الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله محمد خاتم النبيين وعلى آله الطاهرين ورضي الله عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عباد الله الصالحين.
بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك يطيب لي أن أتوجه إليكم يا أبناء شعبنا اليمني العظيم بخالص التهاني والتبريكات ولكافة أمتنا الإسلامية، وللحجاج في المشاعر المقدسة سائلين الله عز وجل أن يعيد هذه المناسبة الجليلة على شعبنا وأمتنا بالنماء والاستقلال والعزة والاستقرار، وأن يوفقنا جميعاً في مواجهة كافة الصعاب والتحديات التي تستهدف أمتنا حتى تصحح مسارها وتستعيد مكانتها الطبيعية بين الأمم.
وأنتهز هذه المناسبة المباركة للتأكيد على أهمية العودة الصادقة إلى الله عز وجل والتوكل عليه وحده والاعتصام بحبله في مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني الذي يستهدف أمتنا على كافة المستويات، والتصدي بفاعلية ومسؤولية للتحركات الفتنوية والهدامة لأذناب وعملاء أمريكا في المنطقة الذين يعيثون اليوم في بلاد المسلمين فساداً خدمة لأجندة ولاتهم في البيت الأبيض وعلى رأس الأذناب النظام السعودي والنظام الإماراتي.
الأخوة المواطنون الأخوات المواطنات :
تأتي هذه المناسبة الإسلامية العزيزة والمقدسة وشعبنا المسلم المظلوم يتعرض لعدوان عالمي أمريكي سعودي للعام الرابع على التوالي وكلما أوغل المجرمون في سفك دماء أطفال ونساء هذا الشعب، نزداد بعون الله صموداً ويقيناَ وقدرة في ميادين المواجهة، وتترسخ لدينا صوابية موقفنا منذ بداية تحركنا كشعب مظلوم ومعتدى عليه يدافع عن نفسه، وهو موقفُ مسئول ومشروع لا مناص منه .
ولقد خط شعبنا منذ اليوم الأول من هذا العدوان مسار الصمود والثبات في مواجهة آلة القتل الإجرامية في السماء والأرض والبحر وعلى كافة الأصعدة بمستوى يليق بعظمة وشجاعة هذا الشعب، واستفاد شعبنا من عوامل قوته متوكلاً على الله ومعتمداً على سواعد وعقول أبنائه ومن منطلق مظلوميته المحقة استطاع شعبنا الحضاري العريق أن يطور قدراته العسكرية ويراكم تجاربه وخاض غمار التصنيع الحربي حتى وصل اليوم إلى قدرات مميزة ونوعية مثلت عامل ردع استراتيجي ألحق شديد الأذى بقوى العدوان داخل الحدود اليمنية وفي عمق عواصمهم.
وتؤكد كل الشواهد والوقائع من حولنا بأن الصمود المشرف والانطلاق الكبير إلى جبهات العزة والشرف للدفاع عن الأرض والعرض هو الموقف الصائب والذي دفع عنا مخاطر كبيرة وتبعات باهظة الثمن وأفشل رهانات العدو وإلا لكانت رقاب الناس اليوم تحت رحمة أقبح مجرميّ التاريخ.
يا أبناء شعبنا اليمني في الداخل والخارج :
إن هذا العدوان الظالم والانتهاك السافر والتمادي في سفك الدم قد فرض علينا دون حق أو مبرر وبلا أي مسوغ قانوني ومهما حاول الغزاة استخدام عناوين مخادعة لتبرير عدوانهم السافر إلا أن الحقائق الجلية تكشف زيف ما يدعون، وإننا ملزمون اليوم كأي شعب مُعتدى عليه بالدفاع عن أنفسنا بكافة السبل والوسائل الممكنة وهو حق تكفله تعاليم الله وشرائع الأرض.
فلم نختر هذه الحرب ولم نرغب فيها ولكننا أجبرنا عليها، ولم نعتدٍ على أحد ولم نشكل خطراً على أي دولة في العالم ولكن قوى الطغيان والإجرام اعتدت علينا وجاءت إلى أرضنا وقصفت منازلنا ومدارسنا ومستشفياتنا وقتلت أطفالنا ونساءنا، ورغم كل ذلك فقد عملنا على تقديم التنازلات وكان لنا السبق دائماً في الانخراط الجاد وبحسن نية في كل جهود ومساعي إيقاف هذا العدوان وحقن الدماء ولكن تعنت واستكبار قوى العدوان حال دون ذلك.
إننا نتابع اليوم بألم شديد ما يتعرض له إخواننا من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية الخاضعة لسيطرة جحافل الغزو ومرتزقتهم، ويجسد الوضع في المناطق المحتلة طبيعة أهداف المحتل ونواياه من انفلات أمني وتدمير للنسيج الاجتماعي وإشعال الفتن وتغذية الصراعات الداخلية وتجريف القيم وتمكين الجماعات التكفيرية وأمراء الحروب، حتى أصبح القتل في تلك المناطق روتين يومي وبات اختطاف النساء وانتهاك الأعراض مسلسل مستمر، وأضحى انتهاك المحرمات واغتيال رجال الدين وتفجير دور العبادة برنامج عمل تشرف عليه قوى الغزو والاحتلال دون ذرة خجل.
إن تمكين القاعدة وداعش وضخ الدماء في عروقهما وإمدادهم بالمال والسلاح وإفساح المجال أمامهم للسيطرة على أجزاء واسعة من الأرض سياسية ممنهجة اتخذها العدوان منذ الطلقة الأولى، بعد أن كان شعبنا على بعد خطوة من اجتثاث هذه العناصر الإجرامية الإستخبارية العملية بشكل جذري، بل إن العدوان العسكري الأجنبي الغاشم كان ضمن أهم أهدافه إنقاذ هذه الجماعات، ولم يعد هذا الأمر خافياً على أحد حتى أن الصحافة العالمية باتت تؤكد الشراكة الواضحة بين قوى العدوان وعلى رأسها النظام السعودي والإماراتي ومن خلفهما أمريكا وبين تلك الجماعات التكفيرية المجرمة.
ولم يتوقف العدو عند هذا المستوى من الإجرام والدموية، حيث دشن العديد من السجون والمعتقلات السرية وغيب فيها كل من يعارض توجهاته أو مشاريعه مستخدماً أبشع وسائل التعذيب اللا أخلاقي حد إنتهاك المحرمات وإهانة الإنسان الذي اختصه الله بالتكريم في سلوك مرضيَ لم نشاهد نظير له في الدنيا إلا في تلك المعتقلات التي شيدتها أمريكا في العراق لإذلال وقهر المسلمين والتفنن في تعذيبهم وأن هذا التطابق في السلوك والمنهج ليس بغريب فمن أقام أبو غريب هو نفسه من يقيم ويشرف على السجون في اليمن وقد كانت ومازالت أمريكا هي الراعي الرئيسي لهذا العدوان وصاحبة القرار الأول والأخير فيه وما أدواتها السعودية والإماراتية والداعشية إلا أذناب تنفذ ما يملى عليها.
يا أبناء شعبنا الصابر والمرابط في كافة أرجاء الوطن :
إن تفاقم الأزمات الداخلية لأنظمة العمالة والخيانة والنفاق في المنطقة، واستمرار فشلها الذريع في تحقيق أهدافها من العدوان وتعاظم خسائرها البشرية والمادية والعسكرية في ميادين المواجهة مع أبطالنا البواسل قد أصابها بحالة من الهوس والتشنج، لتترجم إحباطها الداخلي وهزيمتها المذلة بارتكاب المزيد من المذابح الوحشية بحق الأطفال والنساء والمدنيين، وما استهداف حافلة الأطفال في ضحيان وسقوط ما يزيد عن خمسين شهيداً جلهم من الأطفال إلا جريمة نكراء ووصمة عار في جبين المجتمع الدولي ومنظماته وهيئاته التي أزكمت أنوف العالم بحديثها عن حقوق الأطفال ولم تحرك ساكناً أمام جرائم القتل الوحشية التي يتعرض لها أطفال اليمن .
إن جرائم العدوان اليوم تفضح النفاق العالمي وتحرج كل أنظمة التبعية لأمريكا، كما أن استهداف المستشفيات والأسواق ومنع وصول الطواقم الإسعافية في محافظة الحديدة يمثل أقصى درجات القبح والوحشية فهل هذه هي المساعدات الإنسانية التي بشر بها الغزاة أبناء محافظة الحديدة ؟ كما أن إعدام الأسرى والجرحى بشكل متكرر من قبل قوى العدوان ومرتزقتهم تعبير واضح على ما يحمله أولئك المنافقون من كراهية وحقد دفين لا يمكن السكوت عليه أو التعايش معه.
إن كل قطرة دم سفكها المعتدون بحق شعبنا لن تسقط بالتقادم ولن يفر مرتكبوها من العقاب، وهي سبب إضافي لنا جميعاً للاستمرار في رفد الجبهات بالمال والرجال وتعزيز عوامل القوة، وسينال المجرمون جزاءهم العادل عاجلاً أو آجلاً وستطاردهم جرائمهم ولعنات الضحايا في الدنيا والآخرة.
اليمانيون الشرفاء في الداخل والخارج :
من الضروري استيعاب طبيعة وأهداف العدو وتحصين الوعي أمام حملات التضليل المستمرة من قبله ومواجهة مؤامرته على الأصعدة العسكرية والأمنية والاقتصادية والإعلامية والمجتمعية، إن على الجميع استيعاب خطورة وشراسة الحرب الاقتصادية التي يحاول العدو من خلالها تركيع شعبنا وتسهيل استعباده، إن الإجراءات العقابية التي يتعرض لها اليمنيون كافة على المستوى الاقتصادي يتحمل مسؤوليتها اليوم العدوان الأمريكي السعودي ومن يسبح في فلكه ونرى اليوم تعمد قوى العدوان تعطيل الموانئ والمطارات ونهب الثروة النفطية والغازية لهذا الشعب وطباعة العملة بكميات هائلة دون غطاء وإهدار مقدرات الشعب على غير أصحابها وكل هذا يأتي ضمن ممارسات العدو لتجويع هذا الشعب ونهب مقدراته، والذي بدوره يؤدي إلى مضاعفات كارثية ومضرة تفاقم من معاناة أبناء الشعب وتعرض حياة الملايين منه إلى مخاطر الجوع والفاقة والمرض.
وفي المقابل نؤكد على الجهات الرسمية المختصة ضرورة بذل أقصى الجهود للحد من آثار الحرب الاقتصادية والعمل على محاصرة تداعياتها ومحاسبة كل من يتسبب في تعميق معاناة المواطنين، وندعو كافة أبناء الشعب إلى التحلي بروح المسؤولية وتعزيز التكافل الاجتماعي ورعاية الأسر الأشد فقراً ونحن على يقين أننا بالتوكل على الله وبذل الجهود الممكنة سنتجاوز هذه المحنة كما تجاوزنا سابقاتها.
الإخوة والأخوات :
إن حرمان الشعب اليمني وشعوب عربية وإسلامية أخرى من أداء مناسك الحج وتسييس هذه الشعائر المقدسة من قبل نظام آل سعود تعد صارخ لحدود الله وحرب على الإسلام وستؤدي بهذا النظام الخائن إلى استحقاق العقوبة الإلهية والخزي والهزيمة في الدنيا والعذاب العظيم في الآخرة وقد قال الله تعالى ” ومَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ۚ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُون” .. صدق الله العظيم.
كما أن هذا التصرف الأحمق يعزز لدى كل ذي لب طبيعة النشاط التخريبي الذي يقوم به النظام السعودي في أوساط الأمة ومن المؤسف أن من يصف نفسه بأنه خادم للحرمين الشريفين استغل شعائر الله وفرائضه السماوية للكسب السياسي والتفريق بين أبناء الأمة والابتزاز، في حين يقدم كافة أساليب الدعم والرعاية والترويج والتمويل لمشاريع تصفية قضية الأمة المركزية في فلسطين ويسارع في خطى التطبيع مع الكيان الصهيوني في توجه نفاقي مشبوه يضر بالأمة ويخدم أعداءها، وننصح هذا النظام بالتوقف الفوري عن هذه الممارسات وإلا فستكون العواقب عليه وخيمة.
كما نراقب عن قرب التصعيد الخطير من قبل الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني تجاه القضية الفلسطينية ومحاولة توطين الغزاة في القدس الشريف واستمرار تدنيس المسجد الأقصى، وفي هذا المقام نؤكد بان الجميع اليوم مسئول أمام الله والتاريخ للقيام بدوره والاضطلاع بواجباته تجاه القضية المركزية للأمة، وندعو كافة الدول والشعوب الإسلامية لمقاطعة التطبيع وقطع العلاقات مع الكيان المغتصب وتقديم الدعم اللازم لصمود الشعب الفلسطيني المقاوم في مواجهة الاحتلال مع أهمية استيعاب أن الحروب اليوم في البلدان العربية ومخططات تدمير هذه الدول وتجويعها وهيكلة جيوشها وزعزعتها اقتصادياً وسياسياً هو جزء من المخطط الأمريكي للشرق الأوسط الجديد بما يخدم أهداف الكيان الصهيوني وتقوية نفوذه وإشغال الأمة عن تحرير أرض فلسطين بقضاياها الداخلية.
الإخوة والأخوات:
أوجه ندائي إليكم في هذه الأيام المباركة إلى مضاعفة الجهود في كل المجالات لمواجهة هذه الحرب الكونية واستمرار رفد الجبهات بالمال والرجال وتعزيز عوامل القوة ورص الصفوف وتعزيز الوحدة الداخلية وتكاتف الجهود الرسمية والشعبية ومواجهة حملات التضليل وحروب العدو النفسية حتى ينال شعبنا نصره المستحق ويصون تضحيات أبنائه وينعم بالعزة والمنعة والاستقلال.
ونؤكد على أهمية النفير العام إلى جبهات الساحل الغربي خاصة وكافة الجبهات لتحطيم كافة آمال العدو في تحقيق أي اختراق والتسريع بكسر شوكته وإلحاق الهزيمة النكراء بأذياله من المنافقين والمرتزقة الذين باعوا دينهم ووطنهم بثمن بخٍس.
وأحيي جهود كافة الشرفاء وأدوارهم الأساسية في تعزيز الصمود وعلى رأسهم قبائل اليمن الحرة والأبية، كما أحيي كل الدول الحرة والجهات والهيئات والأحزاب والمنظمات التي تضامنت مع بلادنا ورفعت الأصوات مطالبة بإيقاف هذا العدوان الجائر.
ختاما كل التحية والتقدير وصادق التهاني لكل أبناء الشعب اليمني الصامدين وأبطاله في الجيش واللجان الشعبية والمؤسسة الأمنية وأجهزة الدولة المختلفة التي تحقق أعلى مفردات الانتصار والثبات في وجه أقوى التحديات والتهديدات وأصعبها.
متوجها إلى الله عز وجل بالدعاء للشهداء الأبرار الذين يحققون النصر بدمائهم الطاهرة الزكية أن يتغمدهم بواسع رحمته ويدخلهم فسيح جناته وأن يمن على الجرحى والمصابين بالشفاء العاجل وأن يفك على الأسرى، وأن يلهمنا جميعا الصبر والتكاتف مع المتضررين من إخواننا الذين طالهم أذى العدوان بتدمير مقدراتهم ومزارعهم ومصانعهم ووسائل معاشهم وان يبدلهم خيرا منها .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سبـأ