ثورة الحسين
عبدالله الاحمدي
يحاول عبيد الطاغوت أن يطمسوا معالم ثورة الحسين وتضحياته في الطف كربلا، وتغييب وعي الأمة عن هذه الثورة الإنسانية التي قادها الحسين في وجه الاستبداد والارتداد، لاستعادة الإسلام الثوري المحمدي الرسالي الذي انقلبت عليه قريش وعبيدها.
يوم عاشوراء العاشر من محرم صادف هذا العام بعده الحادي عشر جمعة. بعض خطباء الاستبداد لازالوا غارقين في مفاهيم الاستبداد والطاغوت.
تسألهم عن عاشوراء فيسردون لك تفسيرات قالها علماء السلطان بقولهم : في عاشوراء نجا الله موسى من فرعون، وفي عاشوراء توج سليمان بالملك على بني إسرائيل، وهات من قصص وسرد للخرافات. والقصد من هذا كله تغييب حقيقة ثورة الحسين في عاشوراء كربلا.
مهما يكن من مغالطات الأعراب والمنافقين، وعبيد الاستبداد فالحسين أصبح علما وقدوة، وملهما لكل الثوار في العالم.
وعلى مدى 14 قرنا من الزمن تمددت ثورة الحسين عابرة للزمان والمكان على طول العالم وعرضه، وأصبح الحسين ملهما لكل الثوار والمظلومين في أرجاء العالم.
لقد انتصر الدم على السيف، وأسقط دم الحسين عروش المستبدين منذ بني أمية، مرورا بالعباسيين، وحتى طغاة هذا العصر سوف يتساقطون كأوراق الخريف بفعل الثورات التي تسير على نهج الحسين.
لقد ظل دم الحسين وقودا لكل ثورات المظلومين. وها هو دم الحسين يثور في وجه طغاة العصر من الامبرياليين وأدواتهم الحقيرة في المنطقة.
لم تخمد جذوة ثورة الحسين، فهي مشتعلة وستظل طالما وجد ظلم وظلمة ومظلومون.
لقد خرج الحسين لاستعادة الإسلام الذي انقلب عليه طغاة بني أمية وعلى رأسهم الفاسق يزيد بن معاوية رأس الكفر والردة.
بدأ الانقلاب على الإسلام المحمدي في السقيفة، وكان ذروة الانقلاب استيلاء معاوية والطلقاء على السلطة في الإسلام، وبدأوا تسييد القيم الجاهلية والقيصرية، والفرعونية والكسروية، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، بل حاولوا إلغاء كتاب الله، وإلغاء مناسك الحج والصلاة، ولولا صمود آل البيت ونفر من شيعتهم في وجه الردة الجاهلية لكان الإسلام قد انتهى.
لقد شغل الانقلاب الأموي الأمة طوال تاريخها الماضي والمعاصر،واستهلك وقت وجهد الأمة في الدفاع عن قيم الإسلام المحمدي الثوري.
في إحدى مواسم الحج أقبل الفاسد، يزيد على مكة فطلب من عبيده وأعوانه أن يضربوا له خيمة في سقف الكعبة ليسكر فيها ويمارس نزواته، ولكن أعوانه راجعوه، وقالوا له: بإمكانه أن يسكر في داخل الكعبة فهي أأمن له من عيون الحجيج.
اما الوليد بن يزيد فقد كان يرمي القرآن بالنشاب ويقول له : أنت توعدت كل جبار عنيد؟ هاأنذا جبار عنيد.
اما والي الكوفة في العراق يزيد بن أبيه ( ولد سفاحا لا أب له ) فقد كان يطلب من الحجاج ان يحجوا إلى قصر معاوية في الشام. وهل سمعتم عن والي الأمويين على البحرين الذي صلى بالناس فجرا ثلاثا وهو سكران لا يعي ما يقول؟!!
لقد ظل الطغاة خمسمائة عام يلعنون الإمام علي بن أبي طالب من فوق المنابر، ويضطهدون الصحابة وأبناء الصحابة، ويقتلون المفكرين والمصلحين، ومن يعادون الاستبداد، ويرفضون بيعة الظالمين، وما موقعة الحرة في المدينة الا مثالُ وصغرُ لما اقترفوه في حق الأمة من جرائم. لقد نكلوا بآل البيت النبوي، وقتلوا الأئمة المعصومين، وطاردوا الهاشميين، حتى كاد الحجار أن يخلو من آل بيت النبوة والهاشميين وأنصارهم.
قتل الأمويون الإمام زيد في الكوفة وصلبوه في الكناسة لمدة عامين، حتى نسجت العنكبوت رداء حول هيكله العظمي، وعندما أذنوا بدفنه رفض والي المدينة المنورة أن يدفن في البقيع، وفي نفس الوقت قتلوا ابنه في خراسان.
انقلب الأمويون على الإسلام وأحدثوا فيه ما ليس منه، وأحالوه إلى ملك عضوض، صادروا فيه حقوق الناس، والغوا الشورى واضطهدوا المرأة، وأسسوا لولاية العهد التي ليست من الإسلام في شيء، بل هي تقليد فرعوني جاهلي.
لقد خرج الحسين ليستعيد الإسلام الثوري الشعبي النقي الذي أتى به جده المصطفى، لكن داعش ذلك العصر قتلوا الحسين، ومن معه من أهل بيت النبوة، وأصحابه.
اليوم يعود الطغاة لينتقموا من الإسلام والمسلمين ثانية، وثالثة مستعينين بقوى الإرهاب العالمي.
المجرم عمرو بن سعد، وعبيد الله بن زياد قطعوا رأس الحسين وأرسلوه على رأس حربة إلى الفاسق، يزيد في الشام مؤسسين لما تقوم به داعش اليوم من ذبح وقتل وحرق ونخاسة.
لقد شكل الاستبداد إعاقة للأمة، ومنعها من تطوير إمكانياتها في كل الجوانب، ومازالت الأمة تدفع ثمن استكانتها للاستبداد حتى اليوم.
خذوا عبرة من التاريخ، لقد ذهب الطغاة والمستبدون والقتلة إلى مزابل التاريخ، وسيلحق بهم الدواعش والقاعدة والمرتزقة، وطغاة البترو/ دولار، لكن الحسين باق كرمز تاريخي، يلهم أجيال الأمة إشعال الثورات جيلا بعد جيل وصولا إلى دولة العدل والمساواة.
ثورة الحسين/صـــدام عقيـــل /ج6