” تناسوا التحرير واتجهوا للتكرير !”
عبدالله الدومري العامري
على الرغم من أن اليمن يمتلك من الثروات ما يجعله بلداً يعيش دون الحاجة إلى أحد إلا أن السياسة الأمريكية تعمل جاهدة طوال العقود الماضية على إفقار الشعب اليمني ومحاربته اقتصادياً لتمنعهم من استخراج ثرواتهم النفطية والسمكية وغيرها كون اليمن من أغنى الشعوب العربية بثرواته التي لم تستخرج بعد ،، ولو نرجع للخلف ونستلهم الدروس عبر التاريخ عندما قامت أمريكا بالحرب على أفغانستان بذريعة (الحرب ضد الإرهاب) انتشرت القوات العسكرية الأمريكية في الأقاليم الغنية بالموارد النفطية وكذلك في العراق أيضاً وقد طرحت أمريكا فكرة تأمين القوات الأمريكية منابع النفط في الخليج عقب حرب أكتوبر 1973م عندما قامت دول الخليج بحظر مبيعات النفط وكذلك القرار الذي اتخذته بعض الدول العربية بحظر تصدير النفط إلى الدول التي تقوم بتأييد إسرائيل وهو الأمر الذي أثر سلبيا على الاقتصاد الأمريكي ، لذلك قامت أمريكا بعمل الدراسات والخطط لمواجهة المواقف التي تهدد اقتصادها فكان المخطط هو غزو واحتلال الشعوب العربية والإسلامية والسيطرة على ثرواتها وقد بدأ المخطط بأفغانستان وكذلك العراق وليبيا وما يجري الآن في سوريا واليمن من تمكين القاعدة وداعش من السيطرة على المحافظات النفطية ومن ثم يأتي الدور الأمريكي بمزاعم محاربة الإرهاب لتستكمل مخططها بالاحتلال والسيطرة على الثروات، وما كانت فكرة تقسيم اليمن إلى أقاليم إلا جزءاً لا يتجزأ من ذلك المخطط .
كذلك تحكم اليمن بالبحر الأحمر وباب المندب الذي ينفرد بموقعه الجغرافي الرابط بين ثلاث قارات ( أفريقيا ،آسيا ،أوروبا) عبر البحر الأبيض المتوسط مرورا بقناة السويس المصرية،ذا فهو يعتبر ممراً ملاحيا ذا أهمية استراتيجية كبرى وهذا ما جعل أمريكا تقوم بدعم وتمويل القراصنة الصوماليين لتتخذهم ذريعة لاحتلال اليمن تحت ذريعة محاربة القرصنة وقد أنشأت أمريكا وإسرائيل قواعد عسكرية ونشرت الأساطيل الحربية في بحر العرب والمحيط الهندي والبحر الأحمر وكل هذا من أجل السيطرة على باب المندب والتحكم في الملاحة البحرية ، وقد سبق لإسرائيل أن قامت بالاعتراف وعلى لسان قائد البحرية الإسرائيلية السابق عام 1956 عندما قال ان إسرائيل تملك أسطولاً بحرياً ضخماً يعمل في كافة موانئ العالم وكذلك قال (علينا أن نعد العدة في المستقبل كي تستطيع أساطيلنا البحرية والحربية أن تحطم الحصار العربي المفروض علينا وأن نفرض الحصار بدورنا على الدول العربية عن طريق تحويل البحر الأحمر إلى بحيرة يهودية ) .
الآن وبعد ما يقارب أربع سنوات من العدوان السعودي الأمريكي على اليمن ، ما الذي تغير ؟فالعدوان على اليمن جاء تحت ذريعة إعادة شرعية الفار هادي ووقف التمدد الإيراني في اليمن ، وبعد أن استطاعت قوى العدوان السيطرة على المحافظات الجنوبية لم تسمح لشرعية هادي ولا لحكومة الفنادق بالعودة إلى العاصمة المؤقتة عدن وممارسة أعمالهم منها ، بل قامت بتسليم بعضها للجماعات الإرهابية من عناصر القاعدة وداعش والبعض الآخر يرزح تحت سيطرتها لتنهب ثروات اليمن من النفط والغاز والأسماك وعطلت الموانئ والمطارات والمنافذ وقد أصبحت دويلة الإمارات تسيطر فعلياً على مناطق إستراتيجية بما فيها جزيرة ميون، التي يشرف من خلالها اليمن على باب المندب، بالإضافة إلى جزيرة سقطرى،إحدى أهم المناطق الإستراتيجية على مستوى البلاد والمنطقة، وكذلك ميناء عدن ، حيث ركزت قوى العدوان وخصوصاً الإمارات على شراء مرتزقة جنوبيين والزج بهم في معارك عبثية في الساحل الغربي رغم أن المحافظات التي ترزح تحت وطأة الاحتلال تشهد توسعا في عمليات الاغتيالات وازدادت جرائم الاغتصابات والتفجيرات الانتحارية وتعيش في وضع أمني منفلت ناهيك عن الجرائم التي تتم في السجون السرية التي تديرها الإمارات ، والهدف من ذلك هو تصفية أبناء الجنوب ليتأتي لها أمر تنفيذ مخططاتها دون مقاومة من أحد ، مع إن هناك قوات تابعة لطارق عفاش لكن الإمارات تقوم بالزج بأبناء الجنوب في تلك المعارك والحرب الاستنزافية وتتجنب الزج بقوات طارق عفاش .
لقد وصل الحال ببعض حكومة الفنادق إلى التصريح علناً والشكوى من قوى العدوان قائلين بأن التحالف الذي يزعم بأنه جاء لاستعادة الشرعية في اليمن كان كاذباً وان الحقيقة هي أن التحالف أستخدم الشرعية لتمرير أجنداته وتحديداً في الجنوب، وأن التحالف لا يحترم قيادة الشرعية في اليمن، ويتم التعامل معها بشكل مسيء ومعيب وإن التحالف أصبح هو من يتحكم بالقرار اليمني ويقوم بنهب الموارد من النفط والغاز ، وهذا ما حذر منه السيد عبدالملك الحوثي منذ أول يوم شنوا فيه العدوان على اليمن ولكن الإخوة في الجنوب أخذتهم العزة بالإثم .
وقد اتضح للإخوة الجنوبيين ممن يرزحون تحت وطأة قوات الغزو والاحتلال بأنه لم يعد هناك أي مبرر لاستمرار العدوان ، لأن كل الذرائع سقطت وتبين للجميع أن هذه الحرب والعواصف التي تقوم بها قوات التحالف ليست لإعادة الشرعية ولا لوقف التمدد الإيراني ولا لحماية باب المندب بل إن ما تقوم به هو حرب شعواء على اليمنيين من أجل إخضاع اليمنيين والهيمنة على قرارهم السياسي والسيادي ومصادرة حريتهم ونهب ثرواتهم وخيراتهم وما يحصل في سقطرى وحضرموت وشبوة وغيرها من المحافظات الجنوبية من نهب ممنهج ومد أنابيب تنقل النفط من شبوة إلى شرورة إلا شاهد على ذلك وهو الأمر دفعهم إلى أن يثورا بوجه هذا العدوان وشرعيته المزعومة في عدن وحضرموت والمهرة وشبوة ولحج والضالع ،
فعواصف الحزم والعزم والأمل والسهم الذهبي وغيرها من العمليات العسكرية التي تقوم بها قوى العدوان السعودي الأمريكي ليست من أجل تحرير اليمن ووقف المد الإيراني ولكنها في الحقيقة من أجل مد أنابيب تكرير النفط ونهب ثروات اليمن حتى يظل اليمن بلدا فقيراً يستنجد بملوك وزعماء العالم لمساعدته .
لذلك يجب علينا جميعاً شمالاً وجنوباً أن نعي خطورة هذا العدوان وأن نتوحد لمواجهة هذا العدوان الغاشم وبعد دحر قوى العدوان وإخراجها من بلدنا سنستطيع أن نحل مشاكلنا الداخلية بأنفسنا بعيداً عن التدخلات الخارجية .