المرصد الوطني لحقوق الإنسان .. الملاحظات والتوصيات
مطهر يحيى شرف الدين
كثيرة هي المؤسسات الرسمية والأهلية والمنظمات غير الحكومية الحقوقية والإنسانية المعنية بحقوق الإنسان وحرياته والتي تهدف من خلال أنشطتها ومهامها إلى نشر الوعي القانوني بحقوق الإنسان بين أوساط المجتمع المدني ورصد وجمع وتوثيق المعلومات المتعلقة بالقضايا والمشاكل المتصلة بحقوق الإنسان ، إضافة إلى مهام الوزارات والمؤسسات الرسمية المعنية ومنظمات المجتمع المدني وما يجب اتخاذه من إجراءات تضمن حماية وحل القضايا الإنسانية ، كما أن من تلك المهام أيضاً رسم السياسات وإقرار البرامج والخطط التي يحقق تنفيذها ضمان حماية الحقوق الأساسية وتعزيرها والعمل على إيجاد آليات وطنية ودولية فاعلة لتعزيز واحترام الدساتير والقوانين الوطنية والدولية وبما يلبي توفير حماية حقوق الإنسان والدفاع عنها ضد أي انتقاص وانتهاكات أو جرائم تمس حياة الإنسان وكرامته وتضمن له حق التطبيب والتعليم والغذاء الكافي كحقوق أساسية نص عليها ميثاق الأمم المتحدة وأكدت عليها العهود الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاتفاقيات الثنائية بين الدول.
وما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام هو المرصد الوطني لحقوق الإنسان الذي تم إنشاؤه في افتتاح أعمال اللقاء التشاوري مع شركاء دوليين قبل أسبوعين ، وقد نظم أعمال الافتتاح وزارة حقوق الإنسان والمجلس الأعلى للأمومة والطفولة بالتعاون مع منظمة رعاية الأطفال ، وما ينبغي أن يتم طرحه من ملاحظات و توصيات إزاء إنشاء المرصد باعتباره مؤسسة وطنية تهتم بقضايا ومشاكل الأطفال ومعاناتهم والتحديات التي يواجهونها في هذه المرحلة الاستثنائية هو ضرورة وجود آليات عمل وبرامج يتم من خلالها التحرك العملي والجاد والسريع في الميدان لتقديم كافة أوجه الدعم المادي والمعنوي والنفسي للفئة المستهدفة المشار إليها في اللقاء التشاوري الذي شاركت فيه المنظمة العالمية لرعاية الأطفال كشريك دولي يهدف إلى دعم المرصد الوطني لحقوق الأطفال من أجل حمايتهم من الانتهاكات والجرائم وعدم تكرارها والعمل على ضمان حياة كريمة للطفولة وذلك هو ما جاء على لسان مستشار المنظمة ريتشارد تلاقوا في حديثه أثناء افتتاح اللقاء التشاوري ، إن ما يجب على المرصد الوطني في هذه المرحلة بالذات أن يعمل على رسم سياسة عامة وتنفيذ برامج تحقق الهدف العام لمهام وأنشطة المرصد الذي يرمي إلى تحقيق الفائدة الملموسة والملحوظة لأطفال اليمن ، كما أن شراكة مؤسسات و منظمات المجتمع المدني الإنسانية والحقوقية مع المرصد الوطني لحقوق الإنسان ومع المؤسسات الرسمية المعنية مسألة مهمة ينبغي أن تكون ضمن أولويات برامج ومشاريع المرصد باعتبار أن تلك المنظمات هي الأكثر احتكاكا وتلمساً لقضايا الأطفال ومشاكلهم النفسية والحياتية وكشف مظلوميتهم ومعاناتهم إلى المجتمع الدولي والعالم الخارجي وبالذات من هم ضحايا دول تحالف العدوان بقيادة السعودية وذلك هو ما يحقق أحد أهداف برامج حماية الأطفال في المنظمة العالمية لرعاية الأطفال المتمثلة في حمايتهم من الجرائم والانتهاكات والعمل على عدم تكرارها.
ولا يخفى على أحد الدور الهام والأبرز الذي تقوم به المنظمات غير الحكومية الإنسانية والحقوقية في تقديم المساعدات والمعونات و كشف مظلومية الأطفال والشعب اليمني للمجتمع الدولي ومعاناته والعمل على رصد وتوثيق انتهاكات وجرائم دول العدوان وما سببه الحصار الخانق في حدوث أسوأ أزمة إنسانية في العالم كما وصف ذلك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش ، وعلى كل حال فإن إيلاء حقوق الطفل الاهتمام والرعاية من قبل المؤسسات الرسمية وغير الحكومية وبالذات مع طبيعة الظروف الصعبة التي نمر بها بسبب العدوان والحصار على بلادنا يتطلب أولا تقييم الوضع الراهن لقضايا الفئات المستهدفة و بصورة سريعة للخروج بنتائج وسياسات واضحة لمعرفة المتطلبات والاحتياجات الأساسية وذلك لضمان نجاح الجهود المشتركة تجاه حقوق الأطفال ، والأسئلة التي تطرح نفسها إزاء هذه الجوانب من الأنشطة واللقاءات والمهام الإنسانية تسأل: إلى أين وصلت جهود شركاء العدالة وجهات حقوق الإنسان في المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الذي أوصى في أحد اجتماعاته تشكيل مجلس تنسيقي بين المجلس وكافة الجهات ذات العلاقة وكما أكد على ذلك الدكتور عبدالعزيز بن حبتور رئيس مجلس الوزراء قبل أكثر من عام عند رئاسته للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة على ضرورة بذل الرعاية والاهتمام بحقوق الطفل ، وإلى أين وصل التنسيق المشترك بين الجهات الحكومية والأهلية المعنية بحقوق الإنسان وما هي ثمرة اللقاءات والاجتماعات السابقة ، وما هي الإنجازات التي حققتها تلك الجهات المعنية من سياسات وخطط وبرامج تنفيذية على الواقع الميداني وبما يحقق الرعاية والدعم والفائدة الملموسة للأطفال ، وهل هناك أثر ملموس لأنشطة وبرامج تلك الجهات على الصعيد الإنساني والحقوقي والاجتماعي والنفسي ، ولذلك فإن ما ينبغي على القيادات والجهات ذات العلاقة بحقوق الإنسان هو ضرورة اتخاذ خطوات عملية وإجراءات تطبيقية تلمسها الشريحة المستهدفة فليست تلك الفئات أياً كانت بحاجة إلى مؤسسات ولقاءات واستعراضات إعلامية بقدر ما هي الحاجة الملحة إلى مخرجات عملية لتلك اللقاءات وترجمة النظريات إلى تطبيق و إلى واقع ونتائج سريعة بأن تكون هناك فائدة ودعم نملحوظ للأطفال كإسعافات إنسانية تلبي الحاجات الضرورية والحقوق الأساسية التي لا غنى عنها في هذه الحياة وكما يتمتع بها بقية الأطفال في العالم وبالذات ونحن أمام مرحلة استثنائية وظروف اقتصادية قاهرة ومفروضة على الشعب اليمني الحر الصامد من قبل دول الاستكبار العالمي.
* المستشار القانوني لمنظمة رائدات العدالة للحقوق والتنمية