته الأهم بين قائمة البلدان في الجزيرة العربية، وفي جغرافيته احتياطات النفط والغاز والمعادن، وهو ما يجعلنا نفسر شراسة وهمجية هذه الحرب في سلب ونهب ثرواته والاستيلاء على منافذه، التي كشفت عنها بصورة جلية مسارح هذه المعارك في امتدادها واللاعبون الرئيسيون فيها، باعتبار النفط حاجة كمصدر للطاقة يهم أمريكا وأوروبا واليابان.
وتدخل القوى الدولية والإقليمية تفسره طبيعة هذه الحرب واستهدافها مناطق الثروات النفطية والغازية والمناطق ذات الأنشطة الاقتصادية الحيوية والمنافذ والموانئ البحرية والجوية والجزر وغيرها.
وأشاروا إلى ان العدوان على اليمن ركز في أهدافه الإستراتيجية أولاً: السيطرة على مناطق الثروة النفطية والغازية، وطرق الملاحة البحرية واستهداف الموانئ والجزر التي تهم حلفاء الحرب (أمريكا والغرب) على وجه التحديد، ومن هنا يأتي الدور الأمريكي الأبرز في إظهار قوة فريدة يؤمن لها رافعة هائلة في مفاوضتها أمام الحلفاء حول أمن ومصالح أمريكا في الامتداد الجغرافي أو ما يطلق عليه بمصطلح الأمن القومي الأمريكي، الذي يتقاطع مع الامتداد التجاري إلى أوروبا الشرقية واليابان ناهيك عن أسواقها الخارجية في بقية مناطق العالم، في استثمار مناخات الصراع باعتبارها أسواقا حية تتنافس عليها شركات الأسلحة في بيع صفقاتها بسرعة مذهلة.
نفقات
نفقات الحرب ضد اليمن بالتأكيد تؤمنها دول الخليج وعلى وجه الخصوص منها السعودية والإمارات اللتان تتكفلان بتمويلها، وتغذية استمرارها ورفد الخزينة الأمريكية بجزء كبير من هذه الأموال في مواجهة أعباء الاقتصاد الأمريكي من العجوزات القياسية في الميزانية، وفي حجم القروض والنفقات، وكان الرئيس الأمريكي في خطوته الأولى قد دشن بداية فترته برفد الخزينة الأمريكية من أموال الخليج بما يقدر بـ450 مليار دولار تحت مبرر مكافحة الإرهاب، تلك كانت أولى الخطوات في مواجهة الاختلالات في إدارة الرئيس ترامب أمام المستحقات التي تتطلب إنفاقا يمتد ويتسع في مواجهة الركود الاقتصادي الذي بدأت مؤشراته وسط تقارير يومية حول المصاعب الجديدة في النظام المالي، واستعادة شكوك رجال الأعمال في ثقل معركة الميزانية التي خسرتها إدارة أوباما.
ويضيف الخبراء إن إدارة ترامب كانت على يقين من إسهامات حلفائهم في دول الخليج كمصدر وحيد لتمويل الحرب وهم المعنيون بتحمل دفع الفاتورة المالية التي تعود أسبابها في مكافحة الإرهاب دون معرفة من يجني مكاسب نفقاتها.
لقد شهدت منطقة الخليج منذ بداية العدوان على اليمن في مارس 2015م أسرع تعبئة سياسية واقتصادية ومالية وعسكرية في حشد تحالف دولي كبير بإمكانات مهولة في حجم هذه القوات لتصل إلى مستوى الفعل العسكري الهجومي ضد اليمن، وعلى شفير هذا الهجوم المباغت وغير المعلن دون قرار من مجلس الأمن الدولي يعد ذلك مخجلا في تاريخ مجلس الأمن الدولي في هذه الهيئة الدولية التي تسمح بعمل عسكري على هذا المستوى من الاستعدادات الكبيرة لضرب اليمن،
وتقف الولايات المتحدة الأمريكية كأحد أطرافه دون اتخاذ موقف صارم من قبل مجلس الأمن لإيقاف العمل العسكري الذي تشنه دول تحالف العدوان بقيادة السعودية.
هذه الحرب مدانة من قبل مجتمعنا ونخبه السياسية، ويراها تدخلا سافرا في شؤونه الداخلية وانتهاكاً لسيادته الوطنية، وفيها اجحاف وظلم ويمثل الحصار الاقتصادي الشامل إجراء غير إنساني، في إجبار شعب بكامله على الاستسلام بوسيلة التجويع وفرض الحصار الاقتصادي براً وبحراً وجواً.
معاناة
ويقول خبراء الاقتصاد ان الحصار الاقتصادي لا يؤثر على القوات العسكرية، لكنه يتسبب في معاناة ملايين السكان المدنيين الذين يتضورون جوعاً، بسبب حرمانهم من مصادر عيشهم، وتشريدهم ونزوحهم من المناطق المستهدفة ومناطق الاشتباكات، هذا بالإضافة إلى موجات الغلاء المتصاعد في أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية، وانعدام الأدوية ومعالجة الحالات المرضية المزمنة، تلك وغيرها ضاعفت وعمقت من حجم المأساة، في ظل الحصار الجائر ومخاطر تفشي الأمراض والأوبئة البيئية التي لا تفي بحجم تلك المساعدات الغذائية والدوائية التي تقدمها المنظمات الإنسانية في مواجهة تلك المخاطر المجتمعية المهددة لحياة اليمنيين في نتائجها الكارثية، وفي مشاهد الموت لأفراد المجتمع،
ناهيك عن حجم الجرائم والانتهاكات الإنسانية، وتهديد السلم المجتمعي، ونشر عوامل الفوضى، والإرهاب والتطرف، وزعزعة السكينة العامة في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة, ويمكن للمرء أن يرى بوضوح كيف يتحدث المعتدون الطغاة بقيادة أمريكا عن حقوق الإنسان من جهة، وكيف يطبقون أساليب بغيضة ووحشية وكريهة وقاسية ضد الإنسانية بشكل يصعب تصديقه.
خبراء الاقتصاد يؤكدون أن السلام هو الحل في وقف هذه الحرب الظالمة الطاغية الإجرامية التي جرّت اليمن إلى منزلقات خطيرة وآن لها أن تتوقف، وأن تعود، الأطراف اليمنية إلى الحوار، كما أن بمقدور الأمم المتحدة تقديم صياغات إيجابية تساعد في الحل السياسي الذي يخدم سيادة ووحدة واستقلال اليمن ومصالح شعبه الصامد العظيم، وليس في تعقيد الافتراضات والأحكام الجاهزة غير المنطقية في استحالة التوافقات، والتهويل من حجم التعقيدات، كل ذلك سيبدو ممكناً إذا تخلت القوى العدوانية الاستعمارية الدولية ذاتها عن مشاريعها التدميرية التمزيقية في اليمن.