الأمم المتحدة إلى قائمة الخزي .. معادلة التعاطي والتقاضي
إبراهيم الحمادي
بعد مجزرة العدوان في الصالة الكبرى ومجزرة أرحب والحديدة وكثير من الجرائم التي ارتكبها العدوان السعودي الإماراتي الصهيوني وأخيراً كانت مجزرة الطفولة في ضحيان بصعدة صباح الخميس الماضي والتي راح ضحيتها 130 شهيداً وجريحاً غالبيتهم من الأطفال كانوا في رحلة صيفية من مدرسة الجامع الكبير في صعدة ،في جريمة لا تعني الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن المكلفين أمريكيا وبريطانيا بتدبيج بيانات الشكر والامتنان للسعودية والإمارات على خدماتهما الإنسانية المقدمة لليمنيين على شاكلة “عاصفة حزم” وعمليات أخرى مفرخة عنها كعملية التعاون الأمني التي أطلق لها العنان في المهرة بذريعة محاربة الجماعات المسلحة والهدف ثروات نفطية تلهث وراءها مشيخات الخليج كجهنم: هل من مزيد.
توقفت ردود الفعل فقط عند إصدار بيانات تنديد خاليةٍ من المواقف الجادة، وبينما تقلع الأرض وتسقط السماء في مجلس الأمن إذا تعرضت دول العدوان لبأس الرد الميداني اليمني على مجازرهم ،و تُهمل الطفولة في اليمن دون التفاتة إليها أو اكتراث ممن يدعون أنهم حُماة الطفولةإلا بدعوى خجولة “لإجراء تحقيق” في مسلك يبدو منه رفعُ العتب لا أقل ولا أكثر .
أطفال اليمن يتهددهم الحصار وتطاردهم الطائرات في منازلهم وحافلاتهم وأسواقهم ومدارسهم قاضيةً على أحلامهم مغتالةً في عمر الزهور طفولتَهم، وهذا تحت صمتٍ مخزٍ للأمم المتحدية لحقوق الإنسان، وهذا التجاهل للمجازر التي يرتكبها العدوان ضد الطفولة والبشرية في اليمن وعدم اهتمامها الكافي بحجم الجرائم الإنسانية التي تعيشها البلاد والحصار القاتل الذي تعاني منه يضعها في قائمة العار والخزي الذي تُلطخ به يديها بدماء اليمن وتعُد شريكة للعدوان في مجازره .
خيبة الآمال باتت الآن رهن العقل البشري بأداة الأمم المتحدة ،وأنها لا تعمى عن الجريمة ولكن تعمى بفعل الضخ السعودي ونفط الخليج الذي يجعل منها تصرف الأنظار عن جرائمهم ومجازرهم في اليمن ، وأن ما صدر من تصريح الأمم المتحدة بشأن مجزرة ضحيان في صعدة جاء دون الحد الأدنى المطلوب ،ويعتبر فقط حبراً على ورق.
تنتظر الأمم المتحدة الأيام تمر لتُنسى الجريمة ،وبهذا مسؤولية السكوت وعدم التطبيق ومعاقبة زعماء وملوك الجريمة تتحمله الأمم المتحدة ،تواطؤ في الملف اليمني، فحين تحذر الأمم المتحدة من “تداعيات إنسانية كارثية” بسبب حملة تحالف العدوان على الحديدة، تعجز عن إيقاف تهديدات العدوان بارتكاب جرائمه، بعد تورطه بجريمة نقل البنك المركزي التي حذر من تداعياتها هو نفسه، وفَشِلَ في الوفاء بوعود قطعها بتحييد مرتبات الموظفين وعدم تجييرها كأداة حرب تستخدم على اليمنيين وتزيد من الأوضاع الإنسانية تدهوراً ،في ظل صمت ما يسمى بالمجتمع الدولي وتواطؤ الأمم المتحدة التي تعتبر ومعها مجلس الأمن شريكين أساسيين في جميع تلك الجرائم جراء تقاعسهم عن تحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية .
وفي القوانين والأعراف الدولية والديانات والتشريعات السماوية حق الرد مشروع لأي دولة مُعتدى عليها ويكفلهُ القانون الدولي والشرع ، لكن حين يتم هذا الرد المشروع بإطلاق صاروخ يمني الصُنع إلى دول العدوان رداً على مجازرهم ،يشاهد العالم ردود صائغي هذه القوانين المتمثل بالأمم المتحدة ومجلس الأمن وقيام قيامتها وترفع الأرض وتسقط السماء وكل هذا فقط إلى هذا الصاروخ والرد المشروع ،وتبدأ التحليلات والتهويلات والضخ السعودي دون أن تطلع وترد على آلاف الصواريخ العدوانية ،ومأساة شعب لا مثيل لها في العالم، ودمار في كل زاوية، وسماء يصول فيها طيران العدوان ويجول كما لو أن الجمهورية اليمنية مطار خاص من مطارات آل سعود وبني زايد.
ورغم ذلك يأتي مجلس الأمن والأمم المتحدة للتصريح على الصاروخ الواحد الذي ضرب السعودية أو الإمارت ،في شاكلةٍ من الدعم والتأييد لهذا المجرم ومساندته ،فمنظمة دولية كهذا قامت للدفاع عن المجرم بعد أداء الجريمة ،وسيق الضمير العالمي إلى مقبرة الأمم المتحدة، والمشهد اختصر حقيقة ما وصل إليه المجتمع الدولي من حالة موت سريري يعاني منها العربُ بصمتهم أمام إجرام ووحشية العدوان السعودي الأمريكي ،وبعد هذا الصمت المخزي والموت السريري لهذه الأمم على العالم أن يحدد وجهة مصيره الإنساني.. هل يريده واحةً من واحات التلاقي والتعاون والاحترام المتبادل أم مستنقعاً من مستنقع الصهيوني الأمريكي والسعودي الإماراتي.
رغم كل هذا التواطؤ والتساهل الأممي غرق المعتدون في أحلامهم ،في وقت يتحضر الشعب اليمني لعيد الأضحى الذي سيجعل من أضحيته في الجبهات رأساً من روؤس خرفان العدوان ،و ليقتحم عاماً خامساً على ثورته في وجوه المستكبرين ومواصلة ثورته من الوفود الشعبية إلى وفود المواجهة التاريخية والاستثنائية متأهبا للمضي قدما في المعركة الوطنية التحررية بعقل متقد، وقلب متوقد، وصف متوحد، وجبهات يحضر لها أن تقترب أول ما تقترب من رحاب الله أكثر حتى تتمكن بقوة الله وعونه ومعيته من دحر العدو وقهره.
في العطاء والتضحية والفداء ،وبالبأس الذي يشعل به شعبنا الرياض وأبو ظبي، لن تكونا بمأمن من عواقب ما ترتكباه مهما طال الزمن أو تطاولت الأيام، ولن تكون أمريكا نافعةً لهما يوم تقوم للناس قيامة حرية وكرامة وحينها سيعلم الغزاةُ كم كانوا حمقى بجرأتهم على غزو اليمن بعقلية موغلة في الجهالة ،دام وشعبنا لا يراهن على منظمات أنشئت لنصرة الظالم على المظلوم ،وما الرهانُ إلا على ناصر المظلوم ومن سيُسقط كل اليهود والمجرمين في أرضه وتعذيبهم يوم يُقتلون ويوم يبعثون .