عقيدة أمريكا : إسرائيل أولا 2-2
محمد ناجي أحمد
إن حضور الولايات المتحدة الأمريكية المساند للأنظمة العربية الموالية له قد أخذ ينحو بعد غزوها للعراق إلى أن ينشط في المجتمعات ،والاستقطاب داخلها بما يخدم مصالحها الامبريالية . فبحسب الدكتور فواز جرجس في كتابه ” أوباما والشرق الأوسط ” ونقله إلى العربية الدكتور محمد شيا – الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية عام 2014م .
تقول ماري سلوتر مسؤولة توجيه السياسات في إدارة كلينتون ،في خطابها الوداعي في وزارة الخارجية ” إن على الولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين أن تحضر في المجتمعات كما لدى الدول ” (ص148).
تصف ماري سلوتر عالم الدول بأنه عالم السياسات العليا ، والسلطة المادية ،وسياسات السلطة ،وغالبا هذا العالم من الرجال . أما عالم المجتمعات فهو عالم السياسات الدنيا ،القوة الناعمة ،وحقوق الإنسان ،والديمقراطية والتنمية ،وهذا عالم أغلبه من النساء .
من هنا كان الحضور الأمريكي في صناعة القوة الناعمة من النساء بشكل رئيسي ومن الرجال تحت لافتة المنظمات الحقوقية !هو عالم أغلبه من النساء تواجدت فيها أمريكا نشأة وتمويلا وفقا لمصالحها وأهدافها .
تقول سلوتر ” إن أحد أفضل أجزاء السنتين اللتين قضيتهما هنا كان مع عدد من النساء الرائعات والموهوبات ،والاستثنائيات إلى حد كبير .غير أن واشنطن تحتاج إلى الكثير من الوقت لتصبح تلك الأصوات مسموعة ومحترمة تماما ” (ص149. المرجع السابق) .
تم تطوير استراتيجية سلوتر في عهد بوش الابن ، وتوظيف 900 مليون دولار لحضور أمريكا داخل المجتمعات من خلال الناشطات والناشطين الحقوقيين ،وبدأت تؤتي أكلها في عهد أوباما .
مركز نشاط هذه السياسات هو مصر وتونس واليمن . تلى ذلك تحريك الإخوان المسلمين من أجل إسقاط الأنظمة الحاكمة في ليبيا وسوريا .
مع استبعاد مشيخات الخليج من تحريك القوة الناعمة والناشطات ضدها، وتحريكها بشكل وأهداف محدودة لا تؤدي إلى إسقاط الأنظمة هناك .فهي حجر الزاوية في المصالح الحيوية لأمريكا في المنطقة .
ميزت أمريكا بين خصوصية الدول المنتجة للنفط في الخليج ودول أخرى مثل اليمن ومصر وتونس ،وشددت على الأهمية الاستراتيجية لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية في دويلات محطات البنزين الخليجية.
وكما عملت إدارة بوش الابن على إسقاط نظام صدام ،وغزو العراق ،وإشاعة الفوضى الطائفية والعرقية هناك ،كذلك فعلت إدارة أوباما ووزيرة خارجية أمريكا هيلاري كلينتون على إسقاط نظام معمر القذافي ،وقررت في الستة الأسابيع الأخيرة من الانتفاضة الإخوانية في ليبيا –التدخل العسكري باسم (الناتو ) وبغطاء تحالفي من فرنسا وبريطانيا وقطر والإمارات والسعودية . وجعلت ليبيا تسقط في “الفوضى المدمرة “التي سمتها كونداليزا رايس ب “الفوضى الخلاقة ” ،وهي خلاقة للمصالح الأمريكية الامبريالية . ومن هنا كان الدور الفاعل للأمريكيين من خلال (الناتو) و”العمل الجماعي ” كي لا تتحمل أمريكا الكلفة والمسؤولية كلها، بحسب أوباما ” في حالات كهذه علينا ألا نخشى التصرف – ولكن أعباء التصرف يجب ألا تكون على أمريكا وحدها . وكما في حالة ليبيا ،إن عملنا دفع المجتمع الدولي إلى تصرف جماعي ” (ص160.المرجع السابق).
لقد أصبح التناغم والتطابق بين العقيدة الأمريكية والكيان الصهيوني عاليا وفجا في وضوحه . فسياسة ترامب المتمثلة بجلب الأموال لأمريكا عبر جعل الصراع في “حافة النووي ” وبين نتنياهو الذي هو من “أنصار مبدأ النزاع المستمر ” تجسيد لوحدة العقيدة الامبريالية .
لهذا نجد دوما أن الاختلافات النسبية في تحقيق عقيدة ” إسرائيل أولا ” تزول في الكونجرس الأمريكي الذي يتكلم بصوت واحد مفاده ” نحن في الكونجرس نقف مع إسرائيل “.