14 أكتوبر .. موقف ثوري جديد يتخلّق ضد العدوان
الدكتور/ قاسم محمد لبوزة
ندرك كيمنيين جميعا أن ثورة الـ 14من أكتوبر جاءت لتعبر عن إرادة وطنية يمنية جامعة في التحرر والكرامة واستعادة الوحدة الوطنية اليمنية..
تلك الثورة التي عكس فيها أبناء الشعب اليمني في جنوب الوطن ملحمة ثورية نحو التحرر من نير الاستعمار البريطاني البغيض منطلقة من جبال ردفان الشماء ليتسع تحركها الواعي المبارك على امتداد الجغرافيا اليمنية ويصل صوت شعب الجنوب الثائر إلى مسامع العالم اجمع ..
ولعل المتتبع لحركة التاريخ ومساراته سيجد ان ثورة الرابع عشر من أكتوبر كانت ثورة وطنية وشعبية عظيمة هب تحت لوائها العمال، والمثقفون، والنقابيون، والفلاحون والعسكريون، وأبناء القبائل والقوى السياسية الوطنية القومية واليسارية من كل المناطق اليمنية، وفي إطار هذا الزخم الثوري الناضج والواعي احتلت المرأة اليمنية مكانة نضالية مشرفة تعبيرا عن وعي عام بأهمية الخلاص والتحرر من براثن الاستعمار البغيض وصولا إلى تحقيق الاستقلال الذي تحقق مع انسحاب آخر جندي بريطاني في الـ 30من نوفمبر 1967م.
بهذا الحضور الوطني الكثيف و الجامع والمضحي انتصرت ثورة الـ14 من أكتوبر المجيدة وليس كما قد يظن بعض قاصري الفهم من ان الأمر كان عائدا لحسابات بريطانية او للصدفة او ماشابه بل إن الانتصار العظيم الذي حققه ثوار حرب التحرير ارتكز على مداميك النضال الوطني بأبعاده السياسية والأمنية والعسكرية وبذل الدماء الطاهرة الزكية وتحمل معاناة الجراح والسجن والتشريد وعذابات اسر المناضلين وكل أبناء عدن والمحافظات الجنوبية ..
وكحصيلة مباركة لهذه التضحية تمكن ثوار حرب التحرير المجيدة من تقديم النموذج الأبرز والدروس البليغة في البطولة والتضحية والفداء والبذل في سبيل الحرية والكرامة ورفضاً للاحتلال البريطاني ومؤامراته التي هدفت إلى إحداث حالة من التشظي الوطني وقمع الروح الوطنية وتركيعها تارة بالقمع وتارة بتوزيع المغنم على ضعاف النفوس من أصحاب المشاريع الصغيرة ليسهل على الاحتلال البريطاني تمزيق جنوب الوطن إلى كيانات تزيد عن العشرين ..
لكن كل تلك المرامي الخبيثة دفنت لتكون ثورة الـ14 من أكتوبر إحدى أعظم الثورات التحررية العربية من الهيمنة الاستعمارية في القرن العشرين.
ومن هذا المنطلق الوطني الصرف كرست ثورة 14 أكتوبر المجيدة وجسدتها حقيقة واقعية لأتقبل المساومة على امتداد الرقعة الجغرافية لكل اليمن. .اليمن الكبير الذي تشبع بوعي الثورة وحلم التوحد والاستقلال اذ كان شمال الوطن هو العمق الاستراتيجي لثورة أكتوبر، تفاعل معها النظام الثوري السبتمبري دعماً وإسناداً واحتضاناً.
وبالتوازي مع ذلك الفعل الثوري الداخلي اليمني كانت مصر العربية والأنظمة الثورية العربية حاضرة في المشهد ذاته وكانت خير مساند لثورة 14أكتوبر المجيدة والشعب اليمني انطلاقا من المشاعر القومية العربية الإسلامية ونبذا للمستعمر الأجنبي. .
واليوم تحل علينا الذكرى الخامسة والخمسون لثورة 14أكتوبر المجيدة للعام الرابع على التوالي وشعبنا اليمني ونحن أكثر يقينا بأن تضحيات اليمنيين الصامدين في وجه العدوان والاستعمار الجديد لن تذهب هدراً، وأن عدالة قضيتنا ومظلوميتنا وطول معاناتنا ستكلل بالانتصار العظيم والناجز لأن التوكل على الله والصبر والصمود هو الرافعة الحقيقية لهذا الانتصار وتحرير الأرض وبناء الدولة اليمنية العادلة والديمقراطية التي طال انتظارها.
ولأن التاريخ يعيد نفسه اذكر كل الخونة والمرتزقة والعملاء الذين يقفون اليوم في صف العدوان والاستعمار الجديد بأدواته السعودية والإماراتية. .بالموقف الذي اتخذته الثورة آنذاك ممن ووقف إلى جانب المستعمر البريطاني والذين صاروا بعد انتصار الثورة في خانة الخزي والعار. .وهو ما يجب ان يتعلم منه مرتزقة اليوم المساندون لعدوان التحالف الأمريكي السعودي الصهيوني البربري على وطنهم وان يعيدوا حساباتهم ويراجعوا مواقفهم ويعودوا إلى الصواب وينتظموا في ذات الموقف الثوري الذي بدأ يتخلق اليوم ضد العدوان والاحتلال في المحافظات الجنوبية المحتلة ومحافظة تعز بعد أن شعر الناس أن الجنة الموعودة التي وعد بها المحتل الجديد في عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى إنما كانت كما هائلا من المعاناة الاقتصادية والمعيشية والانهيار الأمني والسيطرة على مقدرات اليمنيين…
والحال هنا يستوجب السؤال الذي أوجهه إلى إخواني في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات العدوان وإخواني في الجنوب بالتحديد بعد أربعة أعوام من العدوان ما الذي جنيتم من وراء الاحتلال.؟
بكل تأكيد الصورة واضحة اليوم وضوح الشمس في رابعة النهار..هؤلاء هم وكلاء المستعمر القديم بأجنداتهم وتوجهاتهم وأطماعهم لا ينشرون الا الخراب والدمار على كل المستويات السياسية والاقتصادية وتمزيق وحدة اليمن وزعزعة استقراره بل وتهديد حقيقي لوحدة الجنوب ونحن نرى بروز الدعوات والتشكيلات المناطقية وعودة حلم الإمارات والسلطنات التي تتبع هذه المرة دولا داخل تحالف العدوان ما بعيد لنا اليوم الحال أيام المستعمر البريطاني بشحمه ولحمه..
ومن هنا أراهن على الصوت الوطني الحر في الجنوب الذي بدأ يرتفع ويعي تماما ان مشاريع أمريكا وإسرائيل وبريطانيا تتضح بجلاء من خلال وكلائهم الجدد الطامعين في الموقع الاستراتيجي لليمن بمياهه وأرضه وجزره..والذي لن يتم الا بالسيطرة على قرارنا وسيادتنا وزعزعة أمننا واستقرارنا..لأنهم لم يأتوا من أجل الجنوب واليمن عموما بل من أجل أطماعهم وسيستخدمون من ساندهم من اليمنيين كأدوات ثم يرمون بهم..والشواهد خلال أربعة أعوام من العدوان تؤكد ذلك.
واختم بالقول: رغم ما يمارسه العدوان من قتل وحصار وتدمير بحق شعبنا إلا أن إرادة الله التي تمهل ولا تهمل ونرى ملامحها اليوم في ترنح النظام السعودي والإهانات التي تتنزل عليه صباح مساء من الرئيس الأمريكي وانغماسه المستمر في المؤامرات ضد جيرانه والعروبة والإسلام وسفك الدماء تؤكد أن عاقبة الظلم والطغيان البوار والخسران..
كما أن الشعب اليمني سيظل الشعب الذي لا يقهر, الشعب القوي بإيمانه بالله، وبإرادته الوطنية الحرة وبقضيته العادلة، الشعب الذي ضرب ولا زال يضرب أروع الأمثلة في العطاء والتضحية والصمود في الدفاع عن كرامته وأرضه واستقلاله وكل يوم يؤكد الشعب اليمني أن كل المعتدين والغزاة مهما حشدوا ومهما كانت قوتهم فإن مصيرهم لن يختلف عن مصير سابقيهم من الغزاة والمحتلين, وقريباً سيرحلون وسيرحل معهم عملاؤهم ومرتزقتهم الذين باعوا الوطن واستدعوا الأجانب لتدنيس تراب الوطن مقابل ثمن بخس.