توثيق جرائم قصف المدنيين لمقاضاة شركات السلاح الأوروبية

 

زياد السالمي
على الرغم من الحكومات الأوروبية تتواطأ بوضوح مع دول العدوان الخليجي إلا أن (القوانين الأوروبية ) تتيح مقاضاة شركات السلاح الأوروبية في حالة استخدام الأسلحة والذخائر التي تصنعها ضد المدنيين. ونظرا لاستقلال القضاء هناك فيمكن بسهولة الحصول على أحكام قضائية تلزم شركات السلاح بتعويض الضحايا المدنيين.
أيضا هناك الكثير من المنظمات غير الحكومية في أوروبا لديها استعداد لتمويل و دعم و تبني إجراءات رفع قضايا ضد شركات السلاح، كما تقوم باستضافة ذوي الضحايا و الناجين كي يدلوا بشهادتهم أمام المحاكم هناك.
ما أقوله ليس كلاما نظريا حيث يتم حاليا النظر في قضية مرفوعة أمام المحاكم الإيطالية ضد إحدى شركات السلاح التابعة لمجموعة Rheinmetall AG الألمانية ، بشأن قذائف باعتها للتحالف الخليجي و تم استخدامها ضد المدنيين في إحدى قرى محافظة الحديدة عام 2016م.
ما تحتاجه هذي المنظمات هو توفر أدلة موثقة بطريقة مقبولة من قبل جهات محايدة أو من قِبل الضحايا أنفسهم. وأهم تلك الأدلة هي بقايا القذائف والصواريخ المستخدمة ضد المدنيين و التي تحتوي على كتابات وأرقام تسلسلية تحدد اسم الشركة المصنعة.
المطلوب هو توثيق بقايا القذائف والصواريخ في مكان الواقعة من قبل جهات محايدة معترف بها ( مثل منظمات الرصد الحقوقية) وفي حالة عدم وجود راصدين حقوقيين فيمكن القبول بأن يصورها أحد مراسلي وكالات الأنباء العالمية في موقع القصف، أو أن يحتفظ المتضررون أو أهل الضحايا ببقايا المقذوفات لديهم بعد تصويرها في مكان الحادثة حتى يصل إليهم فريق رصد حقوقي لتوثيقها.
علينا معرفة أن توثيق بقايا الصواريخ من قبل المعمل الجنائي أو أي جهات حكومية منفردة يعد إجراء غير معترف به حيث ينظر للجهات الحكومية باعتبارها تابعة لأحد أطراف النزاع، ما يتيح للشركة المتهمة التشكيك في الأدلة المقدمة.
علما أنه في حالة قيام مسؤولي الأمن أو المعمل الجنائي بنقل بقايا الصواريخ من موقع الهجوم (دون توثيقها أولا في الموقع بواسطة جهات حقوقية مستقلة) فإنها تفقد قيمتها الثبوتية بحيث لا يعتد بها لاحقا كدليل، حيث أن توثيقها بعد نقلها من موقع الجريمة سيفتح ثغرة يستخدمها المتهم للتشكيك بأنه تم استبدالها بشظايا أخرى من موقع آخر.
الخلاصة هي: في جرائم القصف فإن توثيق بقايا القذائف يجب أن يتم فقط في موقع الجريمة من قبل منظمات حقوقية معترف بها أو جهة مستقلة، مع التركيز على تصوير كل الأرقام والحروف المكتوبة عليها. وفي حالة نقل بقايا القذائف من الموقع قبل توثيقها بطريقة مقبولة فإنها تفقد قيمتها كدليل إثبات.
ملاحظات توضيحية:
* القضايا سيتم رفعها استنادا إلى البنود القانونية الإلزامية الواردة في اتفاقية “الإطار الموحد للاتحاد الأوروبي بشأن مراقبة صادرات الأسلحة و ضبطها” و كذلك “المعاهدة الدولية لتجارة الأسلحة”.
** مضمون الدعاوى القضائية التي يمكن رفعها في دول الاتحاد الأوروبي هو: تحميل المسؤولية الجنائية للشركات المصنعة للأسلحة، و كذا للهيئات الحكومية المسؤولة عن ترخيص مبيعات الأسلحة، مع إلزامها بدفع تعويضات كاملة لجميع الضحايا و المتضررين بمختلف درجات الضرر.
*** للعلم فإن مجموعة Rheinmetall AG الألمانية هي أيضا مالكة شركة Rheinmetall Denel Munition المشتبه بأنها صنعت القذائف المستخدمة في قصف مستشفى الثورة بالحديدة في 2 أغسطس 2018م.
أتمنى وصول هذه الرسالة لجميع الجهات الأمنية والمختصة بالأدلة الجنائية والمسؤولة عن معاينة وتحريز المضبوطات في مواقع القصف. كي يتحقق الغرض منها وهو ضمان امتلاك أدلة إثبات موثقة بطريقة قانونية تتيح ملاحقة تحالف الخليج و شركات السلاح أمام المحاكم الأوروبية كخطوة أولى تسهل الوصول إلى محاكمات دولية لاحقا.

قد يعجبك ايضا