وحدة الأرض امتداد لوحدة الإنسان
محمد أحمد المؤيد
في يوم الثاني والعشرين من مايو 1990م تمت استعادة الوحدة اليمنية المباركة للأرض والإنسان على حد سواء , وهي في هذا اليوم (الوحدة اليمنية) لم تكن بالصدفة أو تحصيل حاصل لفكرة عابرة أو (خدارة قات) وإنما كانت لإرادة قوية وعزيمة أقوى وهي كنتيجة لصبر وتضحية من كل أبناء اليمن شماله وجنوبه , وكذا عن إرادة حكيمة للقيادات المتعاقبة لعقود من الزمن في شطري البلدين آنذاك.
بل ولجهود جبارة بذلت منذ الوهلة الأولى للثورة اليمنية السبتمبرية والأكتوبرية وذلك عقب طرد الاحتلال البريطاني من جنوب الوطن الذي جثم على هذا الجزء المهم من أرض الوطن , والذي ما أن تنفس الصعداء أحرار وثوار الوطن عقب طرد ذلك الكابوس البريطاني المحتل الذي عمل على التفريق والنيل من وحدة الأرض والإنسان اليمني – والذي عاد الاحتلال ذاته خلال هذه الفترة من العدوان السعوأمريكي ولكن بطريقة مغايرة عبر عملاء عرب تمثلت بقيادة دويلة الإمارات – وإذا بهم يتبادلون الرؤى والأفكار من أجل إعادة لحمة الوطن اليمني العظيم بعظم أهله وناسه , فكانت اللقاءات تلو اللقاءات بين قيادات الشطرين الشمالي والجنوبي لعقود من الزمن , حتى تمخضت باكتمال البيت اليمني الواحد في ” يوم لم تصنع أشعته شمس الضحى بل صنعناه بأيدينا ” وذلك في الـ22من مايو 1990م.
فمع اشراقة شمس الوحدة في ربوع الوطن أخذت اليمن تتزين و ” تتزهنق ” بين الدول كعروسة وليدة وجميلة لا تسلم من الطامعين والمنافقين الذين اتضح غيضهم وحقدهم بعد مضي أربع سنوات من عمرها الوحدوي اليانع والفتي , وإذا بهم ينشبون حربا ماعرفت آنذاك بحرب (الإنفصال) في صيف أربعة وتسعين ميلادية , وهذا لم يكن إلا بمؤامرة فعلية أحيك أمرها من داخل وخارج الوطن , راح ضحية المؤامرة الإنفصالية الكثير من شهداء الوطن فقدموا التضحيات العظيمة , كما فدى اليمنيون الوحدة اليمنية بكل غالٍ ونفيس , وهذا بحد ذاته جدير بأن يُسّكت من يريد النيل من الوحدة الجغرافية اليمنية والعامل الفيوسلوجي لواحدية الإنسان اليمني وثقافته الأصلية والمكتسبة جيلاً بعد جيل منذ الأزمان الغابرة والعتيقة .
ولذا فنحن كيمنيين نعي حقيقة التاريخ ونعرف أنه بلاشك لم تكن السعودية بمنأى عن هذه المؤامرة واللعبة الدنيئة في حق اليمن واليمنيين (حرب الإنفصال) , وما تتعرض له اليمن اليوم من حرب عدوانية من قبل آل سعود وشلتهم امتداد فعلي لذلك الحقد الذي دفن في حينه وفي مدة لم تزد عن شهرين من اخماد نار الفتنة المفتعلة في حق شعب يرى في واحدية أرضه ومصيره شيئاً لا مناص منه ولا جدال أو مساومة فيه , وهو ما نلمسه اليوم من شعب الحكمة اليمنية وعبر تماسك جميع مكوناته وفئاته رغم العدوان السعوأمريكي وامعانه في خلق العداء والشحناء بين أبناء وبنات يمن واحد .
وهذا ليس هراء وإنما كل الدلائل والمؤشرات تشير إلى أنهم فقط يتشدقون بقضية اليمن وعلى أساس أن الوحدة هي في مأمن من كل الخلافات الداخلية والخارجية , في حين أن ما نلمسه كيمنيين لم يدل إلا على عظم المؤامرة في حق الشعب والوطن , والتي يكون في أول مشاريع ذلك العدوان ما من شأنه النيل من الوحدة اليمنية , والدليل رؤيتهم المفضوحة في محاولة تقسيم الوطن إلى ستة أقاليم وباسم الحوار الوطني , وكذا عدم ترك أي فرصة للسلام بين السياسيين اليمنيين فما أن تتقارب الرؤى والأفكار فيما بين اليمنيين إلا وإذا بها (بقدرة قادر) تعقد وتزيد المسألة سوءاً وتعقيداً , والسبب معروف , وهي الإملاءات التي تفرض على الطاولة للحوار من قبل العدو الحقيقي للشعب والوطن وهو تحالف الشيطان السعوأمريكي.
وهذا ليس بجديد لأن من يطمع في شيء لا بد من أن يحيك المؤامرات ويزرع الحيل وينشب العداء وينشر الخصام بين كل من لهم شأن أو يد في ذلك الشيء , أي العمل بمصطلح سايس بيكو ” فرق تسد ” , ما بالكم إن كان بلداً بكراً كاليمن , فهو في رأيي الشخصي بكر من حيث قلة الدهاء السياسي والخبرة في كيفية التعامل مع غازٍ محتل وطامع، وهو الشيء الوحيد الذي ينقصنا كيمنيين من أجل أن نصل إلى نضوج سياسي يخول لنا التفرد بإدارة الوطن والإستفادة من خيرات الأرض اليمنية البكر وتوحيد صفنا وكلمتنا ضد العدو الحقيقي والمتمثل بالعدوان السعوأمريكي , والتي لا ندري هل هي فعلاً بكر في الثروة أم بكر في النهم واللهث الحثيث والمتواصل من أجل لقمة العيش الهانئة أو وراء السراب وحمل السلاح , وكذا حتى نتقاتل أكثر ونتناحر أكثر حتى يصبح اليمن يانعاً وليس بكراً..
دامت الوحدة ودامت دماء الشهداء ذخيرة لمن يريد وجه الله ونصرة دينه ونبيه وآل بيته وأوليائه ويعشق تراب الوطن الواحد.
..ولله عاقبة الأمور..