اخفاء الادوية ومنع البدائل جريمة قتل مكتملة الاركان
عبدالرحمن علي الزبيب
تختفي الأدوية من الصيدليات ومراكز البيع بطريقة غريبة اما تمهيداً لمضاعفة أسعارها أو لابتزاز المرضى وترويج أدوية منتهية الصلاحية أو بمواصفات غير صحية .
هذا الإجراء ممنهج وبطريقة مدروسة حيث يتم تحويل السوق الوطنية للأدوية من سوق تجاري عادي وذي ابعاد إنسانية إلى تجارة وابتزاز للمريض الذي سيخضع لشروط من يملك الدواء للحصول عليه ولو بأسعار مضاعفة .
وتسبب ذلك في سقوط آلاف المرضى الفقراء الذين لا يستطيعون دفع أسعار الأدوية المتضاعفة أو يسقطون ضحايا تلاعب سوق الأدوية بهم واخفاء الدواء لفترات طويلة وهذا يعتبر جريمة قتل مكتملة الأركان يتحمل مسؤوليتها القانونية سوق الأدوية الوطنية والجهات الرسمية المختصة بضبط ايقاع السوق وكبح جماح انفلاتاته المجنونة.
ما يحصل بشاعة ووقاحة غير معقولة في ظل صمت غير مبرر من قبل الجهات الحكومية المعنية التي من المفترض أن تقوم بضبط هذا الابتزاز وكأن سكوتها عن تلك التصرفات اما ضعف وفشل أو فساد وشراكة .
البعض يبرر اختفاء الأدوية من الصيدليات باحتكار وكلاء الأدوية للاصناف الهامة من الادوية وخصوصاً المتعلقة بالأمراض المزمنة ويقومون اما بإخفائها في مخازنهم حتى تنعدم في السوق ويرتفع الطلب لها وتتعطش السوق لها ثم يتم ضخ كميات قليلة بعد مضاعفة اسعارها أو يقوم وكلاء الادوية بتوقيف استيرادها حتى تنعدم في السوق الوطنية وترتفع اسعارها ويتم تهريب كميات كبيرة من الأدوية لتغطية احتياج السوق الوطنية لتلك الأصناف المنعدمة وتتغاضى الجهات المختصة عن تلك المخالفات بمبرر عدم وجود اصناف مشروعة .
ولا تتوقف معاناة المرضى عند هذا الحد بل تستمر المعاناة ويشاركها بعض الأطباء الذين يقومون بوصف أنواع تجارية محددة من الأدوية لمرضاهم وبأسعار مرتفعة جداً ورفض أي بدائل متاحة أخرى رخيصة الثمن وبنفس الجودة، البعض يشك بوجود علاقة خاطئة بين بعض الأطباء وبعض وكلاء الأدوية لترويج أدويتهم لدى مرضاهم مقابل نسبة محددة – بونص – للاطباء ولا نستطيع التأكد من صحة تلك الشكوك ولكن هناك مؤشرات بوجودها .
يسقط يومياً ضحايا في وطني نتيجة انعدام الأدوية في السوق الوطنية ورفع ومضاعفة أسعارها بشكل منفلت وجنوني ويفترض أن تتخذ إجراءات حكومية سريعة لضبط وكلاء شركات الأدوية لتوفير جميع اصناف الأدوية وبأسعارها الحقيقية دون مغالاة ودون تلاعب أو يتم إلغاء وكالاتها التجارية وفتح المجال للجميع للتنافس ومراسلة الشركات الأم باستبدال الوكلاء المتقاعسين عن القيام بواجباتهم التي تفرضها اخلاقيات سوق الدواء وتمنع ابتزاز مريض فقير.
كما يستلزم على الجهات ذات العلاقة بسوق الأدوية الوطنية سرعة تشكيل لجنة فنية لفحص وتشخيص جميع الأصناف في سوق الدواء للتأكد من صلاحيتها للاستخدام وعدم وجود تلاعب في مواصفاتها أو مكوناتها أو بياناتها وفاعلية تلك الأدوية وضبط أي مخالفات ومراجعة وفحص الوصفات الطبية للاطباء ووفقاً لنتائج الفحوصات للتأكد من صحتها وفي نفس الوقت انشاء قاعدة بيانات لجميع أصناف الأدوية وفاعليتها وبدائل تلك الأدوية ذات الأسعار الرخيصة والفعالية المناسبة ونشر تلك القائمة في جميع الصيدليات والمستشفيات وفي المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي المتاحة وإلزام جميع الأطباء بعدم فرض أصناف تجارية محددة من الأدوية ويتم فقط تدوين الاسم العلمي للدواء دون الاسم التجاري وضبط أي مخالف لها وانزال حملات تفتيش دورية للتأكد من التزام الجميع بها .
وفي الأخير :
نؤكد على خطورة استمرار السوق الوطنية للأدوية في مسارها الخاطىء القائم على مضاعفة الاسعار بهدف تحقيق أرباح مالية كبيرة ويسقط نتيجة هذا العمل الخاطىء آلاف المرضى الفقراء وهذه جريمة قتل عمدية تستوجب القصاص العادل من الفاعل والشريك والمتمالىء وتعويض المتضرر وما كان ذلك ليتحقق إذا لم تقم الجهات الرسمية المختصة بدورها وواجباتها الدستورية والقانونية وفي مقدمتها وزارة الصحة والهيئة العليا للادوية لضبط أي تلاعب في سوق الأدوية ومنع احتكارها او مضاعفة أسعارها أو إخفائها ومنح وكلاء الادوية فرصة لتغطية احتياج السوق الوطنية من الأدوية أو يتم إلغاء وكالاتهم التجارية وتنسيق الجهود مع المنظمات الدولية الانسانية لتوفير الأدوية بأسعار معقولة وكسر أي احتكار ومنع ابتزاز المرضى الفقراء الذي تتسبب به مضاعفة أسعارها لرفع أرباحهم باعتبار الأدوية حقاً وواجباً إنسانياً وليس فقط تجارة مربحة ومنفلتة بلا ضوابط