واقعٌ كربلائي وعَاقبة الظالِمين ..
مطهر يحيى شرف الدين
سؤال موجه إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن : كيف ستكون ردة الفعل الإعلامية والسياسية والموقف الدولي فيما لو استهدف الجيش واللجان الشعبية اليمنية مدنيين على الأراضي السعودية وذهب نتيجة ذلك عشرات الضحايا قتلى وجرحى؟ طبعا الإجابة ستكون كالتالي : إعلاميا سيتم بث الحدث أو الجريمة من جميع الفضائيات والوكالات العالمية وسيرافق البث مقابلات وتحليلات وتحقيقات وإدانات واسعة من كافة زعامات الدول والأنظمة في العالم والمنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية بما فيها أكبر منظمة دولية جامعة وهي الأمم المتحدة ،سياسياً سيتم عقد جلسة لمجلس الأمن في نفس اليوم الذي حصل فيه الاستهداف ويتم إزاء ذلك اتخاذ قرارات دولية وعقوبات وتعزيز الحصار على الشعب اليمني وإعداد قائمة سوداء مطولة بأسماء مطلوبين ومتهمين ومشاركين ومساهمين وتعاطف مع السعودية من قبل الملوك والرؤساء إزاء ما تم ارتكابه ومشاعر جياشة وبرقيات عزاء ومواساة لأمراء العهر السعودي تأتي من كل حدب وصوب وعقد تحالفات مع دول رخيصة مرتهنة وعمل مؤتمرات وتعاون دولي لبحث مسألة الملاحقات والتعقب لمرتكبي الجريمة وما إلى ذلك من تحشيد وتأليب بقية الدول العربية والأجنبية على اليمن أرضا وشعبا ، هذا على الأقل ما سيكون وما يمكن أن يحدث فيما لو تم استهداف مدنيين سعوديين في جريمة واحدة ، أما عن الآلاف من الجرائم بحق الشعب اليمني وانتهاكات لحقوق الإنسان بالجملة يرتكبها تحالف العدوان بحق الشعب اليمني وبنيته التحتية من طرق وجسور ومصانع ومزارع ومنشآت عامة وخاصة واستهداف القطاعات الإنتاجية والخدمية وحصول أسوأ كارثة إنسانية تسبب فيها تحالف العدوان وما تبعها من وضع اقتصادي ينهار سنة بعد أخرى فهذا مما لا يمكن الحديث عنه أو الإشارة إليه ، نعم هذا ما يستمر حصوله في اليمن أمام صمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة ولا نسمع إلا قلقا واجتماعات واتصالات فارغة وسيستمر تحالف العدوان بالتمادي في عدوانه ولذلك وعلى هذا الأساس فلا يوجد تفسير لذلك الصمت إلا أن المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية التي تتشدق بالإنسانية وتصم آذان الشعوب بحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل أصبحت رهينة للمال الخليجي الذي اشترى ضمائرهم وولاءاتهم ، وبالتالي تبقى تلك المنظمات التي انكشفت عوراتها معقودة اللسان وليس لها أي قرار أو أية رقابة على انتهاكات وجرائم وسياسات دول التحالف العدوانية الشيطانية وسيظل ممثلو المنظمات والاتحادات الدولية وعلى رأسهم المبعوث الأممي في زيارات ولقاءات مع الإطراف اليمنية ذهابا وإيابا واستجماما وسيدخلون موسوعة غينيس للأرقام القياسية في الرحلات من وإلى اليمن وليس لهم أي نفوذ أو رأي سوى الاطلاع على حجم المعاناة الإنسانية والاستمتاع دون حياء أو خجل باستعراض ومشاهدة العديد من الجرائم والمجازر التي يرتكبها تحالف العدوان الأمريكي السعودي والتي تخلف الآلاف من الضحايا ما بين قتيل وجريح التي كان آخرها ما حصل خلال الأيام الماضية من استهداف وقصف للمدنيين الأبرياء بحق نازحين في الطريق العام بمحافظة الحديدة ومدنيين في م/ عمران وعرس في مديرية الظاهر م/صعدة علاوة على تشريد عشرات الآلاف من الأسر اليمنية والتسبب في معاناة ووفاة المرضى الذين يحول الحصار دون تمكنهم من السفر للعلاج في الخارج ، ومعاناة ملايين من السكان وصبرهم على توفر القوت الضروري ، وعلى كل فإن ما يمكن القول إزاء ذلك الصمت الدولي الذي ستدفع ثمنه غاليا ليس الدول المعتدية فقط وإنما معظم دول العالم وبالذات العربية منها، إنها ستكتوي بنار عدوان آخر آجلا أم عاجلاً ، وإن كل من سمع وشاهد الإجرام وأدرك حجم المعاناة الإنسانية ولم يحرك ساكنا أو يحدد موقفا أو يرسل صوتا يعلو على جرم الطغاة أو يندد فيه بتلك الجرائم التي يندى لها جبين التاريخ وأن كل قطرة دم تراق بدون حق وعلى مرأى ومسمع من العالم فإن الساكت عنها مسؤول وملام ومؤاخذ وسيلاقي جزاءه في الدنيا قبل الآخرة ، وخلاصة القول فإن ما يحصل من واقع كربلائي وظلم وطغيان واستكبار عالمي إنما هو لإظهار الحق من الباطل ويعرف الخير من الشر وتمحيص وابتلاء لعباد الله المؤمنين ليميز الله الخبيث من الطيب ويفضح الظالمين والمنافقين لينالوا جزاءهم بما كسبت أيديهم وترتفع راية الحق والعدل ويكون الأمر لله . قال تعالى : (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي اليَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ القِيَامَةِ لاَ يُنصَرُون وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُم مِّنَ المَقْبُوحِينَ).