من وعي وقيم ومشروع محاضرة السيد عبدالملك الحوثي الثالثة عشرة
عبدالفتاح حيدرة
المحاضرة الثالثة عشرة من محاضرات السيد عبدالملك الحوثي هي محاضرة ربط لتوصيف المتقين والمنهج الذي يهتدي به المتقون ووالاهتداء بالقرآن الكريم، ليتحدث اليوم عن صفات المتقين ومسيرة حياتهم ومواقفهم ومشروعهم في الحياة، هذه المسيرة التي تعتمد بالأول والأخير على القرآن وهداية الله، ومن يتجه بكتاب الله والاهتداء به يسعى لمعرفة هذا الهدى، إذ لا تحصل الهداية الا باللجوء إلى الله، الإنسان في مسألة الهداية لا يكفيه ان يكون ذكيا، وذا فهم عالٍ وقدرة كبيرة في الحفظ، الهداية هي هبة من الله بعد ان يسعى الإنسان للبحث عنها من الله..
من صفات المتقين الاهتداء بالقرآن والأخذ بأسباب هذه الهداية، ومنها الإيمان بالغيب والذي لابد منه للهداية والتقوى، الإيمان بالغيب هو عبارة عن مجموعة كثيرة من الحقائق الغيبية التي لم يشاهدها الإنسان كالعقاب والجزاء، واليوم الآخر، نحن نقر بالغيب والجنة والنار، ولكن هناك ضعفا بالإيمان بالغيب، الإيمان بالغيب يتطلب تصديقاً بإذعان وتقبل، يتطلب الإيمان بحقيقته التي لا شك فيها، لأن اليقين والإيمان القطعي بالحقائق الغيبية يدفع الإنسان للالتزام العملي الصحيح..
ان الإيمان والقطع واليقين بالحقائق الغيبية بما وعد الله به من الخير والعزة والكرامة يدفع الإنسان للتشوق للخير في حياته ، وحقائق القرآن لتحمل المسؤولية ، وإذا لم نتجاوز مرحلة التصديق فيها سوف تنتج مخالفات في الواقع العملي، إذ من الحقائق مثلا اننا نحن أمة لها أعداء تحاربها، والله يقدم لنا طريقة غيبية لمواجهة الأعداء ، وإذا اخذنا بها سوف ينصرنا، وهي (ان تنصروا الله ينصركم) والأمة التي هي بحاجة للنصر سوف تتبع طريقه الله والقرآن للنصر،لكن للأسف الكثير عندهم أزمة ثقة بالنصر الإلهي، وما دفع الكثير للارتماء في حضن الأمريكي والإسرائيلي هو تخليهم وعدم إيمانهم بنصر الله..
ان سياسة الإرضاء لأمريكا وإسرائيل هي طريقة الكثير عند أبناء الأمة من سياسيين وإعلاميين وزعماء، وهذه القناعة تتناقض مع الحقيقة القرآنية (ومن يتولهم منكم فهو منهم)، فمثلا إيمان حزب الله بالغيب، مكنه من الانتصار على إسرائيل في 2000م وفي 2006م، وكذلك شعبنا اليمني العظيم، انتصر على هذا التحالف منذ 4 سنوات، بينما كانت الحرب مخطط لها شهر أو شهرين فقط..
ان عدم الإيمان بالغيب له آثاره السلبية، وإذا تحقق الإيمان بالغيب لكان لدى الإنسان حذر كبير من تجنب هذه الآثار السلبية ، وعدم الإيمان به يؤدي الى تمكن العدو منه ومن بلده وشعبه وأمته، ولو شخصنا تشخصيا دقيقا لعرفنا ان سبب النكبات والكوارث التي تمر بها الأمة هو عدم الإيمان بالحقائق الغيبية ..
ان من صفات المتقين هو الإيمان بالغيب، وإيمان المتقين بالغيب هو الذي يحقق لهم الوقاية من الشرور، من الحقائق مثلا قوله تعالى (فلا تنازعوا فتفشلوا) هذه حقيقة قرآنية، إذا تنازعنا فشلنا، من صفات المتقون أيضا هي انهم يقيمون الصلاة، لان الصلاة وسيلة لتزكية النفس، الصلاة هي القيمة التي تشدك لله والتي تترك اثرها النفسي فيك التي تدفعك للتمسك بالله وبهداية الله..
المتقون معطائون (مما رزقناهم ينفقون) عطاء فيه تحقيق لتزكية النفس، لأن الشح هو من اخطر الأمراض التي تصيب النفس، ولا بد من ترويض النفس على العطاء، لأن النفس الجشعة لا يمكنها أن تكون متقيه أبدا، بمعنى أو بآخر المتقون يسلمون للناس رواتبهم ولا يحتجزونها شحا وأنانية، لأن هذا مرض، الشح مرض خطير جدا، لا يمكن ان يكون المتقي شحيح النفس..
المتقون مؤمنون بالمسيرة الدينية، ومؤمنون بهداية الله على طول طريقتهم في كل الأجيال والأزمنة، والإيمان بمسيرة الأنبياء والكتب تنطلق من توجه واحد، هو توجه إلى الله وكتاب الله، وما يميز المتقين هو اليقين بالإيمان بالآخرة، ولديهم دافع نفسي وكبير خوفا ورغبة على هدى من ربهم، والقرآن هو ما يدلهم لمواصلة الطريق، والله يمنحهم الهداية, بهذا التوجه، والمتقون هم في النهاية المفلحون، يعني هم الواصلون إلى الأهداف السامية والعظيمة..