> 180شهيداً للإعلام و 56 ملياراً و68 مليون ريال خسائر مادية
الثورة/ سارة الصعفاني
في كل الصراعات والحروب يحيد المراسلون الصحفيون وإن كانوا في قلب المعارك ، يلزمون بارتداء خوذة وسترة واقية كتب عليها بلون فسفوري press لحمايتهم كمدنيين في الظلام الحالك ، ويلزم المقاتلون جميعهم بتسهيل مهام الصحفيين وإنقاذ حياتهم بغض النظر عن توجهاتهم ودونما تمييز بين وسائل الإعلام ما دامت تنقل الحقائق لكن سقوط تحالف العدوان لم يعد صادماً لمن يعرف مدى الانحطاط الذي وصل إليه العدو وإن قذف صواريخ وقنابل الدمار الشامل تجاه محطات ومقرات إعلام وقتل المراسلين والمصورين والصحفيين مع سبق الإصرار والترصد – بعد كل مجزرة يرتكبها في قلب المدن – بعد أن جعل كل شيء تحت سماء اليمن هدفاً عسكرياً منذ ساعات الإجرام التي بدأت قبل ثلاث سنوات، إذ أمطر العدوان البيوت والناس نيام بقنابل وصواريخ محرمة دولياً ضارباً عرض الحائط بالإنسانية والأعراف وأخلاقيات الحروب وبكل الديانات والقوانين والمواثيق الدولية بحماية أمريكا وإسرائيل وتخاذل الشعوب وتواطؤ أنظمة وحكام يعبدون المال.
بارود ونار
ما جعل الإعلام الوطني الحر يبذل قصارى جهده لكشف الحقائق ساعياً ليل نهار لتذليل الصعاب والتغلب على العراقيل والمعوقات وتواضع الإمكانات تحت حصار خانق وفقر مدقع وأزيز طائرات حربية تقذف الموت والدمار والرعب في كل مكان لكن شعباً ينبض قلبه حباً لليمن كيف لا يكون إعلاميوه صوت ضميره باروداً وناراً في الحرب، كيف يتوقفون عن كشف وتوثيق جرائم العدوان وهم الذين ينتظرون زمن محاكمات آتٍ لا محالة مهما تمادى الإجرام وتجاهلت العدالة الدولية ما تراه من مجازر وجرائم وانتهاكات فلن تخذل عدالة السماء دماء الأبرياء ودعوات المظلومين.
كيف لا يكون الإعلام شهيداً وهو الذي يدافع عن الوطن في معارك الكلمات في فضاء إعلامي اشتراه العدوان بذهب أسود كسواد تاريخ إجرامه ؟ كيف يبتهج الصحفيون بعد أن أصبحت مهنة المتاعب مهنة الموت قصفاً وتعذيباً في زنازين سجون المحتلين والطغاة المتجبرين ؟ كيف يتوقف المراسلون والمصورون الصحفيون والقاتل يرتكب آلاف المجازر والجرائم في كل مكان على مدار 4 سنوات إلا أشهر لا فرق بين الأيام ولا التزام بالهدن ولا احترام لمناسبات دين الله الإسلام.
محاولات دفن المجازر
حرب إعلامية لا أخلاقية وحصار خانق منذ سقوط العدوان رافقت الحرب العسكرية؛ إذ عمل العدو السعودي على تشويش وتزييف قنوات فضائية، أغلق صحفاً وصفحات ومواقع إخبارية، اعتقل صحفيين وحقوقيين في مناطق سيطرته جنوباً، دمّر محطات تلفزيونية ، اشترى أقماراً صناعية ، وأوقف بث قنوات جندت نفسها من أجل اليمن، إنسان ومقدرات وتاريخ وطن حد عدم معرفتنا إياها إلا بمحتواها الذي صار فجأة ناطقاً بالإجرام ، مخفياً الحقائق والوقائع ، ساعياً لتجميل قبح العدوان لكن لا صوت يعلو على صرخات شعب مظلوم ليجن جنون تحالف التوحش بعد الفشل في تغطية المجازر الشنيعة والجرائم القذرة التي يرتكبها منذ مارس 2015 حيث الحقائق اقترنت بأقلام ومايكات وكاميرات إعلام وطني حر لم يبع ضميره لمملكة قرن الشيطان كما فعل الإعلام الخارجي ومنظمات حقوق الإنسان، وحتى المواطنين الشرفاء بعدساتهم المتواضعة وثقوا جرائم ومجازر العدوان ، كشفوا الخفايا ، ونشروها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقدمين أفضل نموذج لصحافة المواطن لتتساقط غارات الحقد الدفين على مراسلي قنوات يدافعون عن الوطن والإنسان في مقرات العمل الإعلامي في ذروة الدوام ليبرر العدو السقوط ‘ إنما كانت الطائرات الحربية تستهدف الجبال إرهاباً للمدنيين ‘ !
حروب إبادة
لم يعد خافياً أن العدوان يستهدف كل من ينقل الحقائق وإن كان مواطناً عادياً، وبديهي أن من قتل الأبرياء والمسعفين وقصف المستشفيات والبيوت والمساجد والطرقات وقاعات الأفراح والأتراح والمدارس ورحلاتها ومخيمات النازحين وحتى الصيادين في البحر والأسماك لن يوقفه شيء بعد أن تجاوز إنسانيته حتى صارت اليمن بكل مافيها ومن فيها ضمن إحداثيات قنابل الموت والتدمير الهمجي الحاقد ، وكأن الموت يتربص بالحياة.
عدوان همجي يحاول أن يجعل من اليمن هيروشيما وناجازاكي حروب الإبادة، واهماً أن بإمكانه تغطية المجازر والجرائم والانتهاكات بما يمتلك من مال وتقنيات إعلام متطور وأدوات دمار شامل تفاجأ بشعب لا يقهر وإعلام وطني حر صنع المعجزات تجاوز كل العراقيل ليكشف الحقائق فكان أن قتل العدو 180 إعلامياً وطنياً من بينهم 150 شهيداً للإعلام الحربي، 18شهيداً من قناة اليمن اليوم والمسيرة واليمن قاصفاً مقراتها ونحو 30 مركزاً وإرسالاً إذاعياً وتلفزيونياً تابعة للمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، ومكاتب صحيفتي الثورة والجمهورية في محافظتي عدن وتعز، إضافة إلى مكاتب وكالة الأنباء سبأ في عدد من المحافظات، وما يزال العدو يمعن في القتل والتدمير لكن دون أن يحقق هدفاً للعدوان معلناً أو خفياً بل بات متورطاً غارقاً في وحل الإجرام ينتظر معجزة تنقذه من مقبرة الغزاة.
السقوط مرتين
وبعد أن فشل العدوان في إحراز نصر إعلامي يعوض خساراته في الميدان عقد اجتماعاً لوزراء إعلام عرب مشاركين في تحالف الإجرام في يوليو الماضي ، معلقاً قال نائب وزير الإعلام في صنعاء هاشم أحمد شرف الدين في تصريح لـ وكالة “سبأ” أن اجتماع هؤلاء هو بمثابة إعلان هزيمتهم أمام الإعلام الوطني الحر في الحرب الإعلامية وسيعقبها إعلان القادة الحربيين هزيمتهم العسكرية موضحاً أن ادعاء وزير الإعلام السعودي التزام وسائل إعلام التحالف بالمعايير المهنية ومواثيق الشرف الصحفي هو أحد أكاذيب إعلام العدوان ومحاولات تضليله الرأي العام العالمي الذي بات يعرف ما يحدث وإن لم يحرك ساكناً، وأضاف ” اتخذ الإعلام اليمني الوطني المصداقية نهجاً لممارسته الإعلامية لذلك تمكن من اكتساب ثقة الرأي العام المحلي والإقليمي والعالمي، ووسائل الإعلام الدولية، والحكومات والمنظمات، وكل ذلك دون أن يمتلك 5 % من الإمكانات المادية والفنية التي يمتلكها إعلام تحالف العدوان ”.
وخلال العام الأول من العدوان ارتكب العدوان جرائم وانتهاكات بحق الإعلام ترافقت مع شن غارات الحقد الدفين إذ دمر العدو مباني التلفزيون الرسمي ومباني قناتي اليمن اليوم والمسيرة الفضائية ومكتبها في محافظة صعدة، ومحطات الإرسال الإذاعي والتلفزيوني، دمر مباني إذاعة حجة، دمر مباني إذاعة صعدة ، أوقف بث القنوات الفضائية الرسمية والحزبية والأهلية من البث عبر قمر عربسات وقمر نايلسات عدة مرات( قناة اليمن الفضائية – قناة سبأ – قناة الإيمان – قناة عدن – قناة اليمن اليوم – قناة المسيرة قناة الساحات )، استنسخ قنوات ومواقع إليكترونية منها موقع وكالة الأنباء الرسمية سبأ ، حجب قنوات في يوتيوب وصفحات على تويتر وفيسبوك ومواقع إخبارية، واحتجز الحصار الذي لم يستثنِ شيئاً دخول مستلزمات المؤسسات الصحفية ما جعلها تعمل بأبسط الإمكانيات إن لم تتوقف عن النشر كل ذلك في محاولة من تحالف العدوان لإخفاء الحقائق.
ولقد حقق الإعلام وبالأخص الحربي إنجازات بتفرده بنقل الحقائق من قلب المعارك، وثق المجازر ، كشف الخفايا ، بين حجم الجرائم والانتهاكات التي يقترفها العدوان ، متحدياً العدو أن ينفي ذلك توثيقاً ، محمد عبدالقدوس نائب رئيس مجلس إدارة وكالة سبأ تحدث عن ما حققه الإعلام في سبيل مواجهته العدوان، قال: الإعلام الوطني رغم العوائق كان صامداً فاضحاً العدوان من خلال إظهار الحقائق والوقائع بمهنية وبأبسط الإمكانيات متحدياً الظروف القاهرة مجابهاً الحملات الإعلامية المضللة التي يشنها العدوان السعودي على اليمن بالتوازي مع عدوان آلته العسكرية ، مفنداً الإدعاءات الكاذبة، ما جعله يكسب ثقة المتابعين.
الإعلام شهيد
فيما بلغ أن إجمالي عدد الشهداء من الإعلاميين 180 شهيداً و16 جريحاً منذ 27 إبريل 2017 بحسب مسؤول لجنة الحقوق والحريات باتحاد الإعلاميين اليمنيين إبراهيم الوادعي ،وخمس حالات استنساخ قنوات ،و22 حالة تدمير منشآت، و30 حالة استهداف مركز إرسال إذاعي وتلفزيوني ، وسبع حالات إيقاف بث على عربسات ونايلسات، وسبع حالات حجب وتشويش.
وأشارت اللجنة إلى الأضرار التي تعرضت لها مكاتب وكالة الأنباء اليمنية سبأ جراء العدوان في محافظات إب والبيضاء والحديدة وذمار ومكتب الوكالة بمطار صنعاء إلى جانب تدمير كامل لمكاتب الوكالة في صعدة وريمة وعمران، وكذا تعرض مباني مؤسسة الثورة للصحافة ومؤسسة الجمهورية و14 أكتوبر لخسائر جراء القصف والنهب من قبل مرتزقة العدوان.
كما استعرض المسؤول الانتهاكات غير المباشرة التي طالت وسائل الإعلام اليمنية ومنتسبيها وفي المقدمة تردي الأوضاع المعيشية وتضاعف معاناتهم بفعل توقف صرف المرتبات إلى جانب توقف مكاتب فروع المؤسسات الإعلامية في عدد من المحافظات.
56 ملياراً
وبلغ حجم الخسائر والانتهاكات التي تعرضت لها وسائل الإعلام الرسمي والوطني جراء العدوان 56 ملياراً و68 مليون ريال موزعة علي مختلف المؤسسات الاعلامية الرسمية بحسب إحصائيات ذكرها مدير عام الدراسات والبحوث بوزارة الإعلام خالد قيرمان.
من جهته تحدث اتحاد الإعلاميين اليمنيين عن تقريره السنوي الثالث أبريل 2018م الذي خص بتوثيق جرائم وانتهاكات تحالف العدوان بحق وسائل الإعلام والإعلاميين اليمنيين، ولفت التقرير إلى أن استمرار الحظر الجوي على مطار صنعاء الدولي للعام الثالث على التوالي تسبب في منع وصول الصحفيين الدوليين إلى اليمن، إلى جانب إعاقة سفر الحالات الإنسانية إلى الخارج والحول دون مشاركة الإعلاميين اليمنيين في عدد من المؤتمرات الدولية التي خصصت للحديث عما يدور في اليمن، بينما أتاح التحالف لمرتزقته في قطاع الإعلام التجول بحرية تامة في دول العالم مع الاستمرار في تضليل الرأي العام.
ومما جاء في التقرير نسخة ما قبل الإصدار أن تحالف العدوان مستمر في الاستهداف الممنهج للمؤسسات الإعلامية الوطنية آخرها استهداف إذاعة الحديدة، موضحاً بأن الأعيان المدنية لها خصوصيتها القانونية في حالات الحرب والسلم على حد سواء، وإن للإعلام ووسائله ومؤسساته حرماته.
زاوية قانونية
وفقاً للأعراف والمواثيق الدولية ومبادئ حقوق الإنسان ووفقاً للقانون الدولي الإنساني تعتبر مرافق ومحطات الإذاعات والتلفزيون أعياناً ذات طابع مدني، ويرقى استهدافها والهجوم المتعمد عليها أو استهداف المراسلين الصحفيين والمصورين إلى جريمة حرب، ويترتب على ذلك مثول مرتكبيها المدنيين و العسكريين أمام المحاكم الجنائية الدولية، باعتبار هذه الأعمال تشكل جرائم حرب كون الصحفيون أشخاصاً مدنيين بحسب مضمون إتفاقيات جنيف الرابعة لسنة 1949 والبرتوكول الإضافي لسنة 1977كما أكدت القرارات الدولية على مبدأ المسؤولية الجنائية الفردية لمرتكبي تلك الأفعال، وكذلك نصت المادة 4 من اتفاقية منع جريمة إبادة الجنس البشري والمعاقبة عليها لسنة 1948 على أنه «يعاقب الأشخاص الذين يرتكبون جريمة إبادة الجنس أو أي من الأفعال المنصوص عليها في المادة 3 سواء كانوا حكاماً مسؤولين أو موظفين عموميين أو أفراداً عاديين ».
ويعد التعدي على الصحفيين ومقرات الإعلام انتهاكاً لكافة المواثيق والقوانين الدولية التي تضمن حرية الإعلام وفي مقدمتها المادة (19) في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والقرار 1738 لمجلس الأمن الدولي الذي ينص على اعتبار المنشآت والمعدات الخاصة بوسائل الإعلام أعياناً مدنية لا يجوز أن تكون هدفاً لأي هجمات أو أعمال انتقامية، وينص القانون الدولي الإنساني على أن الصحفيين المدنيين الذين يؤدون مهامهم في النزاعات المسلحة يجب احترامهم وحمايتهم من كل شكل من أشكال الهجوم المتعمد، ويؤمن القانون الدولي الإنساني للصحفيين المدنيين الحماية نفسها المكفولة للمدنيين طالما أنهم لا يشاركون مباشرة في الحرب.