الرئيس الحمدي باني نهضة اليمن الأول ومؤسس دولته الحديثة
محمد صالح حاتم
من أشهر مقولات الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي (نحن خدام لكم لا حكاما عليكم ) من هنا كان المنطلق، وكانت بداية التصحيح التي بدأها الرئيس الحمدي، فهو حمل على عاتقه مسؤولية بناء وطن،لم يكن طامعا في السلطة ولم يكن هدفه كرسي الحكم،بل أتى ليخدم شعبه ،وليس ليحكمه ،فالشهيد الحمدي لم يكن رئيسا أو حاكما لليمن ،بل كان خادما لشعبة ووطنه ،لم يأت منتقما من احد أو حاقدا على احد ،لم يقم بثورة انقلاب ،أو ثورة إقصاء أو تصفية حسابات ، فمنذ حركة 13يونيو 1974 التصحيحية التي قادها الشهيد الحمدي حتى يوم استشهاده في 11اكتوبر 1977م ،فتره قصيرة جدا لا تتجاوز أربعة أعوام، ولكن ما انجز فيها يعد كبيرا جدا لازال صداها وأثرها لليوم، فقد بدأ الرئيس الحمدي بوضع البنه الأولى لمشروع الدولة المدنية الحديثة دوله النظام والقانون ، دولة المؤسسات، وكان هدفه هو المضي بالبلد نحو الاكتفاء الذاتي ،فأسس الجمعيات التعاونية وهي بمثابة المجالس المحلية بحيث يشارك الكل في البناء، هو من اوجد الخطة الخمسية وأولى الزراعة الاهتمام ودعم المزارعين، بإعطائهم القروض واستصلاح الأراضي الزراعية، وإنشاء بنك التسليف الزراعي ،وبنك الإسكان ، وعمل على مكافحه الفساد والمحسوبية، فإنشاء الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، أوجد المؤسسة الاقتصادية العسكرية، أسس معظم المشاريع الخدمية،من مدارس وجامعات ومعاهد مهنية وطرقات ومستشفايات ، والاتصالات وحدائق ،ومدن سكنية ، ،واتفاقيات التنقيب عن النفط، وبناء سد مأرب، والمصانع الإنتاجية، وعمل على بناء الهيكل إداري والمؤسسي للدولة، عمل على تهميش دور مشائخ القبائل لعلمه بارتباطهم الوثيق بعدو اليمن مملكة بني سعود ،وليس تهميشا أو إقصاء للقبيلة اليمنية العريقة المعروفة بتاريخها وقيمها وأعرافها وأسلافها، وحبها لتراب وطنها، فكان الرئيس الحمدي واحدا من العظماء الذين خدموا بلدانهم،ففي فترة توليه زمام قيادة البلد وهي فترة قصيرة لا تتعدى 46 شهرا، فقد عمل على سن وتشريع القوانين المنظمة لعمل الدولة، بل لقد جعل اليمن من أكثر البلدان نموا في الجانب الاقتصادي، وجعل قيمة الريال اليمني تنافس العملات العالمية بل وتتفوق على معظم عملات الدول المجاورة، ولم يكتف الرئيس الحمدي عند الشأن الدخلي لليمن وحسب فقد عمل منذ بداية رئاسته على إعادة وحدة اليمن مع أخيه الرئيس الشهيد سالم ربيع علي (سالمين) رئيس جمهورية اليمن الديمقراطي (سابقا ) فتم التوقيع بين الرئيسين اتفاقية على توحيد المناهج للمرحلة الأساسية ،وكان متحمسا للإسراع في إعلان إعادة الوحدة اليمنية، وهو ما كان يزعج أعداء اليمن وخاصة السعودية ، التي كانت تعمل على عرقلة إعادة الوحدة اليمنية ،،بل لقد عمل الرئيس الحمدي على تأسيس رابطة الدول المطلة على البحر الأحمر ،وهذا هو ما أجن جنون الأعداء وخاصة إسرائيل ،نظرا لحساسية المنطقة، بل لقد كان الرئيس الحمدي مهتما بالقضية الفلسطينية ،فكان دوما يذكرها في خطاباته وكلماته ،ففلسطين كانت حاضرة مع الشهيد الحمدي، فالحمدي لم يكن خادما لليمن فقط بل للأمة العربية والإسلامية.
فالحمدي – رحمه الله – كان يمثل بالنسبة للأعداء وخاصة السعودية وإسرائيل، شخصا يجب التخلص منه،لأنه سيكون حاجزا وسدا منيعا لتنفيذ مشاريعهم ومخططاتهم في اليمن والمنطقة بشكل عام،وهو ما تم بالفعل فقد تآمرت عليه المخابرات العالمية بالتعاون مع عملائه في الداخل للتخلص من الرئيس الحمدي، فتم اغتياله في 11اكتوبر 1977م، بل لقد تم طيلة العقود الماضية تهميش وطمس سيرته وعدم ذكر تاريخه ومنجزاته في الإعلام أو توثيقها لتقرأها الأجيال القادمة،لدرجه أن أسمة الشهيد الحمدي لم يطلق على شارع أو مدرسة أو مستشفى في اليمن.
واليوم ونحن نحتفل بالذكرى الواحد والأربعين لاغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي وأخيه عبدالله ،فإن علينا أن نخلد اسمه ونعمل على إعادة إحياء سيرته لتقرأها الأجيال ،وأن تسمى باسمه مدن وشوارع ومشاريع جديدة قادمة، وأن يتم الاستفادة من خططه وبرامجه وقوانينه التي عملها في فتره حكمه، وأن من اغتال الحمدي هو من يقوم اليوم باغتيال الشعب اليمني كاملا .
وعاش اليمن حراً أبياً والخزي والعار للخونة والعملاء.