(الجزيرة) فوق جملين

 

أحمد الحسني

في الملفات البينية أبدت الجزيرة القناة والإمارة تفوقا ملحوظا في مواجهتها مع المملكة والإمارات وساعدها على ذلك غطرسة الخصم وسخفه, وفي تسوية ملفات الشراكة التدميرية في بلدان الربيع العربي والعراق عكست خيارات الجزيرة احترافية في المواءمة بين متطلبات مشروعها الإخواني الخاص والنكاية بشريكيها المنقلبين باستثناء الملف اليمني الذي لم تكن فيه أحسن حالا من خالد الآنسي وهو يجتهد بطريقة مضحكة في توظيف قصف مطار أبوظبي بالطائرات المسيرة للتدليل على أن المملكة والامارات تدعمان الحوثي ضد شرعية هادي .. في الملف السوري لا يزال موقف الجزيرة متماهيا مع شريكيها رغم الخلاف لأن المعركة في واقع الحال معركة مشروعها الإخواني وحليفها التركي والمملكة والامارات تبع لها في خدمة هذا المشروع وجهودهما تصب في صالحها وفي ليبيا ما بعد القذافي ومصر تخوض قطر حتى قبل إشهار الخلاف مواجهة صريحة ضد المملكة والإمارات لأن الصراع على الأرض هو بين حلفائها وحلفائهم وفي العراق يتناسب الموقف القطري مع دورها الهامشي كتابع لحليفها التركي اليوم والمملكة بالأمس, أما في اليمن فإن الجزيرة تعكس حالة فصام وتخبط شديد مرده إلى أنها طرف اصيل دخل معركته كتابع لغيره ولم يكن خروجها من تحالف العدوان قرارها وإنما فرض عليها ومشكلتها اليوم أن حلفاءها ومشروعها الإخواني متماه مع العدوان الذي تقوده المملكة والامارات ولا يمكن فصله عن مشاريع المملكة في اليمن ولا فصله عن خندقها فهي تريد النكاية بشريكيها اللدودين ولا تريد الهزيمة لمشروعها وحلفها الإخواني الذي لا تعرف جيدا أنه ليس من صالحه ولا من صالح قطر في اللحظة الراهنة أن يقامر بالخروج من خندق المملكة مكتفية من إخوان اليمن بجوقة اسطنبول الذين يمكن للجزيرة ان تستضيفهم ليتحدثوا معها عن تداعيات الوضع الإنساني في اليمن وجرائم الإمارات والمملكة واخفاقاتهما ولكن باعتبارهما حليفين للحوثي ضد شرعية هادي والإخوان وهي طريقة في تفسير الأحداث تبعث على الضحك .
تخصص الجزيرة ست ساعات من البث لتغطية قصف مطار ابوظبي نكاية بالإمارات ولكنها تحرص طوال التغطية أن تشكك بصحة الخبر وتأتي بخالد الآنسي ليقول بأن قصف مطار ابوظبي بعد يوم من استهداف البحرية اليمنية لبارجة سعودية دليل قاطع على أن المملكة والامارات تدعمان الحوثي ضد الشرعية وتغطي التظاهرات ضد انهيار العملة ولكنها تستثني تظاهرات تعز التي ترفع نفس اليافطات وتقول إنها في اليوم الأول ضد مليشيا أبو العباس الممولة إماراتيا وفي اليوم الثاني للتأكيد على المرجعيات الثلاث لمفاوضات جنيف وتتحدث عن 11 قتيلا للتحالف في هجومه الأخير على الحديدة و 73 قتيلا من الجيش واللجان الذين تصدوا له, والمعروف أن المهاجم يخسر أكثر من المدافع تتحدث باستفاضة عن التقرير الاممي عن جرائم العدوان و فضائحه وتدلس بالقول أن التقرير الاممي اتهم التحالف والحوثيين على السواء بجرائم ضد البشرية إلى غير ذلك من التعاطي الشقعبري للجزيرة مع ملف العدوان على اليمن ..
الجزيرة في الملف اليمني تركب على جملين ما جعلها تعيش حالة فصام مريعة ربما تمكنت بذلك من النكاية بشريكيها اللدودين في هذا العدوان لكن هذا لا يعني أن نصغي لما تقوله دون حذر شديد.

قد يعجبك ايضا