برغم وجود الإمكانات الكافية لإنتاج ما يكفي مواطنيه من الغذاء:
أكد تقرير حديث صادر عن برنامج الغذاء العالمي أن الوطن العربي لا ينتج ما يكفي مواطنيه من الغذاء، سواء كمنطقة أو كبلدان عربية منفردة، حيث يعتمد على استيراد الغذاء، بسبب ضعف الاستثمار في قطاع الزراعة، وانخفاض كميات المياه نتيجة الجفاف وارتفاع درجة الحرارة وهدر المياه وتبذيرها في قطاعات السياحة (المَسَابح) والزراعة المُعَدّة للتّصدير وفي قُصُور ومنازل الأثرياء،
ووفقا للتقرير فقد أدّت مجمل هذه العوامل إلى انخفاض المساحات الزراعية (خصوصًا التي تستغلها الأُسر وصغار المُزارعين) وانخفاض مناطق رَعْي المواشي، وأصبح الوطن العربي في مُجْمَلِهِ أكبر مستورد للحبوب في العالم بحوالي 65 % من الحبوب التي يستهلكها أو 80 % من الذرة المستهلكة و50% من القمح والشعير و40 % من الأرز المستهلك، وتحتل مصر والجزائر المركزين الأول والثاني عالميا في استيراد القمح، مما يؤدّي إلى تبعية مُفْرِطَة، في ظل توقعات زيادة عدد السكان من حوالي 400 مليون نسمة سنة 2015م إلى نحو 600 مليون نسمة سنة 2050م.
وبالإضافة إلى البلدان التي فُرضَت عليها حُروب وعدوان خارجي، أو بدعم من الإمبريالية (الأمريكية بشكل خاص) كالعراق وسوريا واليمن وليبيا (وفلسطين المحتلة بالكامل)، يحتاج ما لا يقل عن أربعة ملايين سوداني إلى مساعدات غذائية طارئة، ويعاني مليونا طفل دون سن الخامسة من سوء تغذية شديدة، في حين يمكن لأرض السودان إنتاج غذاء يغطي حاجة إجمالي سُكّان الوطن العربي، وتحقيق الأمن الغذائي…
وبحسب التقرير تُمثّل الأنظمة العربية طبيعة جوهر المشاكل الاقتصادية والسياسية التي يعيشها سكان الوطن العربي، إذ تُمثِّل هذه الأنظمة مصالح البرجوازية “الرّثّة” أو “الكُمْبْرادورية” التي لا يمكنها البقاء بدون حماية خارجية، وهي تُمثل مصالح الشركات الاحتكارية الأجنبية، ولا مصلحة لها في الاستثمار في القطاعات المُنْتِجَة، بل في “السّمْسَرة” مقابل نسبة مئوية من أرباح الشركات (أو الدّول) الأجنبية، وفي بيع موارد البلاد وتهريب الأموال وإيداعها في المصارف الأجنبية والملاذات الضّرِيبية الآمنة، وهو ما أظْهَرَتْه الوثائق المُسَرّبَة (“ويكيليكس أو أوراق بنما…)
ويُصْدِرُ البنك العالمي منذ عدة سنوات تقارير “تَنْصَح” الدول العربية بعدم زراعة الحبوب، لأنها تستهلك كثيرًا من المياه، واستيراد الحبوب واللحوم والألبان ومشتقاتها وعدد هام من الخضار والفواكه، بذريعة ارتفاع سعر التكلفة عند إنتاجها مَحَلِّيًّا، و”ينصح” البنك العالمي (ومعه شركات متعددة الجنسية مثل “مونسانتو”) باستخدام التقنيات الحديثة، والبذور المعدّلة وراثيا ومبيدات الحشرات وغير ذلك من “النّصائح” التي يَضْمَنُ تطبيقها القضاء النِّهائي على البذور المحلية التي تأقْلَمَت مع الأرض والمناخ، طيلة قُرُون، وزيادة التّبعية تُجاه الشركات متعددة الجنسية، لأن بذور هذه المنتجات “عاقرة” ولا يمكن إعادة استخدامها، ومعظمها غير ملائم لبيئة الوطن العربي، إضافة إلى ما تحمله من أمراض و”تأثيرات جانبية” منها ما هو معروف ومنها ما هو مُحْتَمَل، أو لم يظهر بعد.