الحسين (ع) لا زال محاصراً (2-4)

عباس الديلمي
نترك الحديث للكاتب والمبدع المصري أيمن الحكيم أو الحكيم أيمن، لينقل لنا ما سمعه من المخرج المصري الكبير جلال الشرقاوي، حيث يروي عنه قوله :إن منع عرض المسرحية التي أعدها وأخرجها الراحل العظيم كرم مطاوع قبل ثلاثين عاماً عن مسرحيتي الشاعر الفذ عبدالرحمن الشرقاوي قد خلق لدي إصراراً ورغبة جامحة في إعادة الكرة وقمت بإعداد العمل المسرحي المطلوب عن سيد الشهداء وتواصلت مع الممثلين المختارين للعمل ومنهم الفنانان نور الشريف وسهير البابلي فوجدت منهم تجاوبا كبيراً بل أحسست أن همي وهم نور الشريف واحد وحلمنا واحد بل وصل الأمر بنور الشريف أن قال: هذا وعد أقطعه باعتزال التمثيل نهائياً وقطعياً ليكون الحسين هو آخر أعمالي فهو شرف عظيم.
ولأن جلال الشرقاوي يعرف الذرائع التي تم اللجوء إليها لمنع عرض المسرحية التي أعدها الفنان كرم مطاوع مثل تحريم تجسيد شخصيات آل البيت والمبشرين بالجنة من الصحابة وتحاشي إثارة المذهبية وما يبعث الفتنة، فقد تحاشى كل ذلك، واتفق مع نور الشريف أن يكون راوياً لما قاله الحسين وليس ممثلا لشخصه أو يقوم بدوره، حيث يقول الشرقاوي: قررت أن يكون نور الشريف مجرد راوٍ لكلام الحسين وأن تسبق كل جملة له عبارة ( يقول الحسين) وأن يرتدي ملابس عصرية في شكل بدلة فوقها عباءة حتى يكون هناك فصل كامل بين الشخصية الحقيقية والراوي، وكذلك فعلت مع سهير البابلي عندما تروي عن السيدة زينب ولثقتي في النص، وعدم إثارته لأي حساسية دينية أو مذهبية فقد توجهت به إلى شيخ الأزهر الدكتور طنطاوي مرفقاً برسالة قلت فيها: « تجتاحني منذ فترة طويلة فكرة تجسيد قصة سيد الشهداء سيدنا الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما على خشبة المسرح.. ففي هذه القصة الخالدة من المثل والقيم ما يقدم أنموذجا رائعاً وقدوة عظيمة على الجرأة في نصرة الحق والاستبسال في مجابهة الظلم والتضحية بكل غالٍ.. حق علينا أن نقدم لهذا الجيل هذا المثل الأسمى خاصة في هذه الأيام حيث أصبح النفاق فضيلة والتخاذل جُرأة وشجاعة، والنكوص عن نصرة الحق فطنة وذكاء..( إلى آخر الرسالة)
بعد اطلاع شيخ الأزهر على هذه الرسالة الصادقة وعلى النص المسرحي الذي تجنب فيه الشرقاوي كل المحاذير التي يتعلل بها المسيسون من رجال الدين.. لم يسعه إلا أن يلتقي بجلال الشرقاوي وسهير البابلي ويبدي موافقته على النص المسرحي وعرضه على خشبة المسرح وقال له بالحرف «يا أستاذ شرقاوي أنا عن نفسي موافق.. ولكن لابد من موافقة مجمع البحوث الإسلامية وسأحيل طلبك إليه»
ولحرص الشرقاوي على الأخذ بكل الحيط فقد عرض المسرحية على المجلس الأعلى لرعاية آل البيت والذي لم يعترض بل وافق على النص وعرضه.. وهنا تجدر الإشارة إلى نقطة نراها هامة هي:
لو كان الأمر دينيا يحتاً أو له صلة بشيعة وسنة لكانت موافقة شيخ الأزهر ، والمجلس الأعلى لرعاية آل البيت في مصر تكفي، ولكن وراء الأمر ما وراءه من السياسة، ولهذا طلب شيخ الأزهر عرض المسرحية على مجمع البحوث الإسلامية في مصر، وهذا ما سنقف أمامه في الوقفة القادمة وحصار الحسين (ع) في مصر.