*لتأكيد خيار المواجهة مع الكيان الصهيوني والقوى الاستعمارية الكبرى:
الثورة/أحمد المالكي
الحرب العدوانية التي تتعرض لها اليمن من قبل الدول الاستعمارية الإمبريالية الكبرى ممثلة بأمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرئيل وأذنابهم من الأنظمة العربية والخليجية العميلة وعلى رأسهم السعودية والإمارات منذ أكثر من ثلاثة أعوام تؤكد بما لايدع مجالاً للشك أنها حرب وعدوان اقتصادي بالدرجة الأساسية تهدف إلى خدمة مصالح الدول الاستعمارية وحماية الكيان الصهيوني من التهديدات التحررية المستقلة المناهضة للاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وفلسطين والأقصى الشريف والتي بدأت تتعاظم وتزداد قوة وارتفاعاً في اليمن منذ أن صرخ الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي بشعاره المدوي “الموت لأمريكا ، الموت لإسرائيل” مطلع هذا القرن مروراً بثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م التي استشعر “نتنياهو” خطرها ثم قرار الحرب والعدوان على اليمن الذي أعلن من واشنطن ليلة الـ 27 من مارس 2015م وحتى الآن ولأن الصراع العربي الصهيوني صراع وجودي بين الحق والباطل وبين الاستعمار والاحتلال والتحرر فقد كشف المعتدون والغزاة والمحتلون عن أطماعهم “الجيو اقتصادية” في اليمن بالسيطرة على المناطق الاستراتيجية ومنابع الثروة والنفط مركزين بالدرجة الرئيسية على الحرب الاقتصادية القذرة بحصار وتجويع اليمنيين بمختلف الطرق والأساليب غير الإنسانية وفي ذات الوقت يؤكد اليمنيون ارتباطهم الأصيل والمستمر بالقضية المركزية للأمة العربية والإسلامية وتحرير القدس والأقصى من دنس اليهود الأمر الذي يفرض تبني سياسات اقتصادية لمواجهة الكيان الصهيوني والأطماع الأمريكية مبنية على اقتصاد الحرب والدفاع إلى التفاصيل:
وبما أن السياسة تعبير عن المصالح الاقتصادية فكل دولة وكل فئة داخل الدولة تتخذ مواقفها السياسية من مختلف القضايا في ضوء ما يلائم مصلحتها الاقتصادية والحروب تعبر بلغة مختلفة عن مواقف سياسية وهكذا فالعلاقة وثيقة بين الحرب والاقتصاد والحروب الاستعمارية بمختلف أنواعها كانت بغرض المكاسب الاقتصادية وعندما تشعر أي دولة معتدية أن تكاليف الحرب أكثر مما تدره عليها من أرباح اقتصادية تحجم عنها وتبحث لنفسها عن مخرج منها في النهاية.
حروب الهيمنة
وبحسب خبراء الاقتصاد فإنه لابد من التفريق بين حروب التحرير والحروب الدفاعية التي تكون مفروضة بفعل العدوان الخارجي والاحتلال والمساس بالسيادة الوطنية والحروب العدوانية والاستعمارية التي يهدف مفجروها إلى تحقيق المكاسب والإرباح الاقتصادية, فالأولى بخلاف الثانية ليست خاضعة لحسابات الربح والخسارة أو على الأقل حساباتها مختلفة تنطلق من حساب الوجود أو اللا وجود وهذه الحروب مفروضة ويجب الإعداد لها اقتصادياً وسياسياً دفاعاً عن الوجود القومي والحضاري كما هي حال الحروب العربية الإسرائيلية فهي عدوان إمبريالي على الأرض العربية بداية من فلسطين ثم سوريا ولبنان مروراً باليمن وذلك لتحقيق مزيد من التوسع والكسب وفرض الهيمنة على الموارد والأسواق العربية تبعاً لحاجات العدو الصهيوني والقوى الإمبريالية والاستعمارية التي تقف وراءه وتدعمه في عدوانه, وهو ما نلمسه من خلال الدعم الأمريكي الغربي الإسرائيلي للسعودية والإمارات في عدوانها على اليمن.
الربح والخسارة
وما دامت الحرب الإسرائيلية على الأرض العربية رابحة وفقاً للخبراء بالمقاييس الاقتصادية سواء لإسرائيل أو للقوى الداعمة لها فإنها ستستمر بالمحافظة على الأراضي المحتلة من جهة والعمل على احتلال أراض جديدة من جهة ثانية أما عندما يصبح الاحتلال والعدوان عبئاً اقتصادياً على العدو الصهيوني وعلى القوى التي تقف وراءه فلا بد أن يتغير الموقف وستعمد الأطراف المعتدية والداعمة له إلى البحث عن تسوية تحاول من خلالها الحصول على اكبر مكاسب ممكنة في ضوء نسبة القوى الفاعلة على الساحة, وهنا تدخل في الحساب كل عناصر الربح والخسارة ومنها تكاليف الاستمرار في العدوان او التوسع وكذلك الأرباح الناجمة عن إقرار السلام في المنطقة سواء ما تتعلق منها باختصار تكاليف الحرب او ما يتعلق منها بالفرص الاستثمارية وتوسيع الأسواق للسلع المدنية أو أرباح البناء وإعادة الاعمار وغيرها، والحساب وفقاً لخبراء الاقتصاد لا يجري من منظور العدو الصهيوني وحسب بل من منظور القوى الداعمة له, إذ تشمل تكاليف المساعدات العسكرية التي تتحملها تلك القوى والخسائر الناجمة عن المقاطعة التي تصيب شركاتها إضافة إلى مشاعر الغضب التي تنتاب الشارع العربي نتيجة الانحياز الغربي للعدو الصهيوني وما يسببه من أضرار اقتصادية تلحق بالاقتصادات الغربية.
عوامل القوة
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن المهم للاقتصاد العربي في مواجهة العدوان الصهيوني يتمثل في دعم واستثمار عوامل القوة المتمثلة في توافر مصادر مالية كبيرة وقوة عمل بشرية غزيرة إضافة إلى التنوع المناخي وسعة السوق العربية وضخامة الموارد الطبيعية التي توفر للأمة العربية مركزاً تفاوضياً قوياً وعامل ضغط كبير على القوى الاقتصادية الكبرى وذلك إذا أحسن استخدام هذه العوامل من قبل القوى العربية المقاومة والمناهضة للكيان الصهيوني وللوجود الأمريكي في المنطقة, كما يجب وفقاً للخبراء أن يتم العمل على إضعاف قوة العدو لتتحول حربه العدوانية إلى عبء اقتصادي ليس عليه وحسب بل على داعميه أيضاً, إذ تعد المقاطعة العربية للشركات المتعاملة مع العدو الصهيوني سلاحاً قوياً كما تعد المساعي والضغوط العربية لتقليص المساعدات الخارجية المقدمة إلى إسرائيل وسيلة أخرى فعالة لكسب المعركة في مصلحة الحق العربي.
لأغراض الحرب
يشار إلى أن المساعدات العسكرية التي يتلقاها الكيان الصهيوني من الولايات المتحدة الأمريكية تصل إلى نحو ملياري دولار, أي ما يعادل 16% من مجموع الناتج القومي, ويلاحظ أن إسرائيل تخصص مبالغ أكبر ونسبة مئوية أعلى من دخلها القومي لأغراض الحرب إذ بلغ إنفاقها الحربي مطلع الثمانينيات أكثر من 8.242 مليار دولار إضافة إلى المبالغ الإضافية التي انفقتها لتغطية نفقات حرب لبنان والمقدرة بنحو 1.5 -2 مليار دولار, وفي عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين كانت إسرائيل تخصص ما بين 30 – 25% من الدخل القومي لتمويل عملياتها الحربية ما يؤكد السياسة والتوجهات العدوانية والاستعمارية لهذا الكيان الغاصب ضد الأمة والبلدان العربية تحديداً ومنذ وقت مبكر.
انعكاسات
يرى المحللون وخبراء الاقتصاد أن انعكاس النفقات الحربية في إسرائيل تختلف عن انعكاس عن انعكاس الانفاق الدفاعي في البلدان العربية, كون الاقتصاد الإسرائيلي موجها أصلاً باتجاه اقتصاد الحرب من حيث بنية الصناعات واستقبال المهاجرين الشبان من كل بلدان العالم لدعم القوة البشرية العسكرية, ولذلك فإن الاقتصاد الإسرائيلي في حالة تعبئة مستمرة ومهيأة لخوض الحروب الخاطفة وتوجيه ضربات سريعة إلى الاقتصادات العربية كما أن عسكرة الاقتصاد في الكيان الصهيوني وفقاً للمحللين والخبراء ظاهرة واضحة بكل المقاييس سواء من حيث نسبة الانتاج الحربي من الناتج القومي الإجمالي أو من حيث نسبة الصادرات العسكرية إلى مجمل الصادرات أو من حيث نسبة عدد العاملين في القوات المسلحة وإنتاج الأسلحة والخدمات المرتبطة بالإنتاج الحربي إلى مجموع القوة البشرية.
انفاق عسكري
ويتحمل الاقتصاد الإسرائيلي أعلى عبء انفاق عسكري في العالم إذ يصيب الفرد الواحد من النفقات الحربية ما يقرب من 1500 دولار سنوياً كما يبلغ عدد العاملين في القوة العسكرية أكثر من خمسين شخصاً لكل ألف شخص من السكان، ولكن ما يخفف من وطأة هذا العبء إلى حد ما – وفقاً للمحللين هو الإنتاج الحربي المحلي والصادرات العسكرية الإسرائيلية من هذا الإنتاج خلافاً كما هي عليه الحال في البلدان العربية إذ ليس للصناعات الحربية فيها دور يذكر حيث يتم الاعتماد فيها على استيراد الأسلحة والذخائر، وعلى ذات الصعيد فقد بلغت مستوردات البلدان العربية من الأسلحة التقليدية في عقد الثمانينيات ما يزيد على 91 مليار دولار في حين لم تستورد اسرائيل سوى ما قيمته أقل من 7.5 مليار دولار لنفس الفترة التي صدرت فيها اسرائيل من مجمل الصادرات ما قيمته 2.563 مليار دولار في حين لم تصدر البلدان العربية مجتمعة سوى 2.614 مليار دولار فقط ،الأمر الذي يوضح حجم الفارق الكبير بين اقتصاد الحرب الصهيوني واقتصاد الدفاع العربي الضئيل وهو ما يوجب على البلدان العربية المواجهة للكيان الصهيوني والتواجد الأمريكي الاستعماري في المنطقة أن تتخذ مزيدا من السياسات والإجراءات الاقتصادية والعسكرية والثقافية لتعزيز عوامل الصمود والمواجهة.
الردع الاقتصادي
وبلا شك فإن اليمن أدركت الأهمية القصوى للمواجهة الاقتصادية مع أعداء الأمة, وهو ما أكده الشهيد القائد في أكثر من مناسبة في محاضراته ودروسه التي يؤكد فيها على أهمية الاعتماد على الذات ومقاطعة البضائع الإسرائيلية والأمريكية وأهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي عن طريق تشجيعة المنتجات المحلية… الخ, وبالتزامن مع استمرار العدوان الأمريكي الإسرائيلي السعودي الإماراتي على اليمن للعام الرابع على التوالي يؤكد السيد القائد عبدالملك الحوثي في أكثر من خطاب على أهمية مواجهة العدوان الاقتصادي المدمر على اليمن وهو النهج الذي اختطه الرئيس الشهيد صالح الصماد والذي أكد على ضرورة تبني خطط قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتشجيع القطاع الزراعي والإنتاج المحلي وذلك في سياق المواجهة العربية مع الكيان الصهيوني وداعميه الغربيين من الأمريكان والأوروبيين وغيرهم والتي فرضت على اليمن أن يكون الآن في صدارة المواجهة العسكرية والاقتصادية, وما المشروع الذي أطلقه الشهيد الرئيس الصماد قبل استشهاده بأيام والمتمثل بمشروع ” يد تبني ويد تحمي” إلا تأكيد واستشعار من قيادة اليمن الثورية والسياسية على المضي قدما في التحدي والمواجهة مع الكيان الصهيوني والقوى الامبريالية الاستعمارية الكبرى الطامعة في نهب ثروات ومقدرات الشعب اليمني والأمة العربية والإسلامية وما مسيرة القدس الكبرى التي اقيمت في صنعاء مطلع الأسبوع الجاري إلا رسالة من الشعب اليمني لتعزيز خيار المواجهة والتحدي, وهاهي اليمن قد اكتفت ذاتيا من صنع الذخائر وبدأت بقوة في تطوير وتصنيع قوة الردع الصاروخية التي أرعبت الصهاينة والامريكان واذنابهم في المنطقة وبالمشروع الصمادي “يد تبني ويد تحمي” سيحقق اليمنيون قوة الردع الاقتصادية الكبرى بإذن الله سعيا لبناء جيش عظيم واقتصاد عظيم ودولة يمنية عظمى موقنين بالنصر المبين الذي نراه قريبا بلاشك يلوح في الأفق.