الثورة نت|..
تنكشف الأوراق يوماً بعد يوم، ليس فقط بمعرفة شركاء جدد في العدوان على اليمن؛ ولكن بسقوط الأقنعة والمخططات التي تنتهجها أدوات العدوان لتبرير عدوانها واستغفال مرتزقتها، كانت دول تحالف العدوان ترى في معركة احتلال الحديدة نزهة واستجماماً، وترى في قصف طائراتها وبوارجها الورقة الرابحة، والوسيلة الأقوى لكسر إرادة اليمنيين وإجبارهم على رفع الرايات البيضاء.
لليوم الرابع على التوالي تواصل ماكينة الإعلام العدوانية حصد الانتصارات الكبيرة في جبهات “الفيسبوك وتويتر”، وتمخر في عباب توغّلها البحري والبري عبر كتائبها في القنوات الفضائية.
مأزق صادم
وجدت قوى تحالف العدوان نفسها في ورطة ومأزق خطير تفاجأت به بعد أن صدمت بمقاومة خارقة وخارجة عن المألوف، فضراوة القتال، والإقدام من أبطال اليمن البواسل من الجيش واللجان الشعبية، وضرباتهم العنيفة في فلول المرتزقة وجحافل الغزاة، وتكتيكهم المتميز في إدارة المعركة، مكنتهم من التغلب على قصف الطيران، وإلغاء فاعليته في مساندة الزحوفات، وتضييق الخناق على قوات العدوان وحصارها وشلّ حركتها عن التقدم أو الفرار، كل ذلك لم تكن تتوقعه قيادة العدوان الأمريكية الغربية، وكان اعتقادها أن قصف الطيران والبوارج كافٍ للقضاء تماماً على مقاومة ودفاع رجال اليمن.
مخطط الاحتلال
اعتمد العدوان البربري على عنصري الحشد والمفاجأة في محاولته اجتياح مدينة الحديدة ومطارها ومينائها، فعمد إلى الهجوم من خارج محيطها مسنوداً بجحافل المرتزقة الجدد من قوات طارق صالح، وعوّل على الانتفاضة من الداخل من خلال تفعيل دور الخلايا النائمة في أحياء وحواري الحديدة، وهي جميعها من العناصر الأمنية والاستخبارية والعسكرية لنظام الرئيس السابق علي صالح التي فرّت من صنعاء وعمران وحجة عقب فتنة ديسمبر، واختبأت في مجتمع الحديدة المتسامح والبسيط. وعندما وجد العدوان تلك الجحافل والخلايا قد جبنت وفترت وتراجعت بعد حصارها، ولم تقدم شيئاً يذكر لمخططه الفاشل، حاول إثارة حماسها وتأجيج اندفاعها بأمرين: الأول، تسريب فيلم مسجل للرئيس السابق وهو يعلن ساعة الصفر لانتفاضته المزعومة ضد أنصار الله في الثالث من ديسبمبر2017م. والثاني، تسريب أخبار فحواها أن هناك ترتيبات لنجل الرئيس صالح “أحمد” لاستلام السلطة من “هادي” في القريب العاجل، مع أن الأمر الأخير مثير للسخرية، ويستحال تنفيذه؛ كونه ينسف الشرعية المزعومة، ويحرق جميع القرارات الأممية التي استند عليها التحالف في عدوانه على اليمن. بهذا التخبط المريب، وتلك الخطوات البائسة لتحالف العدوان والاحتلال، تتضح القراءة الواضحة والدقيقة لنتائج معركة الحديدة والساحل الغربي، وهي الفشل الذريع، والانكسار المريع لمخطط احتلال الحديدة “المدينة والميناء”، وفشل إضافته إلى موانئ عدن والمكلا والريان.
لماذا المطار؟
يحاول العدوان اختزال معركة الحديدة “بالمطار”، وكما هو معروف، فإن مطار الحديدة يقع على ساحل البحر الأحمر، وهذا يعني أنه في مرمى البارجات والسفن الحربية، كما أن طائرات الاستطلاع والطيران الحربي بإمكانهما تمشيط وقصف المنطقة بسهولة؛ ومع ذلك فشل العدو في الوصول إلى المطار رغم ترويجه لحكاية سيطرته واقتحامه.
يريد العدوان بتركيزه على المطار إعلامياً وميدانياً، تكرار ما فعله الأمريكيون عند دخولهم العراق، بتركيزهم على مطار بغداد، وترويجهم بأنه في حال سقوط المطار ستسقط بغداد، ومن هذا المنطلق ضخّم العدوان موضوع المطار، وأعطت له الهالة الإعلامية حجماً وأهمية بالغة، وحسب العدوان أنه بمجرد التقاط صور من مطار الحديدة، سيتم تصوير الأمر بأن المعركة قد حسمت، وأن الحديدة سقطت، فتنهار قوى المجاهدين، لذا سيواصل العدوان تفادي هزيمته الميدانية وفشله العسكري، بمحاولة الاقتراب من المطار، مهما كانت الخسائر، وسيواصل الزّجّ بعناصره المستأجرة، وأغلبيتهم من السلفيين وشباب الجنوب، إلى محرقة المصير، التي باتت تفتك بالعشرات منهم بشكل يومي.
سراب التضليل الإعلامي
تمتد المعارك في الحديدة في محاور عدة، وقد تمكّن الجيش واللجان الشعبية من قطع أوصال مجاميع المرتزقة، ومحاصرة من تورّط بالتسلل إلى بعض المناطق المكشوفة، ورغم خسائر العدوان الكبيرة في تلك الجبهات ووضعهم المرتبك؛ إلا أن كل تركيزهم على جبهة الدريهمي، بحكم قربها من المطار، وفي مناطق الفازة والجاح ومجيلس والنخيلة، فرض الجيش واللجان حصاراً مطبقاً لليوم الثالث على التوالي وسط نداءات بالانسحاب. ونتيجة للتطورات السابقة، تراجع إعلام العدوان عن الحديث عن السيطرة على المطار، وشغل نفسه بسرد المبررات والعوائق التي تعترض المرتزقة، بينها الألغام وكثافة النيران، وضغط المعارك التي تشهدها جبهات عدة في الساحل الغربي.
الوقت التحليلي