الحج بين الاستطاعة…والولاء والطاعة
محمد صالح حاتم
الحج الركن الخامس من أركان الإسلام ،وقد فرضه الله على المسلمين لمن استطاع إليه سبيلا،والاستطاعة تكون كما قال العلماء بالقدرة الجسمية على تحمل مشاق السفر والتنقل بين المشاعر المقدسة في مكة والمدينة،وكذا القدرة المادية من حيث تكاليف السفر ونفقات الحج، وان لا يكون على حساب نفقات الأسرة بحيث يكون عنده ما يكفي أسرته حتى يعود من الحج.
ولكن بعد أن أصبح الحج مرتبطاً بالسياسة أو بمعنى آخر تم تسييس الحج، وتم استخدامه كورقة ضغط تمارس على الشعوب الإسلامية، منذ ان أصبح الحج والأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة بيد بني سعود،والذين أصبحوا هم المتحكمين بالحج وشعائره الدينية ،ويعملون على خدمه أعدائنا للنيل من مقوماتنا ومنها المقومات الدينية، كما قال احد المستشرقين في أربعينيات القرن الماضي (لن ينجح مشروعنا التنصيري والتبشيري في الأمة العربية والإسلامية، ولن تقوم لنا قائمه مادام موجود فيهم أربعة أشياء وذكر منها الحج).
الحج ركن من أركان الإسلام وشعيرة من شعائر الله يؤديها ملايين المسلمين من كافة أصقاع الأرض في وقت واحد ومكان واحد،ويلبسون لباساً واحداً، ويكبرون ويهللون بصوت واحد، ويؤمهم ويخطب بهم امام وخطيب واحد، فيتساوى الغني والفقير والرئيس والمرؤوس والأبيض والأسود،كلهم سواسية وهنا الحكمة الآهية من الحج،ولكن عندما تدخلت السياسة تغير مفاهيم ومقاصد الحج،فأصبحت مملكة بني سعود هي من تحدد عدد الحجاج من كل بلد،وهي من تتحكم فيه ،وهي من تسمح لك بالحج وهي من تمنعك من أداء فريضة الحج ،فمن يختلف معها في أمور سياسية ومن يعارضها سياسيا فهو ممنوع من دخول مكة والمدينة المنورة، وهنا لم تعد الاستطاعة هي شرط أداء الفريضة، فقط بل أصبح من يدين بالولاء والطاعة لمملكة بني سعود،ويخضع لها ومن لا يعارض سياستها فهو مسموح له بالحج.
وهذا ما حدث عدة مرات عندما منعت مملكة بني سعود آلاف الحجاج من اليمن وسوريا والعراق وقطر،ومصر وغيرهم من عدة بلدان من الذهاب الحج بسبب خلافات سياسية بينها وبين هذه الدول،وهنا استطاع أعداؤنا النيل من الحج كركن من أركان الإسلام، بل أن الأفظع أن الحج أصبح مكرمة من خادم الحرمين و”صاحب الجلالة” ملك مملكة بني سعود،وقد تعودنا دائما أن نسمع عن إعلان مكرمة من ملك مملكة بني سعود لآلاف من الحجاج من هذا البلد أو من تلك الدولة.
اليوم وفي ظل ما تعانيه امتنا العربية والإسلامية من شتات وتفرقة وقتل ودمار لا يخدم غير أعداءنا وللأسف أن من تنفذ وتقوم بهذه الأعمال الإجرامية هي من تشرف على الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة ،ومن باعت فلسطين وفرطت في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وهي مملكة بني سعود.
وبعد أن عرف العالم وانكشف المستور وظهرت حقيقة هذه المملكة وأنها أداة من أدوات العدو وهي من تقوم بخدمة مشاريعه وتنفذ مخططاته في المنطقة العربية منذ عدة عقود ،وبعد أن تلطخت يدها بدماء مئات الآلاف من الأبرياء في اليمن من خلال المجازر التي يرتكبها طيرانها وصواريخها يوميا منذ أكثر من ثلاثة أعوام ونصف، وكذا في سوريا والعراق وليبيا والسودان والجزائر ولبنان وافغانستان وغيرها في شتى بقاع الأرض ،ودعمها للجماعات الإرهابية والمتطرفة وزعزعتها للاستقرار في المنطقة العربية والإسلامية خدمة للمشاريع الصهيونية.
وبعد ان عرفنا ان كل مشاكلنا وكل الحروب التي شنت علينا نحن كعرب ومسلمين وراؤها مملكة بني سعود،وان الإرهاب فكرا ومنبعا وتمويلا وتصديرا هو سعودي أمريكي ،وجب علينا جميعا كمسلمين المطالبة بعدم تدخل السياسة والخلافات السياسية في الحج وشعائره الدينية ،وان يتم تحييد الحج وإبعاده عن التدخلات السياسية ،وان تكون هنالك هيئة إسلامية مستقلة من جميع الدول العربية والإسلامية هي من تشرف على الأماكن المقدسة في مكة والمدينة المنورة وهي من تدير عملية الحج والعمرة وتشرف على أوقاف مكة والمدينة وكذا عائدات الحج والعمرة والتي تبلغ عائداتها أكثر من عشرين مليار دولار سنويا وهذه أرقام غير دقيقة فالمبلغ أكثر بكثير،والاستفادة منها في خدمة وتطوير وتحديث وتوسعة الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة ،وكذا خدمة حجاج بيت الله الحرام.
مكة المكرمة والمدينة المنورة ليستا من املاك دولة بني سعود ،بل هما ملك عام لجميع المسلمين، والإشراف عليهما وإدارة شؤونهما من حق جميع الدول العربية والإسلامية.