المشهر..اليمني الأصيل..والبطل الكحيل..والوفي الجميل..!

 

معاذ الخميسي
المشهر..ليس ككل الخيول..ولا مثل أبرز الفحول..هو باختصار أفضل الخيول..والفحول..وإلّا كيف كان سيستطيع أن يستمر قوياً. .وجميلاً..ورشيقاً..وبطلاً..ووفياً..وشامخاً..وبهياً..وداء السرطان ينهشه..يعذب أيامه..وهو كمن لا يقبل الخوف..ولا يهاب الموت..ولا ينظر سوى لأن يقاوم..ويواصل..يحصد الإنجازات..ويحقق البطولات.
ما أعظم أن يكون الخيل بطلاً..يرفض الاستسلام لمرض فتاك..ويصر على أن يمضي في عزة.. وكبرياء .. وشموخ .. وأناقة ..وجمال..ليكون أكثر وفاءً لمدربه..ولفارسه..وأشد إصراراً على الفوز بالتحدي مع المستحيل.
هو المشهر..ذلك الحصان الجميل..اليمني العربي الأصيل..يطل على الميدان ببهاء لونه الأبيض..وجمال التفاصيل التي تأسر العاشقين والمحبين في علامات الوجه والعينين..وفي تقاسيم الصدر..وفي سلاسة الشعر..وأناقة الذيل..وروعة الشموخ والكبرياء حين يمشي بوقع رقصات توقع القلب وتأسر الوجدان وتطلق اللسان بالتسبيح في جمال مخلوقات الله.
ما أجمله من حصان..وما أوفاه من جواد..وما أمتعه من خيل..وما أغلاه من بطل يأتي بالنجاحات..والانجازات في أشد ألمه..وفي أوجع أيامه..ليزرع البهجة..وينشر الفرحة.
امتطى صهوته الكابتن محمد حسين القملي وهو الفارس والمدرب الذي يعرف جيداً أسرار الخيول..ويفتش دائماً عند تفاصيلها الجميلة..والممتعة..فكان له راعياً.. ومهتماً..ومحباً..ومدرباً..فبادله الوفاء..وحصد معه أول الإنجازات .. وألذها .. وأمتعها..وأجملها..وهو الخيل الذي لا يلين لأحدٍ..ولا يهدأ مع أحد..إلا مع فارسه ومدربه الفاهم المتمكن..فاستمر معه سنوات عدة..واستمرت معهما البطولات والإنجازات.
وفي الجانب الآخر..كان الفارس المدرب محمد القملي يعد فرساناً جدداً..يخوض بهم أبجديات وأولويات الحب والوله للخيول وللفروسية..وكان إلياس معاذ الخميسي ابن التسع سنوات في بدايات الفهم وفق أسس وأساسيات المدرسة الدولية التي يستقيها من مدربه..وكانت أهم الخطوات توحي بتعلقهِ وحبهِ للخيل المشهر الذي وجد مدربهُ من يتقن التعامل معه .. ويفهم إدارة صعوباته..فكان المشهر لإلياس محباً ووفياً..وساد بينهما التفاهم..والتناغم..فكانت أول البطولات..ثم توالت واحدة بعد أخرى فوصلا بها (الفارس والجواد) إلى تحقيق الرقم الأكبر في الانجازات الذهبية..فيما تعددت المراكز المتقدمة ..وظل قلب إلياس معلقاً به ومازال..وموجوعاً بل وباكياً عليه في أحيان كثيرة عندما يجده غارقاً في الجراح وفي الألم!
مشهدٌ لا يمكن أن يغادر الذاكرة..في آخر وأجمل البطولات التي أقيمت العام الماضي شارك إلياس بالمشهر الذي كان يعاني من تقرحات الأورام السرطانية في الذيل والرقبة..ومع ذلك لم يخذله..وأصر المشهر على أن يستمر والدم (يتطاير) من ذيله رافضاً الخروج من منصة التتويج..وقبلها حقق معه مراكز أولى وبطولات وهو مصاب بالسرطان وبالتقرحات التي أذته كثيراً.
وفي العامين الماضيين امتطى صهوته عدد من الفرسان الصغار الذين حققوا به مراكز متقدمة وكان آخرهم الفارس الصغير حاشد محمد القملي الذي حقق به الأسبوع الماضي المركز الأول في فئة البراعم.
الخميس الماضي ..آخر البطولات خاضها المشهر وقد أسميت باسمه وفاءً له ولما قدمهُ..وهو الخيل الذي يُغادر ميادين الفروسية وكثيرُ جداً أنا أولهم مولعين به..ومتعلقين بجماله..ووفائه..وشموخه..وبطولاته.
ووفاءً له..وهو الذي غمرني بالفرحة في أوقات كثيرة..أكتب معجباً بجمالهِ وأناقتهِ..ومحباً لنجاحاتهِ وبطولاتهِ..ومندهشا لقوته واصراره..ووفيا له ولبذخهِ في منحنا أفراحاً كثيرة..وموجوعاً عليه لما أصابه..وهو الذي كان وسيستمر خيلاً يمنياً اصيلاً..وبطلاً مختلفاً لا يشبههُ بطلُ آخر..!!
ليتك أيها المشهر تفتش في قلوبنا لتعرف أين يسكن حبك..وليتك تقرأ عيوننا وما فيها من حزن وشجن ومطر..ودعناك في ميادين البطولات..وأنت كما كنت بطلاً وشامخاً ووفياً حتى والسرطان يصر على أن لا يغادرك..وأن يوقعك..!!

قد يعجبك ايضا