عبدالرحمن علي علي الزبيب
رمضان شهر كريم شهر الرحمة والمغفرة ومحطة هامة للتزود بالطاعات ونبذ المعاصي وفي مقدمتها نبذ الفساد وتزكية النفوس والأعمال من الفساد .
رمضان فرصة هامة لاعادة تقييم اعمالنا والتوبة والرجوع الى الله من اي خلل او زلل او فساد ونحن على وشك خواتم شهر رمضان الكريم نأمل أن لاينتهي الاّ وقد رجعنا جميعاً إلى الله وقمنا بإعادة تقييم أعمالنا لتتوافق مع تعاليم الله وآياته القرانية لتعمنا رحمته ويتغمدنا بغفرانه .
الانسان مثل اي كائن يحتاج الى محطات للتزود بها ليستمر في الحياة وكم هي المحطات والفرص التي يفوتها والبعض لايستفيد منها للتزود وأهمها شهر رمضان المبارك الذي يعتبر اهم محطة ايمانية وروحية .
كنا ومازلنا في الرقابة الشعبية نضع مسألة رفع مستوى الوعي الشعبي عن الفساد وأهمية مكافحته في مقدمة اهتمامنا لما له من أثر إيجابي ووقائي من الفساد.
مهما بذلت من جهود في مكافحة الفساد ستكون مكلفة وسيكون جدواها ضعيفا اذا لم يتم التخاطب مع النفس البشرية مع الانسان ليراجع نفسة ويتوب الى الله وشهر رمضان فرصة سانحة لمراجعة انفسنا وتزكيتها وتطهيرها من كل الادران والفساد .
طالعنا في إحدى السنوات التجربة اليابانية في آليات العمل والتقاضي ووجدنا أن جميع القضايا العمالية بين العمال وأصحاب الشركات يتم قيدها وترحيلها إلى شهر محدد ليتم نظرها والفصل فيها قبل نهاية الشهر المحدد المذكور ويمنع نظر أي قضية في وقت خارج هذا الشهر لكي لاتتعطل الاعمال خلال السنة وكانت هذه تجربة جيدة بحيث يقوم الجميع بمراجعة نفسه وانصاف الاخرين منه والانتصاف لنفسه من الآخرين .
تذكرت هذه التجربة الايجابية ووجدت ان لدينا نحن المسلمين شهراً في السنة ايضاً هوشهر رمضان والذي يعتبر فرصة لتقييم أعمالنا والعودة إلى الله والتوبة من اي ذنوب أو زلل وفساد ونبدأ بداية جديدة.
رمضان بروحانيته ببركته سيكون الدافع الايماني أكبر إذا وجدت الإرادة الصادقة والحقيقية .
شهر رمضان فرصة تتضاعف فيها الحسنات ويضاعف فيها الأجر وكما يضاعف الأجر كذلك الذنوب وقعها في رمضان أكبر وعقوبتها مضاعفة .
المكابرة والاستمرار في سلوك الطريق الخاطئ والانحراف عن طريق الحق والقران تصرف خاطئ وتفويت لأهم الفرص للعودة والرجوع الى الحق .
في رمضان يعود جميع المسلمين بشغف إلى قراءة القران وإن كان من المفترض ان يكون ذلك الشغف للقران طوال العام وفي كل يوم ولكن لابأس في الإكثار من قراءة القرآن في رمضان ولكن ؟
من يقرأ القرآن هل يتدبر آياته هل يتدبر كلماته أم فقط قراءة الشفاهة دون مشاركة الروح والقلب والوجدان قراءة القرأن ؟
من المفترض أن لايتم قراءة آية من القران الا بعد أن يتم تدبر الآية السابقة لها ووضع أنفسنا وأعمالنا في مطابقة معها هل اعمالنا تتطابق مع تلك الآية القرآنية ام لا.؟؟
يجب أن نسأل أنفسنا في كل آية من القرآن نتلوها كون التلاوة اقامة حجة علينا باننا علمنا وعرفنا فماذا كانت ردة فعلنا ؟؟
هل عصينا ونسينا والعياذ بالله أم عملنا ونفذنا وراجعنا أنفسنا وأعمالنا لتتطابق مع كلام الله وآيات القران الكريم .؟؟!
القران الكريم أوضح ذلك صراحة في سورة البقرة في الآية (185 و 186 )
قال تعالى :
((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)))
هاتان الأيتان الكريمتان بمطالعتهما نجد أنهما مترابطتان ففي الاية الاولى تم توضيح ان القران هدى للناس وبينات وفي الآية التالية لها اوضح الله انه قريب يستجيب دعوة الداعي فقط يستوجب الاستجابة والإيمان به ليتم إرشادهم الى الطريق الصحيح .
الفساد تلك المخالفة الجسيمة والانحراف الخبيث في القيام بمسؤولياتنا الموكلة لنا تحويل العمل من مهام ومسؤولية الى مصدر للتربح غير الشرعي خطأ خطير جداً .
للأسف الشديد أهم اسباب تفشي الفساد وانتشاره هو عدم معرفة من يقع في مستنقع الفساد بأن مايرتكبه فساد وخلل وتقصير ويبرر ذلك بمبررات غير مستساغة لايوجد مبرر للفساد .
يجب أن يراجع الجميع أعماله ويعرضها على نصوص القرآن وآياته هل تتوافق وتتطابق مع كلام الله ام تتعارض وتخالف .
الموضوع واضح جداً يحتاج فقط لإعادة النظر في تصرفاتنا وتقييمها بتقييم مهني وصادق والشروع في معالجة نفوسنا واعمالنا .
جميع البشر يمرضون ويحتاجون لزيارة الطبيب لتشخيص أمراضهم وعمل الكشوفات والتحاليل والأشعة المقطعية وغيرها من الفحوصات كما أن الطبيب يسأل المريض عن ماذا عمل وماذا أكل وكيف وأين ولماذا ؟؟
كل هذا لتشخيص سبب المرض ووصف العلاج المناسب لذلك المرض .
القرآن جاء ليسهل لنا كل هذه المراحل في مايخص علاج النفوس والروح تضمن القرآن تشخيصا لكل الاختلالات والفساد وأتبع ذلك بالعلاج الرباني المناسب لها .
المطلوب فقط ان نكون صادقين في كلامنا مع الله ليكون التشخيص دقيقا والعلاج ناجعا باستعراض اعمالنا مع ما تضمنه القران سيتضح لنا الخلل وسيظهر الفساد .
المغالطة وعدم الإدلاء بالمعلومات اللازمة من المريض إلى الطبيب ينتج عنها تشخيص خاطئ وعلاج غير مناسب وكذلك عدم الصدق مع الله يؤدي الى المكابرة واستمرار الخلل والفساد ونهايتها الخسران في الحياة والخسارة الكبرى في الاخرة .
وفي الأخير :
نتقدم الى جميع أبناء الشعب اليمني العزيز بجزيل التهاني والتبريكات بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك وننتهز هذه الفرصة لندعو الجميع للاستفادة منه لتزكية انفسنا من الخلل والزلل والفساد والتزود بالطاعات وأن يكون شهر رمضان محطة هامة لتغيير مسار حياتنا بشكل جذري ليتوافق مع القرآن الكريم وفي مقدمتها نبذ الفساد من أنفسنا وأعمالنا .
ولخطورة الفساد وأهمية مكافحته فقد تضمن القرآن الكريم آيات كثيرة أوضحت بشاعة وخطورة الفساد ونادت بنبذه وتجنب الوقوع في مستنقعه نورد في نهاية موضوعنا أهم الآيات القرانية حول هذا الموضوع :
قال تعالى:
لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴿٢٠٥ البقرة﴾
فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ ﴿١١٦ هود﴾
وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ﴿٧٧ القصص﴾
وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴿٧٧ القصص﴾
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ﴿٤١ الروم﴾
إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ﴿٢٦ غافر﴾
فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴿١٢ الفجر﴾
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴿١١ البقرة﴾
أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿١٢ البقرة﴾
وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿٢٧ البقرة﴾
قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ﴿٣٠ البقرة﴾
وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴿٦٠ البقرة﴾
وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا ﴿٢٠٥ البقرة﴾
وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ﴿٢٢٠ البقرة﴾
وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ ﴿٢٥١ البقرة﴾
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ ﴿٦٣ آل عمران﴾
مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ﴿٣٢ المائدة﴾
إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا ﴿٣٣ المائدة﴾
وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴿٦٤ المائدة﴾
وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴿٦٤ المائدة﴾
وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ﴿٥٦ الأعراف﴾
فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴿٧٤ الأعراف﴾
وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴿٨٥ الأعراف﴾
وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴿٨٦ الأعراف﴾
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴿١٠٣ الأعراف﴾
عضو الرقابة الشعبية
law771553482@yahoo.com