لمَ تشرقين كلّ يوم ؟!

 

أشواق مهدي دومان

قد لا أجيد التعمّق أو ملاحقة الجمال في وجوه البشر ؛ إلا تلك الحسناء وحدها فأنا أشتاق إليها وإلى التّمعن في نظري لوجهها فيبهرني جماله وفتنته العفويّة ،التي لا تتصنّع في سبيله ولا تستعين بأي أدوات للتّجميل.
جمالها أخّاذ فكم أعشقه !
وكذلك أعشق كلّ شيء طبيعي ببساطته مكتفيّا بما منحه الله له من قبول، وجاذبيّة .
نعم : تظلّ الشّمس من أجمل آيات الله خاصّة في بدايتها وفي نهايتها، ففي البداية ضوء وحبّ ودفء وجمال وعطاء وجود فهي توزّع جمالها وضوءها على هذه المعمورة وستستمر إلى ما شاء الله لها بأن تختم عمرها بكل إحسان؛ و بحسن خاتمتها تحيا كعبد مؤمن لم يعصِ الله ما أمره .
فسبحان الله من جعلها رمزا للجمال شروقا وغروبا !
فيا شمس الشّروق : ما أجملك ونسمات الهواء العليلة ترمقيننا بهدوء ورزانة دون أن تحدثي ضجّة ؛ كأنّكِ أمّ لكلّ خلق الله ولنا _ البشر _ خاصّة فتهلّين مستبشرة وتحفظين أسرارنا حين تحلّين وتسطعين من عِلّيّة وقد رأيتِ البعض منّا قد تعدّى على رفيقه أو حبيبه أو صديقه فتكتمين ما ترينه دون كشف سرّ أو بوح خليقة أو إشعال فتنة أو زيادة تأليب بين متخاصمين.
يا شمس الشّروق : هل لي بسؤالكِ ؟
مع كلّ هذا الجمال لَم تمنّي ولَم تسخطي ولَم تغتري حين يغترّ أحدنا ( من البشر ) لو مُنح مسحة من جمال أو وسامة أو قسامة أو أهدى غيره منفعة بسيطة ؟!
فلمَ لا يأخذك جمالك وعطاؤكِ نحو الغرور والكِبر والخيلاء؟
وهل لو اغتريتِ كان الرّحمن الرّحيم سيبقيكِ في العليّة أم أنكِّ ستنضميّن إلى عالم يجرح من فيه بعضهم بعضا ؟
وهل فوق تراب الأرض ستعيشين حين صدّقتِ وسوسة الإبليسّ؟؟؟
فقد ووسوس الشيطان لأبوينا ( آدم وحواء ) بالغرور فلم تسع السّماء لمن يتعالى أو يعصي الله فيما أمره ولو بحسن نيّة..
لهذا يرتقي الشّهداء شموسا مضيئة تشرق دماؤهم على الكون فتصنع رقيا وسموّا في انتصارات وهم شموسنا التي تبذل دون حساب أو منّ أو أذى وقد اتجهوا للنّصر وكانت إحدى أمنياتهم الشّهادة في سبيل الله من رفعتهم لمنزلة الإقامة في السّماء ضيوفا عند ربّهم يرزقون..
يا شمس الصّبح : ومثلك الشّهداء : لأنّ موطنكِ والشّهداء السّماء فلتهنأي وشهدؤنا بالسّماء ولكِ ولجيرانك من شهدائنا السمو يا صاحبة السّمو السّرمدي ؛ فاشرقي كلّ يوم وابعثي في كلّ يوم مع أشعتك الذّهبيّة سلامنا السّرمديّ للقابضين على الزّناد في السّواحل وعلى قمم الجبال وبطون الأودية.
أبلغيهم عشقنا وقبّلي بضوئك جباههم الطّاهرة وأقدامهم الواثقة وزنادهم السّمراء
كيف لا وهم الثّابتون ،الصابرون، السّاجدون ،الأوفياء ،الأنقياء، الأصفياء، الأتقياء.
يا شمسنا : فافعلي ولكِ منّا السّلام .

قد يعجبك ايضا